هل بدأت واشنطن تتقبل إيران "على العتبة النووية"؟

"أرشيفية"

طهران

في ظل تنفيذ عملية تبادل الأسرى بين الولايات المتحدة وإيران، وبعد تحويل 6 مليارات دولار من عائدات النفط الإيراني، تعبر أصوات منتقدي إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مجددًا عن معارضتهم لعقد صفقات مع الحكومة الإيرانية الحالية.
 
وفقًا لموقع "National Interest" الأميركي، تجاوزت الأمور الشروط المتفق عليها في اتفاق تبادل الأسرى ونقل الأموال، إذ أصبح من الواضح في الأشهر الأخيرة أن هناك جهدًا أوسع يهدف إلى تحفيز إيران على تباطؤ وتيرة برنامجها لتخصيب اليورانيوم وخفض التوترات في الشرق الأوسط. وتمثل هذه الجهود محاولة لبناء "تفاهمات" غير رسمية مع إيران من خلال مناقشة "الخطوط الحمراء" الأميركية والتخفيف الواضح للعقوبات التي تستهدف صادرات النفط الإيرانية بدلاً من التفاوض على اتفاق رسمي. وفي الواقع، فإن هذا النهج لن يحظى بدعم علني كبير من الحزبين الأميركيين. ومع ذلك، يمكن أن يمثل هذا النهج فرصة لإدارة بايدن لمنع تصاعد الأزمة مع إيران ومقاومة التحركات السعودية لرفع أسعار النفط. وفي الواقع، إذا لم تحقق إدارة بايدن هذه الأهداف، فقد يتعرض مشروع إعادة انتخابه في عام 2024 للخطر.
 
وأوضح الموقع أنه فيما يتعلق بالمسار النووي الإيراني، فإن النتائج حتى الآن متواضعة ولكنها إيجابية. حيث أظهر أحدث تقرير من الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن طهران قامت بتباطؤ إنتاجها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة، وهي نسبة أقل بقليل من الدرجة المستخدمة في صنع الأسلحة النووية، وقامت بخفض مخزون بعض هذه المواد. وإن هذه الإجراءات لا تمنع إيران من تخصيب اليورانيوم المستخدم في صنع الأسلحة إذا اختارت ذلك، ولكنها خطوة لتهدئة التصعيد، ويمكن أن تساهم في تجنب حدوث أزمة حادة.
 
وأشار الموقع إلى أن إيران أصدرت تعليمات لوكلائها في العراق وسوريا بوقف الهجمات على الأفراد العسكريين الأميركيين المنتشرين هناك. على الرغم من عدم تغيير موقف إيران من وجود القوات الأميركية في تلك الدول، إلا أنها تقوم بإزالة مصدر آخر للتوتر والصدام الذي كان يمكن أن يؤدي إلى أزمة.
 
وبالنسبة لقطاع النفط، بدأت الولايات المتحدة في فصل الصيف بتطبيق العقوبات الموجهة ضد صادرات النفط الإيرانية بشكل أخف، مما أدى إلى زيادة في هذه الصادرات في وقت تعاني فيه الأسواق العالمية من نقص في الإمدادات. على الرغم من أن وزارة الخارجية الأميركية نفت رسميا وجود تغيير في السياسة، إلا أن مسؤولين أميركيين أقروا بأنهم قاموا بتطبيق العقوبات بطريقة أكثر انعكاسًا، مما لفت انتباه منتقدين لإدارة بايدن. وهذا يأتي في وقت أعلنت فيه المملكة العربية السعودية عن خفض إنتاجها من النفط بمقدار مليون برميل يوميًا ابتداءً من تموز، إلى جانب تقليص الإنتاج كجزء من اتفاق "أوبك+" الذي تم تمديده حتى نهاية العام على الأقل.
 
وبالنسبة للعلاقات الخارجية، تسعى إدارة بايدن إلى تطوير علاقاتها مع المملكة العربية السعودية وإسرائيل من خلال التوصل إلى اتفاق متعدد الأوجه لتطبيع هذه العلاقات. وعلى الرغم من أن ذلك قد يسهم في تحسين العلاقات الأميركية السعودية، إلا أن سياسة إنتاج النفط السعودية ليست جزءًا من المناقشات الحالية بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية.
 
وفيما يتعلق بإيران، من المستبعد أن يتم التوصل إلى أي اتفاق رسمي بين الولايات المتحدة وإيران قبل الانتخابات الأميركية في أكتوبر 2024، على الرغم من جهود وسطاء مثل قطر وعمان. وذكر وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان مؤخرًا إمكانية استئناف المحادثات بوساطة أوروبية مع الولايات المتحدة، لكن هذا يبدو أنه أمر غير مرجح.
 
وفي حال فوز بايدن بولاية ثانية، يمكن أن تتاح فرصة لتجديد النقاش حول تسوية أكثر ديمومة. ويمكن أن يقلل فوزه من مخاوف إيران بشأن إلغاء الاتفاق مرة أخرى. إيران تبقى دولة تقترب من امتلاك القدرة النووية، وهو وضع لا يمكن عكسه إلى الأبد، حتى في حالة نشوب صراع عسكري. لذلك، إذا تمت إعادة انتخابه، يجب أن يعمل على ردع إيران عن تطوير قدرتها النووية.