الأردن يقابل استفزازات الميليشيات العراقية بضبط النفس
يحرص الأردن على الحفاظ على سياسة ضبط النفس حيال استفزازات الميليشيات العراقية على الحدود، في ظل إدراكه لخطورة الموقف، والمخاوف القائمة من اتساع نطاق التصعيد الجاري بين حركة حماس وإسرائيل.
وتوجه المئات من عناصر الحشد الشعبي وأنصارهم عبر العشرات من الحافلات إلى الحدود الأردنية عقب تفجر الأوضاع في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس.
وعمد هؤلاء إلى الاعتصام في المنطقة الحدودية رافعين شعارات لا تخلو من استفزازات للأردنيين.
وذهبت بعض الميليشيات حد منع صهاريج محملة بالنفط من العبور إلى الأردن عبر منفذ الطريبيل الحدودي.
وقال المحتج كرار الزملي إن منع الشاحنات من العبور “هدفه منع وصول النفط العراقي، الذي يصل إليهم (الأردن) بسعر مدعوم، إلى الدول التي طبعت العلاقات مع إسرائيل”.
ويصدر العراق نحو 15 ألف برميل يوميا من النفط الخام في شاحنات إلى الأردن، وهي إحدى الدول العربية القليلة التي أبرمت معاهدة سلام مع إسرائيل ولها علاقات أمنية وثيقة معها منذ فترة طويلة.
ويعد المعبر الواقع في محافظة الأنبار أقرب نقطة وصول من العراق إلى الضفة الغربية المحتلة. وذكر مسؤول عراقي طلب عدم نشر اسمه أن إغلاق المحتجين للمعبر بدأ صباح الأربعاء.
وأضاف المسؤول أن ما لا يقل عن 70 شاحنة محملة بالنفط الخام كانت تمر يوميا، وأن المتظاهرين لم يمنعوا الركاب أو البضائع الأخرى من المرور.
وتقول أوساط سياسية أردنية إن هناك اتصالات تجري خلف الكواليس لوضع حد للتفلتات الحاصلة، وأن الحكومة الأردنية تفضل العمل بصمت في التعاطي مع الوضع الطارئ.
وتلفت الأوساط إلى أن الزعم بأن هذه الاحتجاجات تأتي نصرة لغزة، ينطوي على مغالطات كبيرة، لاسيما وأن موقف الأردن الرسمي والشعبي حيال ما يجري في القطاع الفلسطيني كان إلى حد الآن الأعلى في المنطقة.
ووصف وزير الإعلام الأردني الأسبق سميح المعايطة تواجد ميليشيات شيعية عراقية تتبع إيران قرب الحدود الأردنية بالتحرك العدائي الذي يتستر بغطاء نصرة فلسطين.
وقال المعايطة في تصريحات لوسائل إعلام محلية الخميس، إن لدى إيران عقدة نتيجة فشلها في صناعة مخالب وأتباع لها في الأردن، وعليه تحاول التيارات السياسية والميليشيات التابعة لإيران عرقلة أي تعاون يجمع الأردن والعراق.
وجدد المعايطة تأكيده أن منع ميليشيات الحشد الشعبي ومن يواليها عبور ناقلات النفط إلى الأردن يأتي انطلاقا من الموقف الإيراني المعادي للمملكة خلال السنوات الماضية.
وبيّن أن امتناع ناقلات النفط عن العبور إلى الجانب الأردني خوفا من الاعتداء عليها من قبل الميليشيات شيء متوقع، لأن الجهات التابعة لإيران ترى في تصدير النفط إلى الأردن أمرا سلبيا لا يجب إتمامه.
ولفت المعايطة إلى أن الأحداث تجري على الأراضي العراقية، وتقع ضمن مسؤولية حكومة بغداد الواجب عليها الحفاظ على سلامة حركة النقل والتجارة باعتبارها مصلحة متبادلة للطرفين.
ولا تخفي الميليشيات الموالية لإيران في العراق عداءها للأردن لعدة اعتبارات، بينها أن عمان كانت تعد حليفا للرئيس الراحل صدام حسين، وهي تحتضن إلى حد الآن العديد من القيادات المحسوبة على حزب البعث العربي الاشتراكي المنحل.
كما أن موقف الميليشيات العراقية متأثر إلى حد كبير بالموقف الإيراني، ولم تنس طهران لعمان أنها كانت أول من حذر العالم من مشروعها التوسعي في المنطقة.
وتعمل طهران على فرملة أي مشاريع استثمارية أو اقتصادية بين بغداد وعمان، مستغلة في ذلك نفوذها على المنظومة السياسية المتحكمة في العراق.
ويقول متابعون إن الأردن لا يستطيع فعل الكثير حيال الاحتجاجات على حدوده، حيث إن الأمر تحت مسؤولية الحكومة العراقية، التي هي في واقع الأمر لا تملك سلطة القرار على تلك الميليشيات.