فتح المعبر الحدودي ينعش النشاط التجاري بين ليبيا وتونس

عودة النشاط التجاري بين تونس وليبيا

تونس

استرجعت الحركة التجارية على الحدود بين تونس وليبيا نسقها المعتاد بعد فترة من التوقّف والكساد فرضها إغلاق الحدود بين البلدين بسبب الأزمة الصحية، حيث عادت الأسواق في جنوب تونس إلى نشاطها مع توفر السلع.

وأكد آمر المعبر الحدودي برأس الجدير فتحي الجريء، أن الحركة عبر المعبر انتعشت من جديد، رغم التطبيق الصارم للشروط الصحية التي نصّ عليها الاتفاق، مؤكدا أن التجار تجاوزوا مراحل التعثر وانضبطوا إلى القيود الصحية.

وقال في تصريح إعلامي إن “حركة الأفراد والسلع عادت إلى مستوياتها السابقة، حيث يقدر معدل العبور اليومي للأفراد بنحو أربعة آلاف شخص، فيما يتواصل تدفق السلع نحو الجارة الجنوبية ليبيا بانسياب كبير”.

وشهدت المناطق الحدودية في الجنوب التونسي حالة من الركود التجاري والاقتصادي، بعد خسائر كبيرة راكمها التجار في المنطقة التجارية المغاربية، نتيجة تواتر غلق المعابر منذ عام 2011 وبدرجة أشد منذ 2015.

وتعدّ ليبيا ثاني شريك اقتصادي لتونس بعد الاتحاد الأوروبي، بحجم مبادلات يفوق خمسمئة مليون دولار سنويا، كما بلغت تحويلات قرابة مئة وخمسين ألف تونسي كانوا يشتغلون في ليبيا قبل سنة 2010 نحو ستين مليون دينار تونسي في الشهر (21.25 مليون دولار).

وتمثل ليبيا العمق الاستراتيجي لتونس باعتبار العلاقات الاقتصادية المتطورة، لكن الأزمة الليبية على امتداد السنوات العشر الماضية رمت بظلالها على الاقتصاد التونسي المتخبط في الأزمات بسبب الاضطرابات الاجتماعية وتراجع نسب السياحة والاستثمار.

وكشف تقرير حديث للبنك الدولي أن تونس تخسر نحو 800 مليون دولار سنويا كتأثير مباشر للأزمة الليبية، بين استثمارات وصادرات.

ووفقا لدراسة أعدها البنك الدولي عن “تونس – ليبيا”، شملت الخسائر رقم معاملات المؤسسات التونسية المستثمرة في ليبيا والمصدرة والمؤسسات غير المرتبطة اقتصاديا بصفة مباشرة مع ليبيا، بسبب غياب مناخ الاستثمار على المستوى الإقليمي.

وشهدت العلاقات بين البلدين  توترا سياسيا في الفترة الأخيرة، بسبب إجراءات غلق الحدود وتضرر مصالح التجار والمواطنين، فضلا عن تهديدات إرهابية على حدود البلدين في شهر يوليو الماضي.

 وقادت منظمات الأعمال المشتركة جهودا كبيرة من أجل تنظيم تظاهرات اقتصادية وتجارية، بهدف إعادة التعاون بين البلدين إلى مستويات ما قبل عام 2010.

ورغم صرامة البروتوكولات الصحية التي تم وضعها وتقييد السفر بشروط السلامة من فايروس كورونا وإخضاع غير الملقحين للحجر الصحي الوجوبي، يشهد معبر رأس الجدير حركة تجارية مكثفة، حيث يتجاوز معدل العبور اليومي للأفراد الآلاف من الأشخاص.

وفي منتصف سبتمبر الماضي، تم فتح المعبر الحدودي البري بين تونس وليبيا وفقا لشروط صحية صارمة، بعد فترة إقفال دامت ثمانية أسابيع، تسببت في بطالة قسرية لتجار الجنوب التونسي وشح في البضائع.

وتم بمقتضى البروتوكول الصحي، اشتراط إخضاع الوافدين إلى البلدَين لفحص “بي.سي.آر” لم تمض على إجرائه اثنتين وسبعين ساعة، يثبت سلامة المسافر من كوفيد – 19، مقابل إخضاع غير الملقحين ضد فايروس كورونا لحجر صحي وجوبي لمدة عشرة أيام في نُزل جرى تسخيره لهذا الغرض في البلدين.

وسبق أن أكّد رئيس المجلس البلدي بمدينة بنقردان فتحي العبعاب عودة النشاط التجاري بين تونس وليبيا إلى مستويات عالية، وقال إنها لم تسجّل منذ ثورتي البلدين، مضيفا في تصريحات صحافية “تعيش المدينة الحدودية وبقيّة مدن الجنوب على وقع المصالحة الليبية، ونسق تدفق السلع ما بين البلدين سريع ومتواتر”.

وأشار إلى أنّ ما بين 300 و400 شاحنة سلع تعبر يوميا من الجانب التونسي نحو السوق الليبية، معتبرا أنّ كلّ المؤشرات إيجابية وأنّها تُنبئ بعودة قوية للعلاقات التجارية بين البلدين في ظرف وجيز.

وفي نوفمبر الماضي، تمت إعادة فتح التجارة عبر المعابر التونسية الحدودية مع ليبيا، بعد 8 أشهر من إغلاقها وتعثّر عمليات التصدير بين البلدين بسبب الاضطرابات الأمنية والسياسية، غير أنها اصطدمت بجائحة كورونا وتواصل القيود التي فرضتها سلطات البلدين على المسافرين، فضلا عن تزايد المخاوف من عدم استكمال مسار المصالحة بين الفرقاء الليبيين.

ويعتبر سوق الصرف الموازي في مدينة بنقردان أكبر سوق عملة مواز في تونس، حيث يقدر حجم التحويلات اليومية من العملة الصعبة إلى الخارج، انطلاقا من مدينة بنقردان، بأكثر من مليوني دينار.