تدمير جسر رئيسي في الخرطوم "أصابع الاتهام توجه للجيش وقوات الدعم السريع"

الجيش السوداني حمّل قوات الدعم السريع مسؤولية تدمير جسر شمبات في مسعى لإثارة الشارع ضدها، لكن مراقبين يقولون إن مصلحة قوات الدعم تمنعها من تدمير الجسر لأنها المستفيد الوحيد منه في نقل أسلحتها بعد المكاسب الكبيرة التي حققتها مؤخرا ما يجعل الجيش منطقيا من يقف وراء العملية.

اتهام قوات الدعم لن يخفف الضغوط عن البرهان

ود مدني

دُمّر صباح السبت جسر شمبات الذي يربط بين ضاحيتي العاصمة السودانية بحري وأم درمان، وتبادل كل من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع الاتهامات بتدميره، فيما تقترب المعارك بينهما من شهرها السابع.

ويأتي ذلك فيما يقول مراقبون إن أصابع الاتهام توجه للجيش لأن الجسر تستفيد منه قوات الدعم السريع في نقل إمداداتها من مدينة بحري في شرق النيل إلى أم درمان في غربه ضمن مسار النجاحات العسكرية التي حققتها في الفترة الماضية على أكثر من جبهة.

وأكد شهود عيان في مدينتي بحري شمال الخرطوم وأم درمان في غربها “ظهور آثار تدمير واضحة على جسر شمبات الذي يربط بين المدينتين". وقال خبير عسكري لفرانس برس إنه “بانهيار الجسر لن تستطيع قوات الدعم نقل إمداداتها من مدينة بحري في شرق النيل إلى أم درمان في غربه والتي أصبحت هي محور القتال الرئيسي".

وأفاد بيان من الجيش السوداني الذي يقوده عبدالفتاح البرهان عن قيام "الميليشيا المتمردة فجر اليوم (السبت) بتدمير كوبري (جسر) شمبات الرابط بين مدينتي أم درمان وبحري وهي جريمة جديدة تضاف إلى سجلها". وجاء ذلك في بيان للناطق الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية في صفحته على فيسبوك السبت.

وقال الناطق في بيانه "في إطار مشروعها التدميري لمقدرات البلاد وبنيتها التحية، ونتيجة لتقدم قواتنا في الميدان خاصة في محور أم درمان، قامت الميليشيا المتمردة بتدمير كوبري شمبات الرابط بين مدينتي أم درمان والخرطوم بحري".

فيما نفت قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو اتهام الجيش لها، وأفادت في بيان أن “ميليشيا البرهان الإرهابية وفلول المؤتمر الوطني قامت صباح السبت بتدمير جسر شمبات (..) ظنا منهم أنهم بذلك يستطيعون هزيمة أشاوس قواتنا".

والخميس أفاد شهود عيان عن انتشار جثث لأشخاص بالزي العسكري في شوارع أم درمان، ما عكس ضراوة المعارك في ضاحية غرب الخرطوم الكبرى. فيما أفاد آخرون عن سقوط قذيفة على مستشفى النو شمال أم درمان، آخر المرافق الطبية التي تخدم المنطقة “ما أسفر عن مقتل عاملة".

والأسبوع الماضي اندلع حريق هائل في مصفاة لتكرير النفط تسيطر عليها قوات الدعم السريع شمال الخرطوم، وألقت القوات شبه العسكرية باللوم فيها على غارة جوية للجيش، في حين قال الجيش إنّ “ناقلة وقود تابعة للميليشيا انفجرت”.

وتتواصل المعارك التي بدأت في أبريل في كل من الخرطوم بضواحيها وفي إقليم دارفور، في ظل إخفاق مفاوضات جديدة في مدينة جدة الأسبوع الماضي ترعاها السعودية والولايات المتحدة حول وقف إطلاق النار. ويقول مراقبون إن طرفي النزاع لا يرغبان في المفاوضات ويلجآن إلى الخيار العسكري الذي يخدم في الوقت الحالي قوات الدعم السريع.

ويتشكل واقع عسكري وسياسي جديد في السودان في ظل الانتصارات الميدانية التي تحققها قوات الدعم السريع والتي تدفع القوى المترددة أو تلك التي أظهرت ميلا لمساندة الجيش في البداية إلى إعادة النظر في حساباتها.

ونجحت قوات الدعم السريع خلال الأيام القليلة الماضية في توسيع نطاق توسعها على أكثر من جبهة، وتمكّنت من السيطرة على مقرات للجيش في أقاليم دارفور وكردفان والخرطوم، وهي تقترب حاليا من مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.

والجمعة حذرت الأمم المتحدة من تزايد انتهاكات حقوق الإنسان في دارفور خصوصا في ظل تقارير حول “تصاعد العنف والهجمات على المدنيين، بما في ذلك أعمال عنف يبدو أنها قائمة على أساس إثني". وقالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في بيان “قتل أكثر من 800 شخص على يد الجماعات المسلحة في أردمتا في غرب دارفور وهي منطقة كانت حتى الآن بمنأى عن النزاع".

وأسفرت الحرب بين قوات البرهان ودقلو حتى الآن عن سقوط أكثر من عشرة آلاف قتيل وفقا لمنظمة “اكليد” المعنية بإحصاء ضحايا النزاعات. كما أدت إلى نزوح ولجوء أكثر من ستة ملايين سوداني، وفق الأمم المتحدة. كما أدّت إلى شلّ الخدمات الأساسية في السودان وتدمير أحياء بأكملها في العاصمة وإقليم دارفور الشاسع في غرب البلاد.

وحذر مسؤول كبير بالأمم المتحدة الجمعة من أن العنف ضد المدنيين في السودان “يوشك أن يصبح شرا مطلقا” مع تفاقم الأزمة الإنسانية وتصاعد العنف العرقي في إقليم دارفور في الغرب. واندلعت الحرب في 15 أبريل بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية بعد أسابيع من تزايد التوتر بين الطرفين بسبب خطة لدمج القوات في إطار عملية للانتقال من الحكم العسكري إلى المدني الديمقراطي.

وقالت كليمنتين نكويتا سلامي أبرز مسؤولة مساعدات من الأمم المتحدة في السودان، للصحافيين “لا نزال نتلقى تقارير مروعة دون انقطاع عن العنف الجنسي وعلى أساس النوع وحالات اختفاء قسري واحتجاز تعسفي وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان والأطفال".

وتابعت "ما يحدث يوشك أن يصبح شرا مطلقا. حماية المدنيين مازالت مبعث قلق رئيسيا". وأضافت أن نحو 25 مليون شخص، أي أكثر من نصف عدد السكان، بحاجة إلى مساعدات إنسانية وإلى الحماية، وأن أكثر من ستة ملايين فروا من منازلهم ونزحوا داخل السودان أو إلى دول مجاورة. وقالت نكويتا سلامي "تلقينا مؤخرا تقارير مزعجة حول تصاعد العنف والهجمات على المدنيين، بما في ذلك ما يبدو أنها على أساس عرقي في دارفور".