إقبال متزايد على شراء السيارات الكهربائية في الأردن
الأردنيون يقبلون على شراء سيارات كهربائية ويعزفون عن السيارات الهجينة والسيارات التي تعمل بالوقود التقليدي، والموضوع ليس حرصا على البيئة كما قد يتبادر إلى الذهن، بل رغبة بالتوفير في بلد طالت البطالة نصف شبابه.
تشهد مبيعات السيارات الكهربائية في الأردن ارتفاعا كبيرا، مع إقبال متزايد فسره كثيرون بالرغبة في خفض الإنفاق على الوقود مع ارتفاع أسعاره، أكثر من الاكتراث بتلوث الهواء أو تغير المناخ.
وبات بالإمكان مشاهدة ماركات عدة من السيارات الكهربائية في شوارع المملكة خصوصا صينية الصنع التي تشكل 80 في المئة من السيارات الكهربائية في المملكة.
ويقول شادي الزعتري (43 عاما) إنه لم يعد يشعر بقلق تجاه كلفة تزويد سيارته بالوقود قبل استخدامها، فكل ما عليه هو وصلها بشاحن الكهرباء المنزلي لساعات معدودة ليلا لتصبح جاهزة صباحا لقطع قرابة 400 كيلومتر.
ويضيف الزعتري، وهو تاجر وأب لثلاثة أطفال أصغرهم حديث الولادة بينما يفصل الشاحن المنزلي عن سيارته الـ”تسلا” أمام منزله في عمان “الهدف الرئيسي من شراء سيارة كهربائية هو بالتأكيد التوفير”.
ويتابع “وفرت تقريبا ثلثَي ما كنت أنفقه على البنزين”، موضحا أنه كان ينفق على وقود سيارته قرابة 120 دينارا شهريا (169 دولارا)، بينما ينفق الآن 40 دينارا (56 دولارا) فقط أكثر على فاتورة الكهرباء الشهرية ويقطع مسافات أطول بكثير.
وسيارته واحدة من 60 ألف سيارة كهربائية، من 2.2 مليون سيارة في المملكة.
ووفقا للأرقام الرسمية، ارتفع عدد السيارات الكهربائية بالكامل المسجلة في المملكة هذا العام بنسبة 103 في المئة مقارنة مع 2022.
وسجلت 17559 مركبة في الأشهر السبعة الأولى من هذا العام، مقارنة بـ8648 خلال الفترة نفسها من العام 2022.
وسجّل الارتفاع بعد ارتفاع آخر غير مسبوق العام 2022 بنسبة 167 في المئة مقارنة بالعام 2021، مع انخفاض عدد المركبات المستوردة التي تعمل بالوقود التقليدي (البنزين والديزل) بنحو 27 في المئة، وانخفاض عدد المركبات الهجينة (محرك كهرباء وبنزين) بنحو 25 في المئة.
وتجوب شوارع المملكة أنواع عدة من سيارات كهربائية بالكامل مثل الكورية هيونداي ايونيك 5، وهيونداي كونا، وكيا نيرو، واليابانية نيسان ليف، ونيسان سيلفي، والصينية شانجان إيدو وإي ستار، وبي واي دي، ودونغ فينغ، وإم جي، وفولكسفاغن آي دي4، والإيطالية فيات 500 وغيرها.
ويقول هاشم الزيات مدير معرض الزيات للسيارات لوكالة فرانس برس “هناك إقبال كبير حاليا على السيارات الكهربائية”.
ويضيف بينما يشرح ميزاتها وقدرة بعضها على قطع أكثر من 400 كيلومتر في الشحنة الواحدة “السبب الأساسي هو سعر البنزين المرتفع في الأردن والذي يشكل عبئا في ضوء غلاء المعيشة”.
وأكد ضاحكا أن “الأردني يهمه أن تقطع السيارة أكبر مسافة بالشحنة، المسألة مسألة توفير”، مشيرا إلى أن الأردنيين لا يفكرون بالبيئة كأولوية.
وتتراوح أسعار البنزين أوكتان 90 و95 بين 1.4 و1.7 دولار للتر الواحد، فيما يباع الديزل بنحو 1.2 دولار، ويتغيّر السعر بشكل شهري ليواكب أسعار النفط العالمية.
وتواجه المملكة وضعاً اقتصادياً صعباً مع معدل بطالة بلغ 22.6 في المئة عام 2022، بحسب صندوق النقد الدولي، وترتفع النسبة في صفوف الشباب إلى نحو 50 في المئة.
وتجاوز الدين العام 100 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في البلد الصغير الذي تضرّر بشدة من أزمات المنطقة المتلاحقة، لاسيما تدفّق اللاجئين السوريين وجائحة كوفيد مع افتقاره لموارد طبيعية.
ويقول منتصر البستنجي (33 عاما) الذي يعمل في معرض “البستنجي موتورز” بينما اصطفت سيارات كهربائية من أمام المعرض “الزبائن يتجهون للسيارات الكهربائية بحثا عن التوفير في ظل ارتفاع أسعار المحروقات”.
ويضيف “السيارة الكهربائية أثبتت جدارتها في الأردن، بأنها سيارة اقتصادية”، مشيرا إلى توفير قطع الغيار والصيانة وكفالة لسنوات طويلة لأنواع عدة.
وكانت الحكومة خفضت الضريبة الخاصة على استيراد السيارات الكهربائية لتصل إلى ما بين 10 و15 في المئة فقط، بالمقارنة مع 80 في المئة للسيارات العاملة بالبنزين والديزل، لتشجيع الأردنيين على اقتنائها.
ورخصت عشرات نقاط الشحن في محطات الوقود وشركات خاصة في المملكة، وارتفع عدد مركباتها العاملة على الكهرباء بنسبة 20 في المئة العام الماضي.
وبينما يركز المواطن الأردني على التقليص من النفقات، غير عابئ بالمزايا التي ستنعكس بمرور الوقت على تخفيف التلوث في سماء العاصمة عمان والمدن الكبرى، ترى الحكومة الأردنية في إحلال السيارات الكهربائية مكان السيارات التقليدية التي تعتمد البنزين والديزل فرصة لتلبية المطالب الدولية وتقليص مستويات غاز ثاني أكسيد الكربون.
ويقول هيثم أبوالحسن وهو مستشار مبيعات في وكالة “شانجان” للسيارات “الطلب على سياراتنا الكهربائية في تزايد مستمر على أكثر من طراز”.
ويتابع “كنا نبيع 60 إلى 70 سيارة كهربائية شهريا. حاليا نحن نبيع ما يزيد على 100 سيارة كهربائية شهريا”.
وفي حال استمر الخط التصاعدي يمكن التنبؤ بسهولة بأن السيارات التي تستخدم الوقود التقليدي ستختفي من شوارع الأردن في أقل من عقد من الزمان.
والفضل إلى سرعة انتشار السيارات الكهربائية إلى جانب الاقتصاد في النفقات يعود إلى كفاءة بطاريات الشحن.
ويؤكد أبوالحسن أن بعض ماركات السيارات تستطيع “قطع أكثر من 500 كيلومتر بالشحنة الواحدة”، وغيرها أكثر من 400، وغيرها أكثر من 300 كيلومتر.
ويؤكد مدير التسويق في “مؤسسة الوحدة للتجارة هيونداي الأردن” أحمد سالم بدوره أن “هناك ارتفاعا مطردا في الإقبال على شراء السيارات الكهربائية مقارنة بالإقبال على شراء السيارات الهجينة والوقود التقليدي”.
ويضيف “مبيعات السيارات الكهربائية في ارتفاع وهذه لا تزال تتطور (…) وهذا يشير إلى أن المستقبل هو للسيارات الكهربائية”.