شؤون العرب والخليج
شواهد على اتساع فجوة الثقة بين تركيا وقطر..
تقرير أمريكي: هل توشك تركيا على فقدان حليفها الوحيد في الخليج؟
تتحدث منابر إعلامية أمريكية عن ما بات يوصف بأنه شقٌ متوسع من الثقة ”المهزوزة“ بين تركيا وقطر سيُجبر الطرفين، تدريجيًا، على تقديم تنازلات إضافية من أجل تطبيع علاقاتهما مع السعودية والإمارات.
فتحت عنوان: ”هل توشك تركيا على فقدان حليفها الوحيد في الخليج؟“، عرض موقع ”المونيتور“ الأمريكي جملة من الشواهد التي سبقت ورافقت قمة مجلس التعاون الخليجي الأخيرة في الرياض، وأظهرت حجم فجوة الثقة المتزايدة بين القيادتين التركية والقطرية.
موضوعا الاقتصاد والقاعدة العسكرية
فقبل أسبوعين تقريبًا من انعقاد قمة مجلس التعاون في الرياض وما رافقها من ترتيبات وتكهنات بشأن العلاقات بين الدوحة ورباعية الدول العربية المقاطعة لقطر، قام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بزيارة الدوحة (25 نوفمبر 2019)، مرفوقًا بحملة إعلامية تركية تتحدث عن ”مأسسة“ العلاقات بين أنقرة والدوحة.
تعبير ”مأسسة“ العلاقات بين البلدين، جاء ليعكس حجم الشكوك التركية المتزايدة تجاه واقع ومستقبل العلاقات مع الدوحة، ليس فقط بشأن القاعدة العسكرية التركية في قطر، وإنما أيضًا تجاه حجم الدعم الاقتصادي الذي كانت تتوقعه تركيا من قطر، حسب ما نقلت المونيتور عن المحلل التركي ”فهيم تاستلين“.
وسجلت الشبكة الإعلامية أنه بدلًا من مأسسة العلاقات الأمنية والعسكرية والسياسية، فقد انحصرت الاتفاقيات السبعة التي وقعها الوفد التركي بمواضيع الاستثمارات والعلاقات الإجرائية بين البلدين. وفي الأثناء جرى رفع سقف ”صفقات المبادلة“ المالية بين البلدين من 3 مليارات دولار إلى 5 مليارات وهو مبلغ ما زال يخذل التوقعات التركية.
وفي موضوع القاعدة العسكرية التركية المرابطة في قطر، والتي طالبت رباعية الدول العربية المقاطعة للدوحة، بإخراجها من قطر، فإن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لم يستطع إخفاء قلقه على مصيرها.
وسجّلت المونيتور من كلمة أردوغان التي ألقاها في الدوحة، شواهد قالت إنها كانت كاشفة عن مدى توجّسه، وتستهدف تذكير قطر بما قدّمته تركيا لها؛ حيث قال الرئيس التركي: ”الذين يطالبون بإغلاق هذه القاعدة لا يعرفون أن قطر صديقتنا في الأيام الصعبة. نحن لم نتخل عن أصدقائنا، ولن نفعل“، وهو تذكير استباقي للدوحة.
”الإخوان المسلمون“ وتحالف “ مسلم 5″
وسجّل التقرير شاهدين آخرين على فجوة الثقة بين أنقرة والدوحة. فالشكوك المتبادلة بين دولتين تشاركتا في إدارة واستثمار ما سمي بـ“الربيع العربي“، يشهدان الآن متغيرات سريعة في المنطقة في الحراكات الشعبية بلبنان والعراق وإيران، كما يشهدان ضغطًا دوليًا وإقليميًا على الإخوان المسلمين الذين تتشارك أنقرة والدوحة في تمويلهم وتوظيفهم، كما يقول التقرير.
وفي هذه السياقات جاء موضوع مبادرة ”مسلم 5“ التي توافقت فيها، تركيا وقطر وماليزيا وباكستان وإندونيسيا، على بناء تكتل ستنعقد له قمة في كوالالمبور 18 – 21 الشهر الحالي.
وسجّلت المونيتور أن تركيا لا تخفي قلقها من احتمالات تخلّي قطر عن الإخوان المسلمين تحت ضغوط إقليمية ودولية متزايدة، حيث ظهرت إشارات عديدة في هذا الاتجاه. وهو الأمر الذي كانت توافقت بشأنه تقارير إعلامية أمريكية واستخبارية أوروبية ترى في مؤتمر كوالالمبور تدشينًا لمرحلة جديدة من تواجد الإخوان المسلمين في ماليزيا وتنفّذهم هناك كبديل محتمل للدوحة.
العملية العسكرية التركية شمال سوريا
ورصد تقرير المونيتور ما حصل في اجتماع الجامعة العربية بشأن العملية العسكرية التركية في شمال سوريا، حيث لم تصوّت قطر مع تركيا. فقط ليبيا هي التي اعترضت على قرار الجامعة العربية بشجب التدخل التركي، بينما اكتفت قطر والصومال بالتحفظ، وهو موقف عمّق شكوك أنقرة بمستقبل علاقاتها مع الدوحة.
ونقل التقرير عن محلل خبير بالاتصالات، أن ما زاد في خذلان تركيا هو أن الإعلام القطري، بالعربية والإنجليزية، لم يقف إلى جانب العملية التركية؛ ما أثار حفيظة أنقرة وجعلها تنتقد قناة ”الجزيرة“ علنًا وتصفها ببث ما يدعم الإرهاب.
موضوع ليبيا.. رسالة تركية لقطر
ونقلت الشبكة عن عسكري كبير متقاعد، قوله إن إعلان أردوغان عن استعداده لإرسال قوات تركية إلى ليبيا هو في حقيقته رسالة تركية موجهة إلى قطر.
فمنذ ما سمي بـ“الربيع العربي“ استمرت تركيا وقطر على مدى العقد الماضي بدعم ميليشيات وأطراف معينة في ليبيا موصوفة بالإرهاب.
واليوم يأتي حديث أردوغان ليُذكر القطريين بأن هذه المهمة المشتركة بخصوص رعاية ”الإسلام السياسي“، لم تنته بعد.
أردوغان مضطر للمهادنة
وينقل التقرير عن دبلوماسي تركي سبق وعمل في الخليج، قناعته أن أردوغان الذي وظّف قضية الصحفي السعودي جمال خاشقجي وغيرها كقضية شخصية ضد القيادة السعودية، يواجه الآن متغيرات في البيئة السياسية الإقليمية، تُجبره على تقديم مهادنات لعلها تعيد له العلاقات الطبيعية مع السعودية والإمارات.