الإدارة الذاتية تعمل على ترميم جسور الثقة مع عشائر دير الزور

عقدت الإدارة الذاتية في شمال سوريا وشرقها مؤتمرا مع المجلس المدني في دير الزور حضره ممثلون عن مكونات المجتمع في المحافظة الواقعة شرق سوريا، وتم خلال المؤتمر الاتفاق على جملة من البنود تهم الشؤون الأمنية والعسكرية والإدارية والاقتصادية.

وضع أمني هش

الحسكة

تبدي الإدارة الذاتية في شمال سوريا وشرقها حرصا على تنفيذ التعهدات التي قطعتها لأهالي دير الزور، والتي تم بموجبها نزع فتيل انتفاضة مسلحة اندلعت قبل أكثر من شهر في المحافظة الغنية بالنفط.

وتدرك الإدارة الذاتية التي يقودها الأكراد أن الوضع الأمني في دير الزور غير مستقر وأن هناك حاجة ملحة إلى إجراءات عملية لبناء الثقة، خصوصا وأن هناك عدة قوى تعمل على إعادة تأجيج الوضع مجددا في المحافظة الإستراتيجية الواقعة شرقي سوريا.

وبعد عدة اجتماعات تمهيدية، عقد مؤتمر بين الإدارة الذاتية ومجلس دير الزور المدني تحت عنوان “تعزيز الأمن والاستقرار نحو تطوير وترسيخ التشاركية بدير الزور” بمشاركة واسعة من وجهاء عشائر، ومثقفين، وأكاديميين.

وخلص المؤتمر إلى جملة من القرارات، من بينها إعادة هيكلة المجالس المحلية والتشريعية والتنفيذية والبلديات، وترتيب قوى الأمن الداخلي والجسم العسكري من جديد، وتفعيل دور مجلس العدالة وفتح مركز للمجلس في دوار المعامل، بحيث يتمتع بكامل الاستقلالية في قراراته.

ونص الاتفاق على تحديد مدة زمنية أقصاها ستة أشهر من تاريخه لإعادة هيكلة المجالس التنفيذية والتشريعية والمجالس المحلية، ومجالس المناطق والكومونات.

وتقرر في المؤتمر فسح المجال أمام الأحزاب السياسية في دير الزور للقيام بعملها، بالتنسيق مع المجلس التنفيذي لدير الزور، إلى حين إصدار قانون ترخيص الأحزاب في شمال وشرق سوريا، وتعديل القوانين المتعلقة بالوافد ضمن قانون شمال وشرق سوريا، وتعويض العوائل المتضررة في الأحداث الأخيرة بدير الزور.

ويشكو سكان المناطق الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في دير الزور من التهميش والإقصاء من مفاصل القرار الإداري والأمني والعسكري، وهو ما ولد استياء شعبيا عارما.

وقد شهدت تلك المناطق انتفاضة مسلحة هي الأولى في وجه قسد في سبتمبر الماضي، على خلفية إقالة قائد مجلس دير الزور العسكري أحمد الخبيل (أبوخولة) ووضعه تحت الإقامة الجبرية، بتهم تتعلق بالفساد وسوء الإدارة و”التنسيق مع جهات خارجية معادية للثورة”، في إشارة إلى الحكومة السورية والميليشيات الإيرانية التي تسيطر على ريف دير الزور جنوب نهر الفرات.

وعدت العشائر العربية الخطوة محاولة جديدة لإقصائها من المشاركة في القرار الأمني، لتندلع مواجهات مسلحة استمرت لأيام قبل أن تتدخل الولايات المتحدة.

ولعبت واشنطن دورا أساسيا في استعادة الهدوء في المنطقة وإقناع الإدارة الذاتية بضرورة تغيير نهجها في التعامل مع العشائر العربية في المحافظة، والاستجابة لمطالبها ومن بينها إعادة النظر في مجلسي دير الزور المدني والعسكري.

ويأتي التحرك الأميركي نتيجة مخاوف من تأثير المواجهات على إستراتيجة واشنطن في شرق وشمال سوريا، ويقول متابعون إن الولايات المتحدة حريصة على دفع اتفاق التهدئة قدما، حيث تدرك أن العشائر لن تصمت في حال تمت مماطلتها، وأنها قد تلجأ إلى خيار عقد صفقات مع النظام وإيران أو حتى تركيا التي كانت أبدت دعما للانتفاضة التي حصلت.

وتم خلال المؤتمر الذي عقد الأحد بين الإدارة الذاتية ومجلس دير الزور المدني الاتفاق على رفض كافة أشكال التدخلات الخارجية من النظام وغيره ونبذ الفتنة بين الشعب، وشدد الحضور على ضرورة دعم جميع أبناء دير الزور، للإدارة الذاتية والقوى الأمنية، وقوات سوريا الديمقراطية.

وكان المؤتمر خصص حيزا مهما للحديث عن الأوضاع الاقتصادية داخل المحافظة، والتي شكلت أحد أسباب التوتر الكامنة، حيث تقرر فتح أربع مؤسسات استهلاكية للمجالس الأربعة، ودعم المنطقة بمادة البنزين والكاز بشكل دوري، والاحتفاظ بالكتلة الفائضة من الميزانية الاستثمارية لدير الزور لتنفيذ المشاريع الخدمية بالتنسيق مع هيئة المالية في شمال وشرق سوريا، والالتزام بكافة القوانين والقرارات الصادرة من الإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا بخصوص تسعيرة المواد “البنزين والمازوت والغاز والعلف والكاز والخبز..”.

كما قرر المشاركون تفعيل دور المجالس التشريعية والتنفيذية والقضائية، وتفعيل دور المنسقية في دير الزور، مع التشديد على أنه لا يجوز لأي جهة أمنية أو عسكرية أو مدنيين التدخل في عمل المجالس بدون تنسيق مع منسقية دير الزور.

وأقر المؤتمر تفعيل دور الرئاسة المشتركة بشكل صحيح، وإعادة النظر بالنظام الداخلي للمجلس التنفيذي ولجانه والمجالس الأربعة ومؤسساتها، وتفعيل مكتب شؤون المعتقلين في دير الزور.

وتقرر تشكيل لجان عمل لمتابعة تنفيذ مخرجات المؤتمر، الذي أثار ارتياحا في صفوف سكان دير الزور وإن كان بعضهم لا يخفي عدم ثقته في الإدارة الذاتية ومدى التزامها بالبنود المتفق عليها.

وتُعد محافظة دير الزور الواقعة على الحدود العراقية ذات غالبية عربية وتنتشر فيها العشرات من العشائر.

وتتقاسم قوات سوريا الديمقراطية والنظام السوري السيطرة على المحافظة، حيث تسيطر قسد على الضفة الشرقية لنهر الفرات، فيما تتمركز قوات النظام ومقاتلون ومجموعات موالية لإيران على الضفة الغربية.

وتشكلت قوات سوريا الديمقراطية بدعم من واشنطن في العام 2015، وتصدرت المعارك ضد تنظيم داعش. وقد أعلنت في مارس 2019، القضاء على “خلافة داعش” المزعومة بعد السيطرة على آخر معاقله في قرية الباغوز في أقصى شرق دير الزور.