الإعفاءات الجمركية تحفز المصريين على توريد الذهب

طلب متزايد على المعدن النفيس

القاهرة

أظهرت مؤشرات حديثة أن إغراءات الحكومة المصرية المتعلقة بالإعفاءات الجمركية على توريد الذهب حفزت المغتربين والمواطنين على حد السواء لجلب المعدن الأصفر من الخارج.

وقال مسؤول حكومي لبلومبرغ الشرق رفض الكشف عن اسمه، الخميس، إن حجم واردات مصر من الذهب المعفى من الضريبة الجمركية نحو 3.3 طن خلال ستة أشهر.

وأكد المسؤول أن غالبية الكميات عبارة عن مشغولات ذهبية وليست سبائك، موضحاً أنها وردت من دول الخليج العربي.

وتأتي تصريحات المسؤول بعد ساعات من موافقة مجلس الوزراء على تمديد العمل بالقرار الخاص بإعفاءات واردات الذهب بأشكال نصف مشغولة والمعدة للتداول النقدي والحلي والمجوهرات وأجزائها من معادن ثمينة لمدة ستة أشهر تنتهي في مايو 2024.

واتخذت الحكومة الخطوة لما أحدثه القرار من مردود إيجابي في محاولة ضبط الأسواق واستعادة الاستقرار والتوازن للأسعار، والحد من محاولات التهريب الجمركي لأصناف الذهب نصف المشغولة والمشغولة عبر المنافذ الجمركية المختلفة.

وأوضحت في بيان الأربعاء أن القرار يعفي “الذهب بأشكال نصف مشغولة والمعدة للتداول النقدي والحلي والمجوهرات وأجزائها من معادن ثمينة أُخرى، وإن كانت مكسوة أو ملبسة بقشرة من معادن ثمينة من الضريبة الجمركية والرسوم الأخرى، فيما عدا الضريبة على القيمة المضافة”.

ودخلت مصر في سباق لإنقاذ صناعة المشغولات الذهبية ومواجهة الارتفاع الجنوني في الأسعار عبر الاستعانة بالمغتربين والسماح لهم بإدخال كميات أكبر من المعدن النفيس دون دفع رسوم جمركية ولفترة محدودة، لزيادة المعروض في السوق.

وأعفت القاهرة في مايو الماضي واردات الذهب التي ترد بصحبة القادمين من الخارج من الضريبة الجمركية والرسوم الأخرى، لكنها أبقت على ضريبة القيمة المضافة البالغة 14 في المئة.

واعتمدت الحكومة هذا المسار بعدما شهدت أسعار الذهب في السوق المحلية قفزات تاريخية، نتيجة الطلب المرتفع من جانب أصحاب المدخرات على خلفية تراجع قيمة العملة المحلية وارتفاع التضخم.

كما دفع النقص الكبير في العملة الأجنبية التجار إلى تسعير قيمة الغرام بأكثر من سعر الصرف الرسمي.

وبحسب شعبة الذهب باتحاد الغرف التجارية، فإن الخطوة تتضمن إعفاء الذهب من الضريبة الجمركية والرسوم الأخرى فيما عدا 14 في المئة من ضريبة القيمة المضافة على قيمة المصنعية فقط وليس إجمالي وزن الذهب، حتى مايو المقبل.

وتعاني مصر من شح شديد في السيولة الدولارية منذ اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية وتداعياتها، والتي أدّت إلى تخارج نحو 22 مليار دولار من الأموال الساخنة، ما أدى إلى خفض قيمة الجنيه 3 مرات منذ مارس 2022 حتى يناير من العام الحالي.

وتسبب شح العملات الأجنبية في إشعال أسعار الذهب بالبلاد خلال الأسابيع القليلة الماضية مع وصول سعر صرف الدولار في السوق الموازية إلى حوالي 38 جنيها، مقارنة بنحو 31 جنيهاً في السوق الرسمية.

وخلال الأسبوع الجاري قفزت أسعار الذهب في أسواق الصاغة المحلية بنحو 100 جنيه (3.2 دولار) ليصل سعر الغرام عيار 21 الأكثر مبيعا إلى 2620 جنيها (84.2 دولار).

ومن أسباب ارتفاع الذهب بالسوق المحلية أنه كلما ازداد الإقبال عليه محليا يرتفع سعره بصورة مبالغ فيها، لأنه لا يتم استيراد الخام حاليا، وبالتالي فنمو الطلب لا تعادله وفرة في المعروض.

وزاد من حدة الأزمة أن المستهلكين لا يبيعون المشغولات الذهبية التي في حوزتهم ويحبذون الاحتفاظ بها بداعي التحوط، لارتفاع قيمة الذهب واعتباره مخزنا للقيمة، وبات ملاذا من مخاوف تحيط بسعر الصرف في وقت يصعد سعر الذهب بمرور الوقت.

وتشهد السبائك الذهبية نموا تاريخيا في السوق المصرية، ووصلت إلى حد النفاد من بعض المتاجر، مع الطلب المتزايد عليها والحاجة أكبر من الكميات المعروضة.

وقال لطفي منيب نائب رئيس الشعبة العامة للذهب والمجوهرات في اتحاد الغرف التجارية لبلومبرغ الشرق إن “عدم تمديد القرار كان سيتسبب في عودة الرسوم الجمركية مرة أخرى، وبالتالي حدوث نقص بالمعروض بالأسواق وارتفاع الأسعار”.

وأوضح أن تمديد الحكومة للإعفاء سيساهم في حدوث توازن واستقرار بالسوق المحلية.

ورغم مواصلة الأسعار في الصعود، إلا أن استمرار الوضع الراهن يصب في صالح الحكومة، لأنه أهون لديها من إقبال الأفراد على شراء الدولار من السوق السوداء والاحتفاظ به، لأن ذلك يفاقم من ارتفاع سعره عن مثيله في البنوك.

وتضاعف الطلب على السبائك والجنيهات الذهبية في مصر إلى حوالي 7 أطنان خلال الربع الأول من العام الحالي، وفقا لمجلس الذهب العالمي.

وجاء المصريون في المرتبة الخامسة حول العالم من حيث ارتفاع الطلب على السبائك والعملات الذهبية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من 2023، بعد تركيا والصين واليابان وإيران.