موسم الزيتون يبشر بعوائد قياسية من صادرات الزيت التونسي
تؤكد التقديرات أن تونس تتجه لتحقيق إيرادات قياسية من تصدير زيت الزيتون خلال الموسم الحالي في ظل ارتفاع الأسعار رغم الجفاف المستمر منذ سنوات، والذي أثّر بشكل ملحوظ على قطاع يعتبر من أكثر المجالات تنافسية في الأسواق الدولية.

ألذ ما يمكنك تذوقه
يعلق المسؤولون التونسيون آمالا كبيرة على تحصيل عوائد أكثر من تصدير زيت الزيتون خلال الفترة المقبلة والاستفادة من فرصة ارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية لرفد خزينة الدولة.
ويستعد المزارعون لافتتاح موسم قطف الزيتون هذا العام وسط تراجع الإنتاج العالمي بسبب التغيرات المناخية وحالة الجفاف، التي ضربت عددا من الدول المنتجة وفي مقدمتها إسبانيا.
وينتظر أن يكون إنتاج البلد من زيت الزيتون لهذا الموسم متوسطا بمعدل 200 ألف طن، وأن يتم تصدير معظمه، وخاصة نحو أسواق الاتحاد الأوروبي، لاسيما في ظل حاجة البلاد إلى العملة الصعبة لمواجهة أزمتها المالية المتفاقمة.
وكانت تونس قد حققت أعلى مستوى إنتاج منذ 2011 في الموسم 2019 – 2020 بحصاد قياسي بلغ 440 ألف طن بسبب المعاومة، وهي ظاهرة معروفة لمزارعي الزيتون حيث تحمل الأشجار محصولا غزيرا في أحد السنوات ومحصولا ضعيفا في السنة التالية.
ورغم ظروف الطقس السيء، تعتبر تونس من الدول الأولى عالميا في هذا المجال، وهي في منافسة قوية مع دول حوض المتوسط وخاصة إسبانيا وإيطاليا واليونان والبرتغال.
وحسب معطيات المرصد الوطني للفلاحة، ارتفعت قيمة الصادرات منذ نوفمبر 2022 وحتى يونيو الماضي بنحو 43.8 في المئة لتحقق إيرادات بمقدار 2.48 مليار دينار (نحو 790 مليون دولار) عبر تسويق قرابة 148 ألف طن خارجيا.
وتوزعت الصادرات بواقع 17.6 ألف طن زيت زيتون معلب بقيمة 367 مليون دينار (116.2 مليون دولار)، و53 ألف طن زيت زيتون بيولوجي بقيمة 970 مليون دينار (307.2 مليون دولار)، علاوة على 89 في المئة من صادرات زيت زيتون بكر ممتاز.
ويقدر متوسط الصادرات السنوية للبلاد من زيت الزيتون خلال الفترة بين 2011 و2021 بما لا يقل عن 150 ألف طن، أي ما يمثل 8 في المئة من الإنتاج العالمي، معظمها يذهب إلى الأسواق الأوروبية.
ويرى المختصون أن إيرادات تونس من تصدير هذا المنتج حققت ارتفاعا بنسبة 50 في المئة مقارنة بالسنوات الماضية، وأنها مؤهلة لبلوغ عتبة المليار دولار خلال الموسم القادم، وهو رقم لم يتحقق في أي موسم مضى.
ولوحظ في الأيام الماضية ارتفاع كبير لأسعار زيت الزيتون المعروض في المحلات التجارية الكبرى، رغم أنه من بقايا إنتاج الموسم الماضي، ووصل سعر اللتر من الزيت المعلب إلى 25 دينارا (7.9 دولار).
وأكد الخبير التونسي في السياسات الزراعية فوزي الزياني أن التغيّرات المناخية والجفاف وارتفاع درجات الحرارة، الذي يضرّ بشكل كبير بأشجار الزيتون، ساهم في تراجع الإنتاج وارتفاع الأسعار.
وقال لـ”العرب” إنه “حتى الدول التي تحتلّ المراتب الأولى في إنتاج وتصدير زيت الزيتون، أصبحت تعاني عدة مشاكل بسبب تغيّر المناخ”.
وأوضح أن الأسعار ارتفعت في السوق المحلية خلال هذه السنة بأكثر من 40 في المئة، مقارنة مع 14 دينارا (4.4 دولار) السنة الماضية، ليرتفع خلال هذه السنة إلى 25 دينارا.
وسيؤدي ارتفاع سعر زيتون الزيتون على المستوى العالمي إلى ارتفاعه في الأسواق المحلية بتونس، علما وأن الاستهلاك المحلي لا يتجاوز 20 في المئة من الإنتاج أي حوالي 40 ألف طن.
واستنادا إلى الأوضاع الراهنة يتوقع الزياني أن يصل سعر لتر زيت الزيتون إلى 30 دينارا (9.5 دولار) العام المقبل، رغم أن المصالح المعنية تؤكد أنه لن يتجاوز 24 دينارا (7.6 دولار).
وأظهرت مؤشرات أولية لمصالح إدارة الإنتاج الفلاحي بوزارة الفلاحة أن كميات الزيتون للموسم الجديد تقدر بنحو مليون طن، ستنتج مئتي ألف طن من زيت الزيتون بزيادة بنسبة 11 في المئة عن إنتاج الموسم الماضي.
وتظهر الإحصائيات أن إنتاج الموسم الماضي بلغ قرابة 180 ألف طن مقابل 240 ألف طن في الموسم الذي سبقه، بتراجع بنسبة 25 في المئة.
أما أسعار البيع الموسم الماضي فقد تراوحت بين 14 و19 دينارا (4.4 وستة دولارات) للتر الواحد، مقابل سعر بين 9 و12 دينارا (2.85 و3.8 دولار) للتر في موسم 2021 – 2022.
ويوجد في تونس أكثر من مئة مليون شجرة زيتون على مساحة 1.8 مليون هكتار، من المنتظر أن يصل إنتاجها خلال السنوات القادمة إلى ما بين 400 و500 ألف طن من زيت الزيتون.
وقبل أربع سنوات أنهت السلطات مخططها لزراعة 10 ملايين غرسة زيتون جديدة لتعزيز حضورها كواحدة من أكبر الدول المنتجة لزيت الزيتون في العالم.
وخلال المواسم العادية تحل تونس عادة في المرتبة الثامنة عالميا في إنتاج زيت الزيتون بعد كل من إسبانيا وإيطاليا وتركيا والمغرب والبرتغال ومصر والجزائر.
وفي المقابل، تفوق صادرات تونس من زيت الزيتون صادرات باقي الدول العربية مجتمعة وهي سوريا والمغرب ولبنان والأردن والجزائر وفلسطين بعدة مرات.
لكن الفرد التونسي لا يستهلك إلا بمعدل 2.6 لتر سنويا، ليكتفي بالمرتبة الرابعة عربيا بعد الفرد السوري بمقدار 4.6 لتر، والمغربي بنحو 4.4 لتر، ثم اللبناني بنحو 2.9 لتر.
ونتيجة لانحباس الأمطار فمن المتوقع أن ينخفض إنتاج زيت الزيتون في حوض المتوسط، أي في الدول المنتجة الرئيسية، بنحو مئتي ألف طن مقارنة بالعام الماضي.
وتبلغ تقديرات الإنتاج في إسبانيا 700 ألف طن، مقارنة بنحو 660 ألف طن العام الماضي، فيما يبلغ متوسط إنتاجها في الظروف العادية 1.3 مليون طن. ومن المتوقع حدوث زيادة طفيفة، ولكن دون أن تكون محفزة، في إيطاليا.
وفي ما يتعلق بأسعار المنتجين، فقد تجاوزت حاليا 9 يوروهات في إيطاليا و8.5 يورو في إسبانيا، و8.7 يورو في اليونان.
وقال جينارو سيكولو، رئيس شركة إيطاليا أوليفيكولا، إن “انخفاض الإنتاج سيؤدي إلى زيادة أسعار الجملة بنسبة 30 إلى 40 في المئة”.
وفي ضوء ذلك يتوقع أن ترتفع أسعار زيت الزيتون في المنشأ إلى 9 يوروهات، مع وصول الأسعار إلى ما بين 10 و11 يورو للتر الواحد على أرفف المتاجر الكبرى.