المسافة الواحدة

علامة استفهام حول الموقف الروسي من الأزمة الليبية

وكالات

تشهد الأزمة الليبية تصاعدًا كبيرًا في الأحداث مرجعة تعدد القوى الدولية اللاعبة في هذا الإطار، ففي 22 يوليو 2020 التقى وزير الخارجية الجزائري، صبري بوقادوم، نظيره الروسي سيرجي لافروف في موسكو للتأكيد على دعمهما للحل السياسي في ليبيا.

وشدد الطرفان على مخرجات مؤتمر برلين (يناير 2020)، كحل جاد للأزمة الليبية، مشيرين إلى رفضهما للحل العسكري ووجود قوات أجنبية بطرابلس، إذ أن الحل السياسي هو الأفضل للقضية التي تشكل بعدًا أمنيًّا مهمًا لمنطقة شمال أفريقيا لحدودها المشتركة مع مصر وتونس والجزائر.

وطالب سيرجى لافروف، كلًا من مصر والجزائر وتونس بلعب دور أكبر في التسوية السياسية للأزمة الليبيبة كونها تمثل جزءًا من أمنهم القومي، مشددًا على ضرورة وقف إطلاق النار في البلاد بشكل فوري والعمل على حل سياسي للقضية اعتمادًا على الحوار.

 

مسافة واحدة من كل الأطراف

يبدو الأخطر في حديث الجانب الروسي حول الملف هو التأكيد على أنهم على مسافة واحدة من كل الأطراف الليبية بما يؤشر ذلك على حياد سياسي ينضوي على قبول حكومة «الوفاق» المدعومة تركيًّا كجزء من الحل، وهو بالطبع ما يعبر عن الرؤية الروسية للصراع، إذ أنها تعتبر أنقرة شريكًا استراتيجيًّا بحكم ارتباطات الطاقة فيما بينهما، فتركيا تلعب دورًا مهمًا في نقل الغاز الروسي إلى أوروبا التي تعتمد عليه بنسبة لا تقل عن 40% ما يعرف دوليًّا باحتلال الغاز الأوروبي.

كما اتجهت الرؤية الروسية التي أعرب عنها «لافروف» للهجوم على حلف الناتو، معتبرًا أن دوره في بداية الأزمة الليبية كان سببًا في هشاشة معالجتها حاليًا، وبالطبع فإن الصراعات بين حلف شمال الأطلسي وموسكو واضحة تمامًا، والكل يريد توظيف معاركه على حساب الأزمة الليبية.

 

موسكو وبروكسل.. لمن الغلبة في ليبيا؟

يذكر أن روسيا دعت الأطراف الليبية المتمثلة في قائد الجيش الوطنى الليبي المشير خليفة حفتر، ورئيس حكومة الوفاق في طرابلس «فايز السراج» للتباحث على أرضها بشأن الأزمة، ولكن المناقشات لم تؤت ثمارها آنذاك إذ خرج «حفتر» دون التوقيع على اتفاق، ونتيجة لهذه المساعي التي اعتمدت فيها روسيا على كونها حليفًا للجميع إلى جانب رغبتها في إعادة تفعيل عقود استثمارية وقعتها في ليبيا قبل قيام أحداث 2011، ومقتل الرئيس الليبي الراحل العقيد معمر القذافي، احتدمت النقاشات في أوروبا حول تراجع دور «بروكسل» في القضية مقابل موسكو وتركيا والأطراف الأخرى.

ما أعقبه عقد لمؤتمر برلين الذي انتهى إلى مخرجات مهمة حول الحل السياسي ووقف إطلاق النار وإلزام جميع الأطراف الدولية بعدم إدخال السلاح أو الميليشيات الإرهابية إلى ليبيا، وهو ما لم تلتزم به أنقرة بعدما أدى إلى انسحاب فرنسا من بعض أعمال الناتو اعتراضًا على التصرفات التركية في بحر المتوسط تجاه سفن التفتيش عن الأسلحة.

 

الدول العربية وحروب الوكالة

أفرزت ما عرفت بموجات الربيع العربي مفهوم الحروب بالوكالة على وضوحه التام، أي أن هذا المفهوم كان موجودًا في المنطقة منذ أمد وكان يمثله حزب الله اللبناني لصالح طهران بامتياز في المنطقة، إلا أن «الربيع العربي» كشف الكثير عن هذا الاتجاه وجعله أكثر وضوحًا لمن يريد الحقيقة.

وفي ضوء ما سبق، هل تتجه الأوضاع في ليبيا نحو حرب بالوكالة مثلما تفعل حاليًا حكومة الوفاق لصالح مصالح أنقرة من الغاز والنفط والتمهيد لقواعد عسكرية تشعل منطقة المتوسط؟، وعن هذا يقول الباحث في الشؤون التركية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، «كرم سعيد» في تصريح إن أوروبا لن تقف مكتوفة الأيدي أمام مخطط إشعال طرابلس بالحروب بالوكالة لما تمثله من أمن قومي وجغرافي بالنسبة لها، كما أنها لا تريد تكرار أزمة الابتزاز التركي بقضايا اللاجئين والمهاجرين.