تغير المناخ يزيد الاندفاع نحو فرض ضريبة الكربون
أكدت لجنة استشارية لمحادثات مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب28) في دبي أن زيادة الضرائب على الأنشطة الملوثة وخفض دعم الوقود الأحفوري يمكن أن يدرا تريليونات الدولارات لمعالجة تغير المناخ.
وتقول الإمارات، الدولة المضيفة للقمة، إن المؤتمر الذي يستمر أسبوعين بداية من الخميس يجب أن يتوصل إلى “إجراءات ملموسة” بشأن تمويل المناخ.
وتعرضت هذه الخطط في السابق لضغوط كبيرة بسبب ارتفاع أعباء الديون وتعثر الإرادة السياسية والجهود غير المنتظمة التي يبذلها التمويل الخاص.
وأوصت اللجنة في تقرير نشرته الأربعاء بأن “فرض ضرائب أعلى على الكربون، بما في ذلك الرسوم على الانبعاثات من قطاعي النقل البحري والجوي، يجب أن يكون من بين خيارات دراسات كوب28”.
وقال عضو اللجنة عمار بهاتاشاريا من مركز بروكينجز للتنمية المستدامة في مؤتمر صحفي “نرى إمكانات كبيرة، خاصة من خلال فرض ضرائب على السيئين دوليا واستخدام تلك الأموال لتوليد موارد يمكن التنبؤ بها”.
ويشير فرض الضرائب على “السيئين” إلى الرسوم التي تستهدف الإضرار بالصالح العام، وعلى سبيل المثال الغازات المسببة للانحباس الحراري العالمي كوسيلة لزيادة الإيرادات وتثبيط النشاط.
ورغم الإشارة إلى الحاجة الملحة إلى مصادر تمويل جديدة، قال التقرير الذي أعدته مجموعة من الاقتصاديين المستقلين إنه “يمكن أيضا إعادة تخصيص مصادر الإيرادات الحالية”.
وأضاف أن “الاستثمارات في اقتصاد الوقود الأحفوري استمرت في تجاوز تلك التي تمت في الاقتصاد النظيف”.
وبلغ إجمالي إعانات دعم الوقود الأحفوري 1.3 تريليون دولار، وأكثر من ذلك بكثير إذا أخذنا في الاعتبار التكلفة المجتمعية للتعامل مع الانبعاثات والتلوث.
وقالت الرئيسة المشاركة للتقرير فيرا سونغوي، وهي اقتصادية سابقة في البنك الدولي، إن “تركيز التقرير كان على كيفية تعزيز الاستثمارات اللازمة للعالم للحاق بأهداف اتفاق باريس للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى أقل من درجتين مئويتين”.
وأوضحت أنه “لهذا السبب نؤكد على السرعة والحجم، فكلما انتظرنا أكثر، زادت تكلفة الأمر”.
ويؤكد مؤلفو التقرير أن الضرائب على الأرباح القياسية التي حققتها شركات النفط والغاز من ارتفاع أسعار الطاقة في أعقاب الحرب الأوكرانية، من غير المرجح أن تحظى باهتمام سياسي، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن العديد منها، مثل أدنوك الإماراتية، مملوكة للدولة.
وقال نيكولاس ستيرن، الرئيس المشارك، والأستاذ في كلية لندن للاقتصاد ومعهد جرانثام للأبحاث، إن “هناك حجة مقنعة لشركات الطاقة لتقديم مساهمات طوعية”.
وأضاف “أعتقد أن الالتزام الأخلاقي هو أمر سيتم التأكيد عليه في مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين، بل وقبله وبعده”.
وثمة دعوات متزايدة إلى فرض ضريبة الكربون على الشحن البحري، الذي ينقل حوالي 90 في المئة من التجارة العالمية ويمثل ما يقرب من 3 في المئة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على مستوى العالم.
والطيران، الذي يمثل حوالي ما بين اثنين وثلاثة في المئة من الانبعاثات، لا يغطيه اتفاق باريس بشكل مباشر، لكن قطاع النقل الجوي تعهد بمواءمة نفسه مع أهدافه.
وقدرت اللجنة أن الاقتصادات الناشئة والنامية باستثناء الصين ستحتاج إلى استثمارات إجمالية قدرها 2.4 تريليون دولار سنويا بحلول 2030، أي أربعة أضعاف المستويات الحالية، لتحقيق التحول في مجال الطاقة، وتكييف اقتصاداتها والتعامل مع الأضرار المناخية.
ورغم أن الجزء الأكبر من المبلغ يمكن جمعه محليا، فقد دعا التقرير الدول الغنية التي تأخرت بالفعل عامين على الأقل عن وعدها بتقديم 100 مليار دولار لمساعدة الدول الفقيرة في مواجهة تغير المناخ إلى مضاعفة القروض الميسرة ثلاث مرات بحلول 2030.
ووصف التقرير التمويل الخاص في البلدان الناشئة والمتقدمة بأنه “منخفض للغاية”، في حين تعرضت بنوك التنمية لانتقادات بسبب ضعف تعاونها مع القطاع الخاص، حيث كانت تتنافس معه في الكثير من الأحيان على المشاريع التي يعتبر إطلاقها أسهل.
واقترح صندوق النقد الدولي خلال اجتماعات الخريف السنوية المنعقدة في مراكش المغرب الشهر الماضي الاتفاق بشكل جماعي على إقرار ضريبة الانبعاثات الضارة حول العالم، بدلا من الإجراءات الأحادية التي لن تكون كافية لمواجهة تغيّر المناخ.
ورأى مدير الشؤون المالية العامة في الصندوق فيتور غاسبار أن فرض ضريبة كربون ولاسيما على الشركات التي تصدر انبعاثات كبيرة عنصر أساسي في سياسة بيئية فاعلة، ويسمح أيضا بتجنب ارتفاع صاروخي في الدين العام في الكثير من الدول.
واعتبر صندوق النقد في تقرير حول السياسة الضريبية نشر خلال تلك القمة أن من الضروري أن تحصل الدول ليس فقط على موارد أخرى بل أيضا السعي إلى زيادة في الاستثمارات الخاصة.
وإن لم يحصل ذلك، قد يصل الدين العام المرتفع جدا أساسا في دول مختلفة في العالم، إلى ما بين 45 و50 في المئة من إجمالي الناتج المحلي بحلول 2050.
وخلافا لذلك، فإن اعتماد سياسة بيئية تشتمل على ضريبة سيخفض بشكل كبير التداعيات طويلة الأمد على المالية العامة مع دين لا يزيد عن 12 إلى 15 في المئة من إجمالي الناتج المحلي خلال الفترة نفسها، “وهو أمر قابل للاستمرار” وفق غاسبار.