ماذا بعد سقوط الأسد؟
كريم فرمان
ما كان أفضل وصف للحالة الجديدة في سوريا ما قاله الناطق باسم الأمن القومي الأمريكي بان اي وضع جديد في...
حالة الانقسام السياسي والمخاوف من الانزلاق إلى حرب أهلية، وتعنت الأطراف السياسية المتخاصمة على مدى الأشهر الماضية، والتخبّط والتعثّر والإرباك الذي يسود صفوف الإطار التنسيقي الشيعي والذي يراوح ما بين القلق والحذر والفوضى، ويقين الجميع من ان الشعب العراقي منهك جراء الفساد وإنه لم يعد يحتمل المزيد من التصارع، وضغط التيار الصدري، حتماً سيسهم في إستشعار الإطاريين للأخطار القادمة وتداعياتها وإنعكاساتها التي تؤشر الى مالا يُحمد عُقباه، ويدعوهم الى التوجه نحو حسم الإستحقاقات الدستورية بأسرع وقت ممكن خوفاً من الإنتقام من جهة، ورغبة في ترتيب الأوراق المبعثرة، والخروج من هذه الأزمات بأقل الخسائر من جهة أخرى، سيرغم الإطاريين على تقديم التنازلات غير الحقيقية الى الأطراف الأخرى، وبالذات البارتي (الحزب الديمقراطي الكردستاني).
الإطاريون، يعرفون جيداً من يرسم الملامح الواضحة والمعاني الختامية في تحديد إتجاهات ومسارات المعادلة السياسية في العراق. ولكن بعنادهم ومبادراتهم العديدة وشعاراتهم وتصريحاتهم، يريدون إستقطاب بعض أطراف المعادلة، والتهرب من الحقيقة وإقناع الآخرين عبر تقاسم رمزي للسلطة، وليس حل المشكلات بين الأطراف المتنازعة، ويريدون تكرار المشاهد السياسية السابقة لضمان حصصهم وإمتيازاتهم ومواقعهم الحساسة وإستئثارهم بالسلطة والانفراد بالقرار السياسي، ويعرفون أن كلامهم وإتفاقاتهم ومخرجات حوارهم مع الكرد والعرب السنة لن تسري على جميعهم، وسيجدون دوماً في صفوفهم من يعارض تلك النتائج وبالذات الجماعات المسلحة الموالية للخارج.
في هذا التوقيت العراقي الصعب، يريد الإطار التنسيقي، المضي بعملية تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، وحتماً، يستعد عدد من قادة الإطار لزيارة اربيل، أو الإجتماع مع وفد البارتي في بغداد. وهم يعرفون أن البارتي الراسخ على أرضية قويَّة، ليس بالرقم البسيط أو السهل الذي يمكن إرغامه على التعاون معهم ضد التيار الصدري، أو التنازل عن ثوابته وإستحقاقه الإنتخابي وحقوق شعب كردستان الدستورية.
و(لو) فرضناً أنهم ردوا خلال الاجتماع على كل أسئلة البارتيين المعروفة والواضحة لدى المراقبين، وأكدوا أنهم يريدون تصحيح المسارات بحكمة، وتسوية القضايا الخلافية بحصافة، وتصويب الأخطاء في العراق بصورة مغايرة. وأعربوا أنهم حسبوا الحجم والنفوذ الحقيقي للبارتي ولا يُنكرون أن له تأثيره المحلي والإقليمي والدولي، وجمهوره وقواعده الشعبية، وقالوا عكس كل ما كانوا يزعمون، وإعتذروا بشأن الإتهامات التي وجهت للرئيس مسعود بارزاني والبارتي وشعب كردستان وعن إطلاق الدرونات والصواريخ والكاتيوشات وعن إصدار القرارات القضائية المسيسة وحرق مقر البارتي في بغداد ومنع مرشحه السابق السيد هوشيار زيباري من تسلم مهام رئاسة الجمهورية، ووعدوا بتلبية كل المطالب التي تدور حول إختيار رئيس الجمهورية، وتسوية بل حتى الغاء قرار المحكمة الاتحادية المتعلق بنفط وغاز كردستان الذي صدر بضغطهم، وإقرار قانون النفط والغاز في البرلمان العراقي بأسرع وقت ممكن، وتنفيذ إتفاقية شنكال والمادة 140، وتخصيص 17% أو أكثر من الموازنة الإتحادية لإقليم كردستان، إضافة إلى تخصيصات البيشمركه، وحددوا سقوف زمنية ملزمة لتنفيذ مجمل الإتفاقات.
مع ذلك كله: وبالإستناد على المنطق السياسي السليم المعبر عن حال كردستان والعراق، وحاجات وتطلعات العراقيين، لا نتوقع أن يثق البارتي بهم وبوعودهم والتفاعل أو الإتفاق معهم على حساب الطرف الشيعي الآخر.