العائدات بالعار والخطر..
تقرير: تخوفات أوروبية من داعشيات القارة العجوز

"أرشيفية"
هُنَّ.. بين التخلي عن المعتقدات المتطرفة لأيديولوجية فكرية إرهابية والتمسك بها، مصيرٌ غامضٌ يعتري رحلة بحث نسوة «داعش» عن وهم الدولة الإسلامية، بعد أن تركن بلادهن، وانضممن إلى التنظيم كنساء وزوجات لعناصره، وأثناء الحرب للتخلص من ذاك السم والفرار من الجحيم المُخلف، باتت العائدات لبلدانهن يشكلن خطرًا جديدًا يهدد الأمن في أوروبا، منهن من يردن العودة والرجوع للصواب، ومنهن من يرين أنفسهن لسن عرائس أو ضحايا تم التلاعب بهن، وبعضهن خطط لهجمات إرهابية في الخارج، كونهن جزءًا من الدعاية والترويج للتنظيم، وأصبح تغيير معتقداتهن أمرًا شبه مستحيل.
تحذيرات دولية
ووسط دعوات دولية كثيرة من المخاطر التي ستخلفها هذه المعضلة، حتى الآن لم يتم الوصول لحل مُرضٍ، وجاءت آخر تلك الدعوات من المديرية التنفيذية لمكافحة الإرهاب التابعة للأمم المتحدة، حذرت فيها من خطورة عدم خضوع نسوة تنظيم «داعش» إلى المحاكمة؛ ما سيؤثر بشكل سلبي على الجهود المبذولة لإلحاق هزيمة دائمة بالتنظيم.
وجاء في تقرير المديرية، الذي شمل 80 دولة من أعضاء الأمم المتحدة، أن «الوضع خطير بسبب قلة عدد النساء من داعش اللاتي يتعرضن للمساءلة؛ حيث إن العديد من الدول مترددة في إعادتهن إلى أوطانهن، وأنه من الصعب تحديد عدد النساء من أعضاء داعش اللواتي حوكمن، أو يمكن اتهامهن بارتكاب جرائم، وأن المعلومات الدقيقة عن مصير النساء العائدات إما غير متوفرة أو متاحة جزئيًّا فقط».
وأوضح التقرير أن هناك صعوبة بالغة في تتبع أثر ما مارسته نساء داعش، والأدلة على تورطهن وارتكابهن الجرائم، فهو أمر ليس بالسهل؛ إذ جرت العادة توثيق التنظيم الممارسات للعناصر الذكور في المواد الدعائية، وخلال بث مقاطع فيديو مصورة لهم، بخلاف النساء.
وما زاد الأمور تعقيدًا، أن الباحثين في الأمم المتحدة لم يجدوا جهوزية لدى بعض الدول المعنية لمحاكمة نساء «داعش»، كما وجدوا -خاصةً في أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية- أنه من الممكن حصول النساء على أحكام مخففة عن الرجال المنتمين للتنظيم، وأن بعضهن لم يصدر بحقهن أي عقوبة من الأساس.
وقد قالت الباحثة في برنامج التطرف بجامعة جورج واشنطن «ديفورا مارغولين»: إن «جَمع هذه الأدلة يصبح أكثر صعوبة كلما مر الوقت؛ إذ يصبح الناس أقل تعاونًا، أو ينسى الكثيرون هذه الأحداث، وهذا لا يعني أن نساء داعش لم يرتكبن فظائع، نحن نعلم أن النساء كن جزءًا من شرطة الأخلاق، وحراسة النساء الأخريات، إضافة كونهن جزءًا من التجارة بالفتيات».
إشكالية العودة
بلا مال.. بلا طعام.. بلا آدمية.. مصير غامض يواجه البعض ممن يقطن المخيمات السورية من نساء تنظيم «داعش»، ويحلمن بالعودة إلى بلدانهن الأصلية، التي أغلبها دول أوروبية، بعد أن عانوا في سبيل جهاد زائف، لم يجدوا فيه ما جئن للبحث عنه، إلا إذا كنت مثلهم، وتطبق الدين والعقيدة المتطرفة ذاتها، فإما أن تغادر وتكون متأكدًا من أنك ستسجن، وإما أن تبقى وتكون على دراية أنك ستموت.
وقد نبعت التخوفات الأوروبية من إشكالية العائدات إلى بلادهن، من كونهن قنبلة موقوتة في وجه المجتمع الأوروبي حال عودتهم، ودورهن كـ«ضابط لوجستي» لحماية المقاتلين، مما أكسبهن خبرة عسكرية، وخطرهن في نشر الأيديولوجية الفكرية للتنظيم، كونهن أمهات مربيات لنشء جديد مخصب للاستقبال دون تمييز، وقائمين على تربية أطفالهن بنفس النهج المتطرف، أو سعيهن بعد عودتهن لقيادة خلايا أو شبكات لتجنيد أشخاص آخرين.
وفي ظل تزايد «الإسلاموفوبيا» وما يواجهه العالم من تخوفات نحو الإسلام، تمكن تنظيم «داعش» من بث الذعر من المزاعم الدينية التي سعوا إلى ترويجها، واستخدم التنظيم أدوات فعالة في عمليات تجنيده لعناصر جدد، محاولًا القضاء على المنطقة الرمادية للتعايش مع المسلمين في الغرب.
أما عن موقف الدول الأوروبية تجاه هذه القضية، هناك عدد من الدول رفضت عودة أي شخص سافر للانضمام إلى التنظيم، ولم تكتفِ بذلك فقط، بل هناك دول ذهبت أبعد من ذلك إلى حد تجريدهم من جنسيتهم، مثل بريطانيا وألمانيا والدنمارك وأستراليا وإندونيسيا.
وقد بلغ عدد النساء اللواتي عدن من صفوف «داعش» إلى بلدانهن الأصلية، حتى 2019، حوالي 609 سيدات، في حين توجد أكثر من 18 ألف امرأة مرتبطة بالتنظيم في مخيمات النازحين، مثل مخيم الهول في شمال شرق سوريا، بما في ذلك 2000 امرأة تخلت عن جنسيتها السابقة.