شؤون العرب والخليج
فرماجو يبحث عن مخرج لتسوية أزمة الانتخابات في الصومال
أزمة سياسية تنذر بحرب أهلية
يترقب الصوماليون مخرجات جلسة برلمانية صاخبة السبت حول أزمة الانتخابات، فيما تهيمن عليهم مخاوف من تجدد الاشتباكات التي شهدتها العاصمة مقديشيو، الأحد، بين قوات حكومية وأخرى موالية للمعارضة الرافضة لتمديد ولاية الرئيس محمد فرماجو لمدة عامين.
وقبل فرماجو الأربعاء المثول أمام البرلمان لإيجاد تسوية سلمية للأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد منذ إعلانه تمديد ولايته الرئاسية، ما ساهم في تهدئة الأجواء نسبيا، إلا أن المعارضة السياسية تشكك في نية الرئيس التراجع عن قراره السابق وتنظر بحذر إلى الخطوة.
وفيما يصنف مراقبون خطوة فرماجو ضمن خانة المناورة السياسية يقول آخرون إنها خطوة في طريق التهدئة وتجاوز الخلاف حتى إن لم تسفر عن نتائج في جلسة السبت.
ورجح أحمد عينب، وهو صحافي وأكاديمي، أن “الحكومة ستخضع لضغوط المعارضة والمجتمع الدولي، وستتخلى عن القانون الجديد، وستعود إلى طاولة المفاوضات لإيصال البلاد إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية”.
وقال فرماجو إنه كان سيلتزم باتفاق سابق يدعو إلى إجراء الانتخابات قريبا لكن هذه المشاحنات السياسية عطلت الأمر. ولم يتخل صراحة عن مقترح تمديد ولايته.
ولم يذكر الرئيس المعارضة في خطابه لكنه ندد بشخصيات لم يسمها وجهات أجنبية “لا هدف لها سوى زعزعة استقرار البلاد”. وقال عبدالرحمن عبدالشكور من حزب وادجير المعارض في بيان على فيسبوك “”خطابه لا معنى له، مهين وغير جدير بالاحترام”.
وحث النائب البرلماني المعارض مهاد صلاد الشعب على التأكد من إجراء الرئيس للانتخابات.
وقال صلاد “فرماجو لم يذكر كيف يمكن حل الوضع السياسي الراهن، ولم يدعُ إلى مصالحة سياسية”. وحذر من أن الجنود يأتمرون بأمر القيادة العشائرية.
وتتألف القوات المسلحة التي تشكلت في الآونة الأخيرة في الصومال من ميليشيات عشائرية كثيرا ما اقتتلت على السلطة والموارد.
وينتمي الرئيس إلى دارود، إحدى العشائر الرئيسية في الصومال. أما أغلب العسكريين الصوماليين في العاصمة فمن عشيرة هوية، وهي عشيرة أخرى كبيرة ينتمي إليها معظم زعماء المعارضة.
وقال رشيد عبدي المحلل المتخصص في شؤون القرن الأفريقي إن خطاب فرماجو “ترك الخيارات مفتوحة أمامه”.
ويتبادل الفريقان اتهامات بالمسؤولية عن تأجيل إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية أكثر من مرة؛ جراء خلافات بينهما حول آلية إجرائها في بلد يحاول التعافي من تداعيات حرب أهلية اندلعت إثر انهيار الحكومة المركزية في 1991.
وهذا الوضع تأزم أكثر بالتزامن مع إقرار البرلمان، في 12 أبريل الماضي، مشروع قرار لإجراء انتخابات مباشرة خلال عامين، ما يعني تمديد ولاية الهيئات التشريعية والتنفيذية لمدة عامين.
وأثار هذا التمديد رفضا من المعارضة، التي يقودها مرشحون محتملون للانتخابات الرئاسية، وشركاء الصومال الدوليين، حيث انتهت ولاية البرلمان في 27 ديسمبر الماضي، فيما انتهت ولاية فرماجو، وهي من أربع سنوات، في 8 فبراير الماضي.
والثلاثاء دعا رؤساء ثلاث ولايات فيدرالية (من أصل 5)، هم رؤساء كل من هيرشبيلى وجلمدغ وجنوب غرب الصومال، ورئيس إقليم بنادر ورئيس الحكومة الفيدرالية، إلى إجراء انتخابات “بشكل عاجل”، في رفض للتمديد.
وقال شريف شيخ أحمد، الرئيس الصومالي الأسبق (2009 – 2012)، رئيس كتلة المرشحين المحتملين في سباق الرئاسة، إن “الرئيس فرماجو، المنتهية ولايته، لا يمكنه فرض إملاءاته على البلاد، ولن يستمر في حكمه في حال أصر على التمديد لمدة عامين”.
وشدد شيخ أحمد، في تصريح لوسائل إعلام محلية، على أن “الشعب تذوق طعم الدكتاتورية ولن يعود (إليها) ثانية، وعلى الرئيس المنتهية ولايته العودة إلى مائدة المفاوضات، والكف عن تمديد ولايته”.
ورفضًا لتمديد ولاية فرماجو انسحبت وحدات من الجيش من ثكناتها في إقليم شبيلى الوسطى (جنوب)، وهو ما أثار مخاوف من حدوث تمرد في جيش لا يزال في طور التأسيس بعد الحرب الأهلية.
وقال شريف روبو، وهو قائد عسكري متقاعد، إن “التركيبة القبلية الهشة في الجيش، منذ انهيار الحكومة المركزية، تجعله عرضة للمزيد من الانشقاقات، في حال مواصلة المعارضة السياسية تحريض الجيش ضد الدولة”.
ورأى أن “إعلان وحدات من الجيش تمردها، رفضا لتمديد ولاية فرماجو، قد يكون بداية للمزيد من الانشقاقات، ما قد يؤدي إلى مواجهات مسلحة داخل الجيش”.
وشدد على أن “انشغال الجيش وتدخله في العملية السياسية حدث خطير في بلد كهذا، ويمهد لمرحلة يكون فيها الجيش لاعبا في العملية السياسية”.
وحذر من أن هذا الوضع “قد يتيح لحركة الشباب (المتمردة) فرصة ثمينة لاستعادة قرى وبلدات مهمة خسرتها في السنوات الماضية أمام القوات الأفريقية والصومالية”.
وبجانب الجيش أعلن مسؤولون في شرطة مقديشو انشقاقهم وانضمامهم إلى المعارضة.
وحذر وزير الأمن الصومالي، حسن حندوبي، الثلاثاء قادة المعارضة من أن يصبحوا “ملاذا آمنا لجماعات إرهابية وعصابات مسلحة” من أجل زعزعة أمن العاصمة.
ووصف الوحدات المتمردة التي تتحرك في مقديشو بـ”الميليشيات” المسلحة التي يجب التصدي لها.
وشدد على أن القوات الحكومية قادرة على فرض سيطرتها على العاصمة، لكنها تتجنب خوض صراع في مناطق مأهولة بالسكان، حفاظا على حياة مواطنيها.