شؤون العرب والخليج
فون دير لاين تتعهد بالدفاع عن حقوق النساء بعد إهانتها في أنقرة
إهانة لن تمر دون رد الاعتبار
تعهّدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بعد 20 يوما من تعرضها للإهانة في أنقرة في لقاء مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حين تركت بلا مقعد لفترة بينما خصص مقعد لزميلها رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال بجانب أردوغان، بتعزيز حقوق المرأة والدفاع عنها واصفة ما حدث لها بأنه ازدراء للنساء.
وفون دير لاين هي أرفع وأول امرأة تشغل منصبا تنفيذيا كبيرا في الاتحاد الأوروبي وقد وضعت الدفاع عن حقوق المرأة على جدول أولوياتها، في وقت تواجه فيه تركيا انتقادات دولية حادة بتهمة انتهاك حقوق المرأة لاسيما بعد انسحابها من اتفاقية إسطنبول الملزمة لمكافحة العنف ضد المرأة.
وقالت فون دير لاين في كلمة أمام البرلمان الأوروبي الاثنين بينما بدا الغضب على وجهها “إن ما حدث في السادس من أبريل عندما أُبعدت إلى أريكة بينما جلس كل من أردوغان ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل على كرسي معدّ له، يظهر ازدراء للنساء اللائي يعملن بالسياسة”.
وأضافت “ليس بإمكاني إيجاد مبرر للطريقة التي عُوملت بها.. لذلك يتعيّن عليّ أن أستنتج أن ذلك حَدَث لأنني امرأة”، متسائلة عما إذا كان ممكنا حدوث ذلك لو كانت رجلا؟
وتابعت “شعرت بالأذى وشعرت بالوحدة باعتباري امرأة وباعتباري أوروبية” وذلك في انتقاد لشارل ميشال الذي تعرض لانتقادات شديدة من الكثير من الساسة الأوروبيين لأنه لم يتدخل نيابة عنها في أنقرة.
وكانت هذه الحادثة قد فجّرت جدلا في أوروبا وسجالات بين المفوضية والمجلس الأوروبي حول الصلاحيات، فبينما يقول الأخير إن شارل ميشال هو المكلف بالتفاوض وهو أعلى درجة من رئيسة المفوضية، تجادل الأخيرة بأن كليهما على نفس الدرجة.
وقالت فون دير لاين “أنا رئيسة المفوضية الأوروبية وهذا ما توقعت معاملتي على أساسه وأنا أزور تركيا.. لكن ذلك لم يحدث”. وعبر شارل ميشيل مجددا في كلمة أيضا أمام البرلمان الأوروبي عن أسفه لما حدث والذي قال إنه يفهم أنه أساء للكثير من النساء.
وقال أيضا من الصعب أن تكون هناك علاقات اقتصادية أكبر مع تركيا بسبب تراجع الحقوق والحريات الأساسية هناك، مضيفا “من الصعب التفكير في تعاون واسع النطاق مع تركيا إذا استمرت الإجراءات السلبية في هذا المجال”.
وبدت تصريحات ميشال متناغمة مع تلك التي أدلت بها فون دير لاين في ما يتعلق بانتهاك أنقرة لحقوق الإنسان، وهو ملف خلافي كبير بين تركيا والاتحاد الأوروبي.
ويبدو أن رئيس المجلس الأوروبي أراد أيضا أن يظهر توافقا مع رأي زميلته حتى يتفادى المزيد من الانتقادات، حيث وجه له الكثير من المسؤولين الأوروبيين اللوم لأنه لم يتخذ ردّ فعل مناسب إزاء تعرض رئيس المفوضية للإهانة في أنقرة وهو الذي ظهر مع أردوغان وكأنه تجاهل ما حدث وجلس دون أن يعير اهتماما لبقاء فون دير لاين بلا مقعد.
وكانت تركيا قد حملت الاتحاد الأوروبي المسؤولية عما حدث، مشيرة إلى أن الأوربيين شاركوا في وضع بروتوكول الزيارة، نافية أن تكون الرئاسة التركية تعمّدت الإساءة لرئيسة المفوضية الأوروبية، وهو تبرير لم يجد صدى يذكر داخل الأجهزة الأوروبية.
وانسحبت تركيا مؤخرا من أول اتفاق في العالم لمكافحة العنف ضد المرأة، ما أثار انتقادات على الفور من حزب المعارضة الرئيسي في البلاد، فيما تروّج السلطة إلى أن ذلك يأتي لخصوصية التقاليد والسلوكيات الدينية التركية.
ويلزم اتفاق إسطنبول الذي وقّع عام 2011، الحكومات بإصدار تشريعات تعاقب العنف الأسري والانتهاكات المماثلة، بما في ذلك الاغتصاب الزوجي وختان الإناث. وكانت أنقرة ناقشت إمكانية الانسحاب من الاتفاق بعدما طرح مسؤول في الحزب الحاكم الذي يتزعمه أردوغان مسألة التخلي عن المعاهدة العام الماضي. ومنذ ذلك الحين، نزلت النساء إلى شوارع إسطنبول ومدن أخرى لدعوة الحكومة إلى عدم الانسحاب من الاتفاق.
وانتقد حزب الشعب الجمهوري وهو حزب المعارضة الرئيسي في تركيا هذا القرار. وغرّدت غوغشي غوغشان نائبة رئيس حزب الشعب الجمهوري المكلفة بشؤون حقوق الإنسان، أن التخلي عن هذا الاتفاق يعني “السماح بقتل النساء”. وأضافت “رغما عنكم وعن شرّكم، سنبقى على قيد الحياة ونعيد إحياء الاتفاق”.
وترى ناشطات نسويات في تركيا أن حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم ينظر إلى النساء من زاوية دينية ويضعهن في مرتبة أقل من الرجال.
ويقول هؤلاء إن جزءا كبيرا من المسؤولية عن حدوث ذلك يقع على عاتق الحكومة الإسلامية المحافظة وعلى الرئيس أردوغان الذي أعلن في أكثر من مناسبة عن آرائه الصادمة تجاه المرأة. وكان أردوغان قال في تصريحات سابقة إن “النساء لا يمكن معاملتهن على قدم المساواة مع الرجال”.
ورغم تجاوب الحكومة مع دعوات السياسيين لحماية المرأة في الفترة الأخيرة، لا يزال العديد من النساء التركيات يعتقدن أن تصاعد معدلات العنف ضدهن يرتبط بسياسات أو خطاب الحزب الحاكم في تركيا.
وقالت المحامية هوليا غولبهار التي تتولى الدفاع عن قضايا المرأة إن “الحكومة دأبت على إطلاق تصريحات دعائية مثل (النساء والرجال مختلفون بطبيعتهم) أو (الأمومة هي دور مقدس للنساء)، ولذا فإننا نواجه عنفا سياسيا هنا”.