الأمم المتحدة تدين إيران لانتهاك حقوق الإنسان
في تقرير مؤلم تم تقديمه إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، اتهم جاويد رحمن، المقرر الخاص المعني بإيران، النظام الثيوقراطي بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، والهمجية، والقمع.
في تقرير مؤلم تم تقديمه إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، اتهم جاويد رحمن، المقرر الخاص المعني بإيران، النظام الثيوقراطي بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، والهمجية، والقمع.
وأشار السيد رحمن إلى أن النظام مذنب بارتكاب جرائم “القتل والسجن والتعذيب والاغتصاب وغيرها من أشكال العنف الجنسي والاضطهاد والاختفاء القسري وغيرها من الأعمال اللاإنسانية التي ارتُكبت كجزء من هجوم واسع النطاق ومنهجي موجه ضد المدنيين”. ويحتوي التقرير المكون من 42 صفحة على كم هائل من الأدلة على “التمييز المؤسسي ضد النساء والفتيات” وجرائم أخرى تشمل “عمليات القتل والقتل خارج نطاق القضاء وغير القانوني، والاستخدام غير الضروري وغير المتناسب للقوة، والحرمان التعسفي من الحرية، والتعذيب، والاغتصاب، والاختفاء القسري، والاضطهاد بين الجنسين”.
وأعرب المقرر الخاص عن قلقه العميق إزاء تسارع استخدام عقوبة الإعدام، مضيفًا أنه تم إعدام ما لا يقل عن 834 شخصًا في عام 2023، أي بزيادة قدرها 43٪ مقارنة بعام 2022، عندما أُعدم ما لا يقل عن 582 شخصًا. وأفاد بأن “أحكام الإعدام صدرت عقب إجراءات انتهكت الإجراءات القانونية الواجبة والحق في محاكمة عادلة، على النحو المنصوص عليه في المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والجمهورية الإسلامية الإيرانية طرف فيه”. وتابع أن المُعدمين تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة، وحُرموا في كثير من الأحيان من الاتصال بمحامٍ، ولم يُسمح للمحامين بالدفاع عن موكليهم. وذكر السيد رحمن أن “أعداد الذين أُعدموا من الأقليات العرقية والدينية لا تزال مرتفعة بشكل غير متناسب، لا سيما في الجرائم المتعلقة بالمخدرات أو الجرائم الأمنية”.
وانتقد المقرر الخاص إمكانية فرض عقوبة الإعدام على أكثر من 80 جريمة، بما في ذلك الجرائم الفضفاضة والغامضة المتعلقة بالأمن القومي والمحاربة (حمل السلاح لإزهاق الأرواح أو الممتلكات أو إثارة الخوف بين الناس)، والفساد في الأرض والبغي وغيرها من الجرائم مثل جرائم المخدرات والزنا واللواط والردة والكفر والسرقة وشرب الخمر (للإدانة الرابعة)، وكذلك الاحتيال والاستغلال الاقتصادي، وجرائم الدعارة وبعض أشكال الاتجار بالبشر. وأشار إلى أن “معظم هذه الجرائم لا ترقى إلى عتبة ‘أشد الجرائم خطورة’ وبالتالي يتم تطبيقها في انتهاك للمادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”.
وأفاد جاويد رحمن أيضًا بأن الملالي أعدموا ما لا يقل عن ثمانية متظاهرين شاركوا في الانتفاضة التي هزت إيران في عام 2022. ودعا إلى إلغاء عقوبة الإعدام والوقف الفوري لتنفيذ عمليات الإعدام، مشيرًا إلى أنه في ظل القانون الجنائي الإيراني، يمكن الحكم بالإعدام على الفتيات اللاتي لا تتجاوز أعمارهن 9 سنوات والفتيان الذين لا تتجاوز أعمارهم 15 عامًا بسبب جرائم القصاص وجرائم الحدود، مثل الزنا.
وأضاف أنه تم إعدام طفل مذنب واحد على الأقل، وهو حميد رضا أذري البالغ من العمر 17 عامًا، والذي يُزعم أنه ارتكب جريمة قتل عندما كان عمره 16 عامًا و8 أشهر، في 24 نوفمبر 2023. وكشف أن النظام الثيوقراطي هو أحد أبرز جلادي النساء، حيث أُعدم في عام 2022، 16 امرأة من أصل 24 امرأة تم إعدامهن على مستوى العالم في ذلك العام. وفي عام 2023، تم شنق 22 امرأة أخرى.
وواصفًا “التمييز المؤسسي الذي يمارسه الملالي ضد النساء والفتيات” بأنه انتهاك لحقوق الإنسان، لفت المقرر الخاص الانتباه بشكل خاص في تقريره إلى مقتل الفتاة الإيرانية الكردية الشابة مهسا أميني أثناء احتجازها، والتي قُتلت على يد شرطة الآداب بسبب ما يبدو أنه انتهاك للقوانين المتعلقة بالحجاب، مما أدى إلى اندلاع انتفاضة وطنية في عام 2022.
كما انتقد رحمن بشدة حملة القمع التي أعقبت التمرد، واصفًا الجرائم التي “ارتُكبت كجزء من هجوم واسع النطاق ومنهجي موجه ضد السكان المدنيين، أي النساء والفتيات وغيرهم من الأشخاص الذين يعبرون عن دعمهم لحقوق الإنسان”.
وأشار إلى أن بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة قدرت أن ما لا يقل عن 551 شخصًا قُتلوا على أيدي قوات الأمن، من بينهم 49 امرأة و68 طفلًا، معظمهم بسبب إطلاق النار. وفي معرض التشهير بـ “أساليب الشرطة الوحشية والقمعية المستمرة ضد الفتيات والنساء اللاتي يتحدين الحجاب الإلزامي”، ذكرت المقررة الخاصة أن التشريع “يمكن وصفه بأنه شكل من أشكال الفصل العنصري بين الجنسين، حيث يبدو أن السلطات تحكم من خلال التمييز المنهجي لقمع النساء والفتيات”.
وبالإشارة إلى الفظائع التاريخية التي ارتكبها الملالي والتي لم يتم فحصها بشكل صحيح، دعا جاويد رحمن المجتمع الدولي إلى المطالبة بالمساءلة ووضع حد لإفلات النظام المستمر من العقاب، من خلال التحقيق في “حالات الاختفاء القسري والإعدام بإجراءات موجزة والتعسفية في عامي 1981 و1988 واحتجاجات نوفمبر 2019”. وفي النصف الثاني من عام 1988 على وجه الخصوص، تم تنفيذ الإعدام بإجراءات موجزة لأكثر من 30 ألف سجين سياسي، الغالبية العظمى منهم كانوا من أنصار أو أعضاء منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة.
تم تنفيذ عمليات الإعدام الجماعية في السجون في جميع أنحاء إيران بناءً على فتوى أصدرها ولي الفقیة للنظام آنذاك خميني. ووافقت “لجنة الموت” على جميع أحكام الإعدام.
وأعرب السيد رحمن عن أسفه لأنه على الرغم من عدم تقديم أي من مرتكبي مذبحة عام 1988 إلى العدالة على الإطلاق، إلا أن سلطات النظام “تم نشرها لتدمير أي دليل متبقي على تلك الجرائم، فضلًا عن مضايقة الأفراد واستهدافهم”، مطالبًا بالمساءلة والعدالة فيما يبدو أنها سياسة حازمة لمحو هذه الأحداث من الذاكرة.
وفي الختام، دعا جاويد رحمن نظام الملالي إلى تنفيذ إصلاحات واسعة النطاق، بما في ذلك إلغاء عقوبة الإعدام ووضع حد للقوانين التمييزية ضد النساء والأقليات.
إن الانتفاضات المتكررة في جميع أنحاء البلاد والمقاطعة الجماعية للانتخابات الرئاسية الأخيرة، حيث أدلى ما يُقدر بنحو 8.2٪ فقط بأصواتهم، هي أوضح المؤشرات الممكنة على أن لا أحد يعتقد أن الإصلاحات يمكن أن تحدث أو ستحدث، وأن الإطاحة بالنظام من قبل الإيرانيين هي السبيل الوحيد لإعادة الديمقراطية والسلام والعدالة وحقوق الإنسان إلى السكان المحاصرين البالغ عددهم 75 مليون نسمة. وينبغي للأمم المتحدة والمجتمع الدولي دعم الشعب الإيراني في نضاله.