نقمة الأمطار..

أعصاب اللبنانيين لم تعد تحتمل والمسؤولون يتنصلون من المسؤولية

"أرشيفية"

فرنسا

إنه مشهد الذل يتكرّر مع كل زخة مطر، زحمة سير تخنق أنفاس اللبنانيين وتسجنهم لساعات على طرقات تتحوّل إلى شبكة عنكبوتية حمراء لمن يرصدها عبر تطبيق غوغل للأرض، وكأن معاناتهم مع الأزمات المتراكمة والمتلاحقة التي يواجهونها في رحلة صمودهم اليومية، لا تكفيهم لتكتمل صورة جهنمهم بالمزيد من الأزمات.
 
كل ذلك يحدث والمعنيون بتسيير شؤون المواطنين والبلد يتراشقون الاتهامات فتضيع المسؤولية بين وزير أشغال يعتمد منصة "اكس" لنقل الكارثة والتذمر منها وبلديات لا تقوم بواجبها كاملاً تحت ذرائع واهية اعتمدتها يوم كانت تملك الأموال ولا تزال بعد أن شحت مواردها، فيما العرف اللبناني يقضي بإعفاء من هم في موقع المسؤولية من المحاسبة.
 
وزارة الأشغال مسؤولة
 
أمام انعدام التخطيط الوزاري والبلدي، أشار رئيس جمعية   Train/Trainالدكتور كارلوس نفاع لـ"جسور" أن وزارة الأشغال العامة والنقل هي الجهة المسؤولة عن صيانة الطرق والجسور "لأن الأخيرة تدخل ضمن صلاحية المديرية العامة للطرق والمباني التابعة للوزراة والتي تتضمن بدورها خمس مديريات إقليمية، دائرة تنفيذ الطرق، دائرة صيانة الطرق، دائرة صيانة المباني، قسم الاستملاك، والقسم الاداري".
وأعاد عدم قيام المديريات الإقليمة بواجبها في الصيانة لأسباب عدة "أحدها نقص التمويل الذي لم يعد يرضي أكلة الجبنة، والسبب الثاني النقص في الموارد البشرية بعد بلوغ معظم الكادر البشري سن التقاعد في ظل اعتماد سياسة، منذ تسعينيات القرن الماضي، تقضي بعدم توظيف عاملين جدد لضمان استمرار سيطرة القطاع الخاص من المقاولين على الوزراة".

تنسيق وتكامل
 
في المقابل، أكد نفاع أن صيانة الطرقات التابعة لوزارة الأشغال يجب أن تكون دورية "لا يمكن انتظار شهر أيلول وانتهاء فصل الصيف لنتسابق إلى التلزيم" كما لفت إلى ضرورة وجود "تنسيق بين وزارة الداخلية والبلديات التي تقع البلديات تحت سلطتها وبين وزارة الأشغال وإن كانت الأخيرة غير معنية مباشرة بها".


وأضاف: "يجب خلق تنسيق متكامل بين وزارة الأشغال العامة وبلدية بيروت من جهة وبينها وبين البلديات المحاذية للطرق المسؤولة عنها، من خلال عقد اجتماعات دوري، بسبب عجر كل من البلدية ووزارة الأشغال عن إجراء عملية الصيانة كل على حدة".


واعتبر أن الدولة اللبنانية بإمكانها حتماً تغيير الوضع القائم وإعادة لبنان إلى السكة "القدرات موجودة رغم ضعفها في حال وجود إرادة حسنة" مبدياً أسفه لغياب التنسيق وتقاعس الحكومات المتعاقبة في هذا الملف فيما "يكتفي المعنيون بصف أبيات شعرية وبيع المواطنين الأوهام والأحلام". ‌
 
مواطنون تحت الضغط
 
وتسببت المنافذ المقفلة صباح الأربعاء، بالشلل في معظم المؤسسات على امتداد الوطن لتعذر وصول الموظفين إليها. وتواصلت "جسور" مع عدد منهم حيث أفادت  ك. ج. الموظفة في مؤسسة داخل العاصمة، أنها أمضت ساعتين في طريقها إلى العمل فيما يحتاجها الأمر إلى قرابة الأربعين دقيقة خلال الأيام العادية وروت تفاصيل معاناتها "مستنقعات من المياه كانت تغطي الطريق تحت جسر العدلية وكنت أرى الدراجات النارية تهرب من المكان لاستحالة مرورها" وتتابع: "عملي يتطلب مني متابعة دقيقة وما حصل اليوم خلق بلبلبة وتأخيراً لمواعيد كثيرة".


ليس هذا فحسب بل أكدت "أن خزان الوقود انخفض مخزونه بسرعة قياسية خلال رحلتها الطويلة" الأمر الذي يرتب عليها تكاليف مادية إضافية في خضم الأزمة المالية.
بدورها، أشارت أ. ع. إلى أنه وبسبب تأخرها عن العمل ابتكرت طريقة لتنجز عملاً طارئاً "لم يكن أمامي سوى أن أركن سيارتي إلى جانب الطريق وأفتح حاسوبي على الانترنت الخاص بهاتفي" ناهيك عن محاولاتها سلوك طرق غير الطريق الذي تعتمده يومياً لتجد نفسها في المتاهة عينها.


أما م. ب.  الموظف بأجر على الساعة، فتسبب تأخره عن الدوام في تقليص ساعات عمله وبالتالي انخفاض أجره اليومي.
 
ومع تحوّل الساحل اللبناني، شمالاً وجنوباً وعاصمة، إلى مستنقع طويل،غرقت المحال التجارية المنتشرة على جوانب الطرقات بمياة الأمطار متسببة بخسارة إضافية لأصحابها الذين يصارعون الأزمة الاقتصادية للصمود.
في ظل تقاذف المسؤوليات يقبع المواطن وحيداً عاجزاً عن إيصال صوت معاناته لعدم وجود من يتلقفه.