لماذا تأخرت الجزائر في الإعلان عن إصابة تبون بكورونا

صحة الرئيس لم تعد محل اهتمام كبير من قبل الجزائريين على خلاف جدل سابق رافق مرض الرئيس الأسبق بوتفليقة تخللته دعوات لتفعيل مادة دستورية حول شغور منصب الرئاسة.

وكالات

أعلنت الرئاسة الجزائرية في بيان الثلاثاء أنّ الرئيس عبدالمجيد تبون الذي يعالج في مستشفى بألمانيا مصاب بكوفيد-19، في أول إعلان رسمي يُحدد سبب مرض الرئيس الجزائري ويأتي بعد أيام قليلة من الاستفتاء على تعديل الدستوري.

وقال بيان الرئاسة "يُواصل رئيس الجمهورية السيّد عبدالمجيد تبون تلقيه العلاج بأحد المستشفيات الألمانية المتخصّصة، عقب إصابته بفيروس كوفيد-19 المستجد".

وتابع "يُطمئن الطاقم الطبّي بأنّ السيّد الرئيس يستجيب للعلاج وحالته الصحية في تحسن تدريجي وفق ما يقتضيه البروتوكول الصحي".

وبإعلان اصابة تبون بفيروس كورونا يكون من الزعماء القلائل الذين أصيبوا بكوفيد 19 مثل رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون والرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس البرازيلي جايير بولسونارو.

وكان الرئيس الجزائري البالغ من العمر 74 سنة قد نُقل إلى ألمانيا الخميس الماضي بعد أن قضى يومين في وحدة متخصصة بالمستشفى المركزي للجيش في العاصمة الجزائر، بدون توضيح لطبيعة مرضه.

في حالة مرض الرئيس وعجزه عن ممارسة مهامه بسبب مرض خطير ومزمن، يجتمع المجلس الدستوري وجوبا وبعد أن يتثبّت من حقيقة هذا المانع بكلّ الوسائل الملائمة، يقترح بالإجماع على البرلمان التّصريح بثبوت المانع

وفي بيان صدر في 24 أكتوبر/تشرين الأول اكتفت الرئاسة الجزائرية بالإعلان أن تبون المدمن على التدخين دخل "طوعيا" في حجر لخمسة أيام عقب الاشتباه في إصابة عدة مسؤولين كبار في الرئاسة والحكومة بفيروس كورونا المستجد.

وغاب بذلك الرئيس الجزائري عن تدشين جامع الجزائر الذي كان مقررا الأحد كما غاب عن الاستفتاء الدستوري الذي شهد نسبة مقاطعة قياسية.

وكان تبون قد نقل إلى مستشفى عسكري بالجزائر ومنه إلى ألمانيا، فيما رافقت رحلة العلاج حالة من الغموض باتت مألوفة لدى الجزائريين كلما تعلق الأمر بصحة رئيس الجمهورية.

وكان واضحا بنسبة كبيرة أن الفيروس ربما أصاب الرئيس ومع ذلك تكتمت الرئاسة الجزائرية عن الأمر ولم تعلن رسميا عن إصابته إلا بعد إجراء الاستفتاء المثير للجدل بثلاثة أيام.

وينص الدستور الجزائري على أنه في حالة مرض الرئيس وعجزه عن "ممارسة مهامه بسبب مرض خطير ومزمن، يجتمع المجلس الدّستوري وجوبا وبعد أن يتثبّت من حقيقة هذا المانع بكلّ الوسائل الملائمة، يقترح بالإجماع على البرلمان التّصريح بثبوت المانع". وفي هذه الحالة يتسلم السلطة رئيس مجلس الأمة (الغرفة الثانية للبرلمان).

لكن هذه المادة لم تطبق حتى في حالة الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة الذي أكمل ولايته الرابعة (خمس سنوات) عاجزا عن الحركة والكلام، بدون أن يعلن المجلس الدستوري عجزه.

وبدأ تبون مشواره الطويل في الإدارة والحكم في منصب وال (محافظ) عدة مرات اعتبارا من العام 1980 خلال حكم الحزب الواحد (جبهة التحرير الوطني)، ثم لفترة وجيزة وزيرا منتدبا في العام 1991 في ظل رئاسة الشاذلي بن جديد، قبل أن يختفي عن الساحة السياسية.

في حال إثبات عجز الرئيس بسبب المرض يتسلم السلطة رئيس مجلس الأمة، لكن هذا لم يُطبق في حالة بوتفليقة الذي أكمل ولايته الرابعة عاجزا عن الحركة والكلام بدون أن يعلن المجلس الدستوري عجزه

ولم يكن قد ترشح لأي انتخابات قبل الاقتراع الرئاسي في ديسمبر/كانون الثاني وهو "أحسن مثال للبيروقراطي"، وفق أحد مساعديه السابقين.

ولا يتقن الرجل الطويل القامة وصاحب الوجه الشاحب والشارب الخفيف، فن الخطابة كما لا يتمتع بحضور قوي.

وكان بوتفليقة عينه بعد انتخابه لولايته الأولى في 1999 وزيرا للاتصال، بعدما كان تقاعد عن الوظائف الحكومية وظل في الحكومة بحقائب مختلفة حتى 2002.

وبعد غياب عشر سنوات، استدعاه بوتفليقة مجددا ليتولى وزارة السكن، أهم القطاعات بالنسبة للجزائريين حتى تعيينه رئيسا للوزراء في العام 2017، لكنه أقيل بعد ثلاثة أشهر إثر تهجمه على رجال الأعمال الذين يدورون في فلك الرئيس ويستحوذون على كل الصفقات الحكومية ومعظمهم اليوم في السجن بتهم فساد.

وسجلت الجزائر خلال الساعات الـ24 الأخيرة 405 إصابات جديدة بفيروس كورونا المستجد و9 حالات وفاة، ما يرفع العدد الإجمالي للوفيات إلى 1989 من أصل 58979 إصابة منذ ظهور الوباء.

وشكل العزوف الكبير عن الاقتراع أوضح رسالة شعبية لتبون وللنظام الذي يطالب الحراك الشعبي برحيله لقناعته أن التعديلات الدستورية لا تبني الجزائر الجديدة وإنما ترسخ وجوده وتعيد إنتاج منظومة الحكم السابقة وان تغيرت الوجوه.

ولم تعد صحة الرئيس محل اهتمام كبير من قبل الجزائريين على خلاف وضع سابق رافق مرض الرئيس الأسبق عبدالعزيز بوتفليقة الذي اضطر للاستقالة تحت وطأة احتجاجات شعبية رفضت ترشحه لولاية خامسة.

وحين نقل بوتفليقة للعلاج في فرنسا بعد إصابته بجلطة دماغية في 2013 أبعدته أشهرا طويلة عن الظهور الإعلامي إلا نادرا في مناسبات مصورة أو في صورة ثابتة، طفا إلى السطح جدل حول صحة الرئيس وحول ضرورة تفعيل المادة 22 من الدستور السابق من عدمها وهي المادة التي تخوض في شغور المنصب في حالة العجز بسبب المرض أو الوفاة.

لكن مع الرئيس تبون وهو الابن المخلص للنظام أصبح الأمر مختلفا فلا جدل ولا سجالات سياسية حول شغور المنصب في حال المرض أو الوفاة.