تهديدات بوليساريو لن توقف سباق رالي موناكو – داكار

تواصل جبهة بوليساريو المدعومة من الجزائر رفضها تنظيم التظاهرات بالأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية، حيث طالبت بوقف سباق رالي “موناكو – داكار” العالمي، مهددة باستهداف المشاركين فيه، وسط تجاهل منظمي التظاهرة لممارسات الجبهة الانفصالية.

بوليساريو تستهدف التظاهرات الرياضية

الرباط

خرجت جبهة بوليساريو في بيان لها للمطالبة بوقف سباق رالي “موناكو – داكار” العالمي، الذي يشمل الأقاليم الجنوبية للمملكة، مهددة المشاركين فيه بـ”عمليات استهدافية”.

وقالت الجبهة المسلحة المدعومة من الجزائر في بيان لها نشر على مواقعها الإلكترونية إن “منظمي السباق يعتزمون من جديد تنظيم هذه التظاهرة في الأقاليم الجنوبية، رغم أن المنطقة في حالة حرب”.

وبينت أن “الجبهة تخبر جميع الفاعلين الدوليين في القطاع العام والخاص بأن مناطق الصحراء هي في حالة حرب في جميع النطاقات، سواء على مستوى البر أو البحر أو الجو”.

وتهدد جبهة بوليساريو باستخدام السلاح ضد منظمي التظاهرة، إذ أوضحت أنها “تحتفظ بالحق في استخدام جميع الوسائل المشروعة والرد بحزم على أي أعمال ترمي إلى المساس بسيادتها وسلامتها الإقليمية”.

وقال مصدر دبلوماسي لـ“العرب” إن ما تقوم به بوليساريو مجرد استفزازات يائسة تضع الانفصاليين في مواجهة مع المنتظم الدولي، وإن المغرب، منذ وقف إطلاق النار في التسعينات من القرن الماضي، كان حازما وسيبقى كذلك حازما إزاء هذه الاستفزازات.

وأكد محمد سالم عبدالفتاح رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان أن “التهديد باستهداف تظاهرة رياضية يفضح الطبيعة الإرهابية لبوليساريو ويكشف عن الخلفية الراديكالية المنغلقة لقيادتها، وتوضح زيف شعارات التحرر والحرية وتقرير المصير التي تروج لها في حملاتها الإعلامية”.

وأوضح عبد الفتاح لـ“العرب” أن “بوليساريو لم تكتف فقط باستهداف الأنشطة الرياضية بل عادة ما تبدي سخطها على مختلف الفعاليات ذات الطابع الدولي التي تقام في الأقاليم الجنوبية المغربية مثل ‘كرانس مونتانا’ الذي يقام بالداخلة، وأيضا مراسلة زعيم بوليساريو للأمين العام للأمم المتحدة على خلفية تخوفه من احتضان الأقاليم الجنوبية لفعاليات كأس العالم 2030 فضلا عن التهديدات التي أصدرتها ضد المستثمرين الدوليين والسياح الذين يقصدون الصحراء المغربية واستنكارها وجود قنصليات دبلوماسية بمدن الصحراء”.

وتشكل الأقاليم الجنوبية للمملكة الجزء الأكبر من طريق السباق الرملي الشهير، وحسب الموقع الرسمي للسباق فإن “المنافسات، التي يعتزم أن تنطلق في الـ30 من شهر ديسمبر الجاري إلى منتصف يناير من سنة 2024، ستبدأ من مدينة موناكو الفرنسية إلى الناظور المغربية، مرورا بمحاميد الغزلان ومنطقة بودنيب، إلى أسا الزاك، ثم نحو الأقاليم الجنوبية، وصولا إلى مدينة الداخلة، على أن يمر المنافسون بعدها عبر معبر الكركرات نحو موريتانيا، قبل خط النهاية في داكار السنغالية”.

واعتبر رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان أن “احتضان الأقاليم الجنوبية لجزء كبير من رالي داكار موناكو، يكرس الإشعاع الذي تعرفه هذه الأقاليم، إضافة إلى فعاليات سياسية واقتصادية وتنموية ورياضية ذات طابع دولي يحسم معركة المملكة السيادية، ويُعرّفُ أكثر بالمنجز التنموي والاقتصادي المتراكم والمحقق في هذه الأقاليم، وفي المقابل يفضح زيف الدعاية الانفصالية التي طالما روجت أن واقع معاناة يعيشها سكان الصحراء المغربية ووضع أمني مهزوز ويكذبه الواقع الميداني من مناخ اقتصادي واعد واستقرار أمني مشهود له”.

ولم توقف تلك التهديدات القائمين على السباق في مواصلته منذ عودة مساره بعد فترة جائحة كورونا ليشمل الأقاليم الجنوبية المغربية، وسيمر من خلال معبر الكركرات الذي تم تحريره من ميليشيات بوليساريو قبل ثلاثة أعوام، رغم تهديدات الجبهة الانفصالية التي أشارت إلى أنها “تحذر المسؤولين عن النسخة الخامسة عشرة من سباق أفريقيا البيئي، وجميع المشاركين في السباق والجهات الراعية له، وتحمّلهم مسؤولية العواقب التي قد تنجم عن دخولهم وعبورهم التراب الوطني الصحراوي”.

ولفت رضا الفلاح أستاذ القانون الدولي إلى أن “هذا السلوك العدائي من طرف بوليساريو يخدم المغرب لكشف النوايا العدائية للجبهة ومن يدعمها، مع حرص قيادة الانفصاليين على حجب رؤية العالم عن المعاناة التي يعيشها سكان مخيمات تندوف”.

وأضاف في تصريح لـ“العرب” أنه “ما كان هذا السلوك ليلقى الاستغراب لولا حدوثه في السياق الراهن المتسم بتكثيف الجهود من أجل إحياء أجواء الثقة بين أطراف النزاع بعد المائدة المستديرة في جنيف تحت إشراف الأمم المتحدة”.

وليست هذه المرة الأولى التي تقوم فيها الجبهة الانفصالية بتهديد منظمي فعاليات رياضية في إطار استفزازاتها الميدانية، فقد سبق وأن اعترضت فعاليات مماثلة لسباقات رالي باريس – داكار في عامي 2001، و2018، وهددت بوقف السباق، معتبرة أن “المنطقة في حالة حرب”؛ غير أن منظمي التظاهرة يواصلون إلى حدود الساعة تجاهل بلاغاتها، مع توفير الأمن والسلام من طرف السلطات المغربية.

وأكد منظمو السباق أن المنطقة العازلة تدخل رسميا ضمن التراب المغربي، ونشروا خريطة المملكة كاملة خلال كشفهم المسار الجغرافي للسباق، مشددين على وجود شروط السلامة خلال مراحل السباق كاملة، والتي تشمل الشق الأمني والصحي، بما فيها ممرضون متنقلون وتوفر المواكبين في جل مراحل الطريق.

وفي النسخة الماضية هدّدت جبهة بوليساريو الانفصالية بعدم السماح للمشاركين في السباق بالعبور من منطقة الكركرات؛ ما دفع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى إصدار بيان شديد اللهجة ينتقد فيه استفزازات الجبهة، لكن على الرغم من التهديدات تمكّن الرالي من عبور المنطقة العازلة، دون تسجيل أيّ مشاكل.

وأكد مراقبون أن بوليساريو ترى في السباق وغيره من التظاهرات المقامة بالأقاليم الجنوبية تهديدا وجوديا لأطروحتها الانفصالية، خصوصا وأن هذا السباق العالمي يعتبر أحد أهم التظاهرات العالمية باعتباره يتجاوز البعد التنافسي ليصل إلى الأهداف التنموية والمجتمعية، والذي ساهمت أقاليم المملكة لسنوات في إنجاحه وجعله من أشهر التظاهرات عبر العالم، حيث يحرص المتسابقون على تشجيع السياحة بممرات السباق من خلال اقتناء المنتجات المحلية.