القلق من الحرب يتزايد.. كيف يستعد لبنان؟

"أرشيفية"

موسكو

على الرغم من المحاولات والضغوط الدولية لتحييد لبنان عن دائرة الحرب في قطاع في غزة، إلا أن حدّة التوتر ترتفع تدريجيا على حدود لبنان الجنوبية أمام التصعيد العسكري ميدانيا، في وقت تتواصل الجهود الدبلوماسية لعدم انزلاق المنطقة برمتها إلى حرب يصعب التنبؤ بنتائجها.

ومع توالي الدعوات من دول عربية وغربية لرعاياها لمغادرة لبنان على عجل في ظل خشية من دخوله بشكلٍ مباشر في الحرب، تستنفر السلطات الرسمية في بيروت وتعقد اجتماعات بدا وكأنها "خلايا طوارئ" في محاولة لتشكيل "واقي صدمات" يتيح تلقّي عصْف الانفجار الكبير المحتمل بالحدّ الأدنى من إجراءاتٍ تكسر عنصرَ المباغتة.
فكيف يستعد لبنان بكافة قطاعاته للحرب؟

"خطة الكوارث أقرت"

تواصل حكومة تصريف الأعمال رفع استعداداتها لمواجهة الحرب المحتملة بين حزب الله وإسرائيل وبعد اجتماع للحكومة، أكد وزير الإعلام، زياد مكاري أنه تمت الموافقة على خطة الكوارث، لافتًا أيضًا إلى أنّ مجلس الوزراء أقرّ خطة عمل وزارة الاشغال العامة المتعلقة بتأمين عوامل الجهوزية لمواجهة اي احتمالات ممكنة على البنى التحتية. وطمأن مكاري اللّبنانيين وقال: "الحكومة تعمل على خطة طوارئ في حال حصول حرب، فاطمئنوا. "


من جهته، قال وزير الأشغال علي حميّة إنّ الحكومة وافقت على خطة ومقترحات وزارة الاشغال لتحديث أجهزة المطار.
وكان أعلن رئيس مجلس إدارة شركة "طيران الشرق الأوسط" محمد الحوت، في وقت سابق أنه "لا يوجد لدينا معلومات حول إستهداف المطار في لبنان وكل المعطيات التي وصلتنا تؤكد أن التصعيد جنوباً سيبقى ضمن قواعد الإشتباك". ولفت الحوت، الى أنه "مع بداية عملية "طوفان الأقصى" بدأ القلق عند شركات التأمين ولقد أجرينا تقييماً بالتنسيق معهم"، وقال: "تكلمت مع رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، وفي ضوء حجم المخاطر التي نتحملها، والتأمين يُغطي الطائرات الموجودة وعند وقف التأمين كُليا يُبنى على الشيء مقتضاه".

هاجس الخوف يتمدّد

عن جاهزية المستشفيات تحسبا لأي طارئ، قال نقيب المستشفيات الخاصة في لبنان سليمان هارون "الأمور تتوقّف على حجم العمليات العسكرية التي قد يشهدها لبنان، آملين ألا يشهدها".
وأضاف "هارون " بادرنا بالتنسيق مع وزارة الصحة لتأمين مستشفيات جاهزة في مختلف المناطق على الأراضي اللبنانية"
وفي هذا السياق، صرّح وزير الصحة "فراس الأبيض " أن إمكانيات لبنان في الشأن الاستشفائي موجودة لكنها ضئيلة، مؤكدا على وجود خطة لتجهيز المستشفيات في حال حصول حرب أو في حال نزوح اللبنانيين من المناطق غير الآمنة، وبداء التحضير بإعداد شبكة مستشفيات في كل المناطق اللبنانية، تحسبا لأي طارئ.
وقالت مصادر طبية: أن الاحتمالات مفتوحة وهاجس الخوف يتمدّد أكثر خصوصاً بعد خطوة منظمة الصحة العالمية التي تحسبت للأسوأ وسارعت إلى تسليم شحنة إمدادات طبية لمساعدة لبنان على مواجهة أيّ أزمة صحية في حال التصعيد".


كما صرح وزير الصحة اللبناني في وقت سابق أن منظمة الصحة العالمية قامت بتسليم الحكومة اللبنانية إمدادات طبية حيوية ليكون جاهزاً للاستجابة لأي أزمة صحية محتملة.
وقالت المنظمة في بيان لها" وصلت شحنتان إلى بيروت قادمتين من المركز اللوجستي لمنظمة الصحة العالمية في دبي، وتتضمنان ما يكفي من الأدوية والإمدادات الجراحية لتلبية احتياجات ما بين 800 إلى 1000 جريح".

ما حقيقة إقفال المدارس؟

كرّر المكتب الإعلامي في وزارة التربية والتعليم العالي، نفيه للأخبار المفبركة التي يتناقلها عدد من مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تدّعي إقفال وزير التربية المدارس الرسمية والخاصة إلى أمد غير محدد.
وأكد المكتب الإعلامي في وزارة التربية والتعليم العالي أن المدارس والثانويات والمهنيات الرسمية والخاصة تعمل بصورة عادية، باستثناء تلك الكائنة في المنطقة الحدودية الجنوبية، ودعا المكتب الإعلامي المواطنين إلى عدم التداول بالأخبار الكاذبة، وبالتالي متابعة بيانات الوزارة وما تنشره رسميا على مكتبها الإعلامي.

الوضع لا يطمئن

هذا السلوك الذي اعتدنا عليه أمام أي أزمة تلوح في أفق البلد، تَظَهّر في عدد من المناطق التي تشهد نزوحًا لأهالي الجنوب باتجاهها. ويشرح رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي أنّ السوبر ماركت في هذه المناطق سجّلت ارتفاعًا في نسبة شراء مواد غذائية مقارنة مع مناطق أخرى لا تزال النسبة على حالها، في حين انخفضت النسبة في بلدات جنوبية. ويُطمئن بحصلي في حديث له أنّ "المواد الغذائية متوفّرة في الأسواق والكمّيات تكفي لمدة 3 أشهر، ولذلك لا داعي للتهافت على التخزين"، ملمّحًا إلى صعوبة في استيراد المواد إذا ما فُقدت من الأسواق.

ويلفت إلى أنّه لا يمكن إصدار توجيه للمواطنين بعدم تخزين المواد الغذائية لكن على الجميع أن يدرك أنّ هذا السلوك سيؤدي إلى تداعيات سلبية. ويُضيف: "التهافت على تخزين المواد بكميات كبيرة سيحرم عدداً من الناس من الحصول على حاجياتهم، كذلك سيؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع".

لم يرفع المستوردون الأسعار، وفق ما يؤكّد البحصلي، إضافة إلى أنّ الأسواق لم تشهد أصلًا ارتفاعًا في الأسعار. لم يُخفِ بحصلي تخوّفه من خطورة الوضع وممّا قد تؤول إليه الأوضاع الأمنية وانعكاسها حتمًا على الأمن الغذائي. وسبق أن نبّهت لجنة الأمن الغذائي في الهيئات الاقتصادية إلى عاملين أساسيين في حال تدهورت الأوضاع الأمنيّة في البلد من شأنهما تعطيل دورة الإنتاج وضرب سلاسل التوريد، وهما عدم القدرة على تأمين المحروقات اللازمة للإنتاج وقطع الطرقات، ما سيؤدي إلى منع وصول المواد الغذائية وغير الغذائية إلى المناطق كافة، فضلًا عن عدم قدرة العمال على الوصول إلى أماكن عملهم في الوحدات الإنتاجية.

وحتى الساعة الجميع يُطمئن، لكن متى دخل لبنان رسميًّا الحرب فلا أحد يستطيع حينها طمأنة الناس على مصيرهم. وحتى تبيان الصورة، الأمل معلّق على من بيدهم القرار بألّا يجرّوا البلد إلى آتون الحرب.