روسيا تستعد لترسيم تواجدها العسكري شرق ليبيا

ترتيبات جديدة في الشرق

موسكو

بدأت أهداف الزيارات المتبادلة بين روسيا وشرق ليبيا في الأشهر الأخيرة تتضح، حيث تشير تسريبات تتداولها تقارير إعلامية غربية إلى تحرك روسي لترسيم التواجد العسكري في إقليم برقة وتوسيعه، بعد أن ظل وجودا غير معلن عن طريق مجموعة مرتزقة فاغنر.

وتسعى موسكو إلى عقد اتفاق دفاعي تتم صياغته بين روسيا والقائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر، يسمح بزيادة التواجد العسكري الروسي في ليبيا، في خطوة قد تدفع نحو إنشاء قاعدة بحرية، تمنح موسكو موطئ قدم كبيرا على عتبة أوروبا الجنوبية.

وقالت وكالة بلومبرغ، نقلا عن مصادر مطلعة، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والقائد العسكري القوي في شرقي ليبيا المشير خليفة حفتر، يعملان على بلورة اتفاق دفاعي بعد زيارة حفتر لموسكو في سبتمبر الماضي.

وقد تفضي الخطة الجديدة إلى إنشاء قاعدة بحرية، مما يمنح موسكو موطئ قدم كبيرا على عتبة أوروبا الجنوبية.

وأشارت إلى أن الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف لم يرد على طلبات التعليق على الاتفاق العسكري المحتمل بين بوتين وحفتر، كما لم ترد أيضا وزارة الدفاع الروسية على طلبات التعليق.

وكان الرئيس الروسي قد بحث مع حفتر في أكتوبر الماضي خلال لقائهما في الكرملين الوضع في ليبيا والمنطقة بشكل عام، بحسب تصريحات المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف.

واستقبل بوتين ووزير دفاعه سيرغي شويغو في موسكو الجنرال حفتر الذي يرتبط بعلاقات وطيدة مع القيادة الروسية بعد أن تلقى منها مساعدات مهمة خلال الحرب التي قادها على الجماعات الإسلامية المتشددة في شرق ليبيا منذ تدشينه معركة “الكرامة” في ربيع 2014.

وبحسب قيادة الجيش الوطني الليبي، فإنه تم “إجراء مشاورات خلال زيارة حفتر إلى روسيا بشأن التطورات في ليبيا، والعلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها وتطويرها، بالإضافة إلى القضايا ذات الاهتمام المشترك”.

وفتحت زيارة حفتر إلى موسكو باب التكهنات بشأن انخراط روسيا في ليبيا بشكل أكبر، وسط إعادة موسكو سيطرتها على مجموعة “فاغنر” التي سبق لمرتزقتها القتال بليبيا إلى جانب قوات رجل الشرق القوي.

وأقامت موسكو علاقات وثيقة مع حفتر، الذي لجأ إلى مرتزقة “فاغنر” في محاولته التي باءت بالفشل للسيطرة على طرابلس، بين أبريل 2019 ويونيو 2020.

وقالت بلومبرغ إن نشاطات “فاغنر” لتعزيز مصالح الكرملين في أفريقيا والشرق الأوسط سمحت لموسكو بتعزيز وجودها العسكري الأجنبي بسرعة، مشيرة إلى أنها تسعى إلى إنشاء قاعدة بحرية على البحر الأحمر في السودان، مما يتيح لها الوصول الدائم إلى قناة السويس والمحيط الهندي وشبه الجزيرة العربية، على الرغم من أن الصراع الأهلي في السودان قد يؤخر هذه الخطط.

ويسيطر حفتر على العديد من المنشآت النفطية الرئيسية في ليبيا، ويبحث عن أنظمة دفاع جوي لحمايته من القوات المنافسة له في طرابلس، التي يدعمها الجيش التركي.

ويريد أيضا تدريب طياري القوات الجوية والقوات الخاصة. وفي المقابل، سيتم تحديث عدد من القواعد الجوية التي تحتلها حاليا قوات “فاغنر”، لتكون قادرة على استضافة القوات الروسية.

وقد تحصل السفن الحربية الروسية أيضا على حقوق الرسو الدائم في ميناء ليبي، سيكون على الأرجح ميناء طبرق، الذي يقع على بعد بضع مئات من الكيلومترات من اليونان وإيطاليا، وفقا لأشخاص آخرين على علم بالمحادثات، لكنهم قالوا إن هذا قد يكون هدفا طويل الأمد، لأنه سيتطلب تحديثا كبيرا لمرافق الموانئ.

ولا تملك روسيا حتى الآن سوى قاعدة بحرية واحدة في البحر المتوسط، في طرطوس السورية.

ولم يرد المتحدث باسم بوتين ديمتري بيسكوف على أسئلة بلومبرغ بشأن الصفقة العسكرية المحتملة، ولم تستجب وزارة الدفاع في موسكو لطلبات التعليق، ولم يرد المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي أحمد المسماري على المكالمات على هاتف، ولم تستجب الحكومة الليبية، التي تتخذ من طرابلس مقرا لها، لطلبات التعليق.

وتقول بلومبرغ إن زيادة النشاطات العسكرية الروسية في ليبيا تمثل تحديا جديدا لواشنطن وحلفائها الأوروبيين، الذين يخوضون بالفعل مواجهة مع الكرملين على خلفية غزو أوكرانيا، فضلا عن وجود مخاوف من أن تلعب روسيا دورا أكبر لو تأجج الصراع في الشرق الأوسط من جراء الحرب بين إسرائيل وحماس.

وقال جوناثان وينر، المبعوث الأميركي الخاص السابق إلى ليبيا، إن الإدارة الأميركية تأخذ هذا التهديد “على محمل الجد”، مشيرا إلى أن إبقاء روسيا خارج البحر المتوسط كان هدفا إستراتيجيا رئيسيا للولايات المتحدة، لكن في حال إذا حصلت روسيا على موانئ هناك، فإن “ذلك يمنحها القدرة على التجسس على الاتحاد الأوروبي بأكمله”.

ومع تزايد القلق من علاقة حفتر وموسكو، أجرى مسؤولون أميركيون كبار سلسلة من الزيارات لليبيا، هذا العام، في محاولة لإقناع حفتر بتغيير مساره.