ماذا بعد سقوط الأسد؟
كريم فرمان
ما كان أفضل وصف للحالة الجديدة في سوريا ما قاله الناطق باسم الأمن القومي الأمريكي بان اي وضع جديد في...
ينتابني حزنٌ عميق لما جرى لأفراد اللواء الرابع حماية رئاسية يوم أمس في مأرب، مثل ذلك الذي أحسست به يوم قصف معسكر الجلاء ومنصة الحبيلين وصالة العزاء بصنعاء وربما أعظم.
جريمةٌ يُقتَل فيها أكثر من مائة شابٍّ وضعفهم من الجرحى، كلهم في مقتبل العمر، أوهمهم قادتهم بأنهم أخذوهم إلى حيث الأمان وأنهم سيتأهلون للمستقبل فأهلوهم إلى الآخرة.
ما يضاعف من حزني أن الضحايا من أبناء محافظتي، محافظة أبين، وبعضهم أبناء وإخوان أصدقائي وبعضهم أصدقاء أولادي.
يتناقل قادة البلد (الشرعيون) الخبر باستمتاع ويقول البعض: "نحن شعب البطولات"، "نحن لا نهاب التضحيات"، . . . نعم هم لا يهابون التضحية بأبناء الفقراء أما هم وأبناؤهم فيتحصنون وراء حمايات مشددة تحرسهم من ملامسة النسيم أو ذرات الغبار.
يا فخامة الرئيس!!
هل لديكم وسيلة لتعليم قادتكم العسكريون كيف يخجلون؟
لقد انتزعت من أكثر َوزرائك ومستشاريك وقادة جيشك فضيلة الخجل، فصاروا يشاهدون دماء وجثث الجنود تتطاير وكأنها قطع بطيخ انقلبت بها الناقلة على قارعة الطريق.
أرجوك يا فخامة الرئيس!!
ابحث عن مستشفى في أي مكان في العالم، تزرع هرمون الخجل وابعث نائبك القائد العسكري الجهبذ، ووزير دفاعك المقاتل الهمام، ومستشاريك العسكريين والسياسيين، ليزرعوا الغدة التي تفرز هذا الهرمون لعلهم يخجلون فيقدمون استقالاتهم ويتركون المناصب الحكومية (التي لم يرثوها عن آبائهم وأجدادهم) لمن هو أفضل وأكفأ وأكثر شعورا بالمسؤولية على أرواح الناس وبالعار من الهزائم المتتالية منهم، ممن تمتلئ بهم البلد..
يا فخامة الرئيس!!
هل تعلم أن حكومة بكاملها في بلد مثل اليونان، استقالت بسبب شظية مرتدة من طلقة أطلقها شرطي لفض اعمال شغب، فمتى ستستقيل حكومة فخامتك؟ . . كم روحٍ يجب أن تزهق وكم جثمانٍ يجب أن يسجى وكم مذبحة للجنود البسطاء يجب أن تجري وكم دمار يجب أن يرتكب حتى نسمع عن مسؤول أكرمه الله بالخجل والشعور بالعار فاستقال؟
جرائم سقوط الجنود بالعشرات في أعمال عدوانية ملتبسة ومشبوهة وغامضة، (من تلك التي تقيدونها ضد مجهول) ليست جرائم من يرتكبها، معلوماً كان أم مجهولاً، بل إنها جرائم القادة (الشرعيين) الفاشلين المتخاذلين ومدمني الهزائم وأكاد أقول المشاركين في ذبح الجنود مراتٍ ومرات، فلا هم هزموا عدواً ولا هم استعادوا عاصمةً ولا هم أتقنوا كيف يحافظون حتى على جنودهم لكنهم نجحوا في التفريط بكل شيء بما في ذلك مكانة الرئيس واسمه وسمعته والاستثمار في شرعيته، ولا أتحدث عن أكذوبة "هيبة الدولة" فقد مرغوها في الوحل باستمتاع لا ينافسهم عليه حتى مرضى السادية المازوشية.