الخرطوم ستوقع صفقات سلاح مع برلين

دعم ألماني للأجهزة الأمنية في السودان

الخرطوم

توج رئيس الحكومة الانتقالية في السودان عبدالله حمدوك زيارته إلى برلين باتفاق تتولى من خلاله ألمانيا تدريب القوات السودانية وإعادة هيكلة أجهزة الأمن لتكون قادرة على مواجهة التحديات التي يفرضها أنصار النظام السابق والمجموعات الانفصالية.

وأكدت مصادر دبلوماسية لـ”العرب” أن مظاهر الدعم متعددة المجالات، وتمتد إلى جوانب عسكرية وشرطية ومخابراتية، حيث تعتزم برلين المساهمة في إعادة تدريب الأجهزة الأمنية وهيكلتها، والتي تمثل واحدة من المنغصات أمام السلطة الانتقالية.

وحسب المصادر التي تحدثت إليها “العرب”، يشمل الدعم العسكري الألماني التوقيع على شراء صفقات سلاح بتسهيلات مالية كبيرة، وتأسيس هيئات عسكرية مهمتها اختيار العناصر المرشحة لدخول الكليات العسكرية والانضمام إلى قوات الجيش.

وتريد الخرطوم مضاعفة أعداد الكوادر العسكرية المدربة، إلى جانب الإشراف على اللجان المختصة بالترتيبات الأمنية التي ستتولّى عملية إعادة دمج عناصر الحركات المسلحة داخل هياكل الجيش ووحداته، بعد التخلص من قيادات كانت محسوبة على النظام السابق.

وأضافت المصادر ذاتها، لـ”العرب”، أن السودان سيوقع صفقات سلاح مع ألمانيا تشمل شراء طائرات حديثة وعربات دفع رباعي، وأجهزة اتصالية رادارية من شأنها أن تضيّق الخناق على المهربين وتجّار البشر والهجرة غير الشرعية عبر الحدود، وتمكين السلطة الانتقالية من فرض سيطرتها على مناطق الهامش عقب التوصل إلى سلام شامل.

وأشارت إلى أن مساعدة برلين تعتمد بشكل كبير على تقديم الدعم اللوجستي الذي تحتاجه القوات السودانية، وتدريب الكفاءات على استخدام المعدات الحديثة، ومتوقع إرسال بعثات سودانية إلى ألمانيا واستقدام خبراء عسكريين إلى الداخل للإشراف على عمليات التدريب.

وكشفت المصادر أن الجانب الألماني سيكون حاضراً أيضا ضمن جهود أوروبية للإشراف على دمج عناصر الحركات المسلحة داخل قوات الجيش، والأمر بات مرتبطا بما تتوصل إليه الأطراف السودانية خلال مفاوضات جوبا، وعمليات التدريب قد تمتد لسنوات من أجل ضمان تنمية القدرات البشرية لتطبيق الاستراتيجيات الحديثة في مجال مكافحة الإرهاب.

ورفع البرلمان الألماني، الخميس، العقوبات المفروضة على السودان، وأعاد التعاون الثنائي بين برلين والخرطوم، قبل يوم واحد من لقاء عبدالله حمدوك وأنجيلا ميركل.

وجاءت الخطوة في سياق المساهمة في بناء القدرات وسيادة القانون والإصلاح الدستوري والحكم الرشيد والإعداد للانتخابات وبناء الأحزاب والمجتمع المدني، واستئناف التعاون الإنمائي وتقديم الدعم السياسي والاقتصادي والمالي والتقني لتحسين الأوضاع في السودان.

وذكر الخبير العسكري السوداني، الرشيد إبراهيم، أن التعاون بين الخرطوم وبرلين له جذور تاريخية، فتسليح الجيش السوداني، قبل وصول عمر البشير إلى السلطة، اعتمد على معدات ألمانية، وبالتحديد في سلاح المدفعية والقنابل المضادة للدبابات والعربات المرسيدس التي تم توريدها للجيش، وشاركت الخرطوم في محاور عسكرية كانت برلين طرفاً رئيسياً فيها.

وأضاف في تصريح لـ”العرب”، أن إدخال أسلحة ألمانية إلى منظومة التسليح السودانية ذات التقنيات العالية أحد أهداف الحكومة الانتقالية التي تسعى لتنويع مصادر السلاح، والانفتاح مرة أخرى على الدعم العسكري الغربي، بعد أن تأثرت قوة الجيش بالحصار الطويل.

وتوقع الرشيد منافسة بين الدول الغربية لإعادة دعم القوات المسلحة السودانية وتأهيلها، لكن الحكومة الألمانية استبقت العديد من الدول التي مازالت تنتظر وضوح المرحلة الانتقالية وإنجاز ملف السلام، مشددا على أن التركيز على الجوانب العسكرية حاليا تجري ترجمته في إطار العلاقات الثنائية الطبيعية بين البلدين.

وشدد متابعون على أن تحقيق الأهداف من التعاون العسكري المشترك يرتبط بمدى ثبات توجهات الخرطوم الفترة المقبلة، وحسابات القوى التي سوف تفوز في الانتخابات القادمة.

وقالت أستاذة العلاقات الدولية بجامعة الخرطوم، تماضر الطيب، هناك رغبة أوروبية جادة لإحداث تحول ديمقراطي في السودان، عكس الولايات المتحدة التي تتحدث ظاهرياً عن الأمر وتبحث عن مصالحها فقط، ولا يعنيها بالقدر ذاته إعلاء قيم الديمقراطية في السودان، وألمانيا على وجه التحديد عانت من انعكاسات الاضطرابات التي مرّ بها السودان، حيث تحول إلى ممر دولي للهجرة غير الشرعية.

وكانت زيارة هايكو ماس وزير الخارجية للخرطوم في الـ3 من سبتمبر الماضي، الأولى لمسؤول ألماني للسودان منذ عام 2011، وجاءت بالتزامن مع الإعلان عن تشكيل الحكومة الانتقالية، وعكست حرص برلين على دعم التحول السياسي في الخرطوم.

ولفت جيراد مولر، وزير التعاون الاقتصادي والتنمية الألماني، إلى تقديم 80 مليون دولار إلى السودان في مجالات الطاقة والبنى التحتية، وعدم وجود عائق لوصول هذا الدعم، خلال زيارته للخرطوم في الـ6 من فبراير الجاري.

واعتبر أن التعاون الثنائي مع السودان سيفتح فرصا جديدة، خاصة أن شركة سيمنز الألمانية تقوم بتنفيذ العديد من المشاريع في السودان، قائلا “سنركز على زيادة الإنتاج في السودان حتى يكون سلة الغلال في أفريقيا، إلى جانب دعمه في مجال التعليم التقني”.

ومقرر أن يزور الرئيس الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، السودان في الـ20 من فبراير الجاري بصحبة عدد من المستثمرين والخبراء، ما يعزز أطر العلاقات المشتركة، وقد يكشف عن كثير من ملامح التعاون المتوقع.