شؤون العرب والخليج

كسب القاهرة لثقة المجتمع الدولي رهين بعدم ملاحقة النشطاء السياسيين

مصر تستنجد بالمنظمات الأهلية لتدعيم الديمقراطية وحقوق الإنسان

أكثر مرونة

القاهرة

أقدمت الحكومة المصرية على تبني خطوات مرتبطة بعمل المنظمات الحقوقية واتخذت مسارات مختلفة تسعى من خلالها لتحسين صورتها وتخفيف حدة الاتهامات التي طالتها بأنها تعادي حقوق الإنسان.

وفي إطار هذه المسارات منحت الحكومة المصرية قبل أيام ضوءا أخضر لبعض الجمعيات الأهلية لتوسيع نطاق عملها في مجال تنمية الديمقراطية وحقوق الإنسان.

ويشير متابعون إلى أن الحكومة مهما امتلكت من أدلة وبراهين على ضلوع نشطاء ومنظمات محلية وأجنبية في عمليات مشبوهة دون إظهار المرونة وحسن النوايا في تعاملها مع ملف حقوق الإنسان والكف عن ملاحقة النشطاء وكسب ثقة الناس عبر إجراءات ناجزة، فإن خطابها السياسي لن يحظى بالقبول الكافي لدى المجتمع الدولي.

وقالت وزارة التضامن الاجتماعي إن المنح الأجنبية التي تصل إلى المؤسسات الحقوقية قفزت إلى الضعف خلال النصف الأول من العام الجاري، مقارنة بمثيلاتها السنة الماضية في ظل الانفتاح والمرونة التي تتعامل بها الحكومة مع المنظمات والطريقة الإيجابية في تطبيق قانون العمل الأهلي.

ووافقت الوزارة على 789 منحة واردة إلى 232 جمعية بمبلغ إجمالي قدره 1.4 مليار جنيه (نحو 100 مليون دولار) في النصف الأول من 2021 مقابل 391 منحة واردة إلى عدد 118 جمعية بمبلغ إجمالي قدره 791.8 مليون جنيه (نحو 53 مليون دولار) في نفس الفترة من العام الماضي.

وجرى توسيع دائرة المشروعات المستهدفة من المنح الأجنبية لتشمل الصحة والتعليم والبيئة وحقوق الطفل والمرأة ومناهضة العنف في المجتمع وتنمية الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان، وهي الملفات التي كان يتم التعامل معها من جانب المنظمات بحيطة وحذر خشية الاستهداف وغلق مقار الجمعيات.

وكشفت مصادر حقوقية لـ”العرب” أن الحكومة أصبحت “مقتنعة بحتمية غلق الثغرات التي تنفذ منها حكومات غربية للضغط على مصر بورقة العمل الأهلي وجني مكاسب سياسية في توقيتات بعينها، ورأت أنه طالما هناك عمل منظم وشرعي أمام أعين الأجهزة وبعيد عن التيارات التخريبية، فلا مانع منه”.

وأضافت أن تضمين ملفات حقوق الإنسان والديمقراطية والحريات في المشروعات المتاحة للمنظمات الأهلية جاء بعد قناعة الحكومة بأن الدولة صارت قوية ولم يعد يرهبها التطرق إلى هذه القضايا شريطة عدم ارتكاب مخالفات مالية، أو تحويل الجمعيات إلى مقار سياسية وحزبية ومأوى خلفي لتنظيمات إسلامية.

ويعتقد البعض من المراقبين أن التحرك المصري غير منفصل عن بعض التطورات الخارجية، فقد جاء بعد ضغوط خارجية أبرزها انتقادات وجهتها وزارة الخارجية الأميركية للقاهرة مؤخرا تتعلق بطريقة تعاملها مع نشطاء سياسيين.

لكن هؤلاء أكدوا أن “نوايا الحكومة للانفتاح موجودة منذ فترة، وجاءت نتيجة محادثات ومشاورات مع مسؤولي منظمات أهلية وعاملين في مجال حقوق الإنسان بمصر”.

وأفرجت الحكومة على فترات متلاحقة عن نشطاء وحقوقيين وصحافيين، وكانت آخر دفعة قبيل عيد الأضحى ضمن الإفراجات التي تحدث عادة في المناسبات الدينية والقومية، وسبق لها تبرئة منظمات كانت متهمة في القضية المعروفة بـ”التمويلات الأجنبية المشبوهة”، كبداية لطي صفحات الماضي التي شهدت حالة من الشد والجذب بين الحكومة ومنظمات محلية ودولية.

ورأى علاء شلبي رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان أن هناك دلالات إيجابية تؤكد توافر الإرادة السياسية للتقدم وتعزيز الثقة في الحكومة وقدرتها على معالجة بعض الأخطاء، اتصالا بتوجهات تعتمد على تبني خطة طويلة الأمد لإصلاح أوضاع حقوق الإنسان وتوفير مناخ جيد للحريات السياسية.

وأوضح لـ”العرب” أن المنظمات الأهلية تتطلع إلى تسريع وتيرة إجراءات الإصلاح وإنهاء الملاحقات القضائية بحق بعض نشطاء حقوق الإنسان المحليين واغتنام الفرصة لتفعيل كل بنود قانون تنظيم العمل الأهلي ومعالجة الفجوات التي قادت إلى إشكاليات عديدة.

وظلت الحكومة تدافع عن توجهاتها ونواياها الحسنة تجاه هذا الملف لسنوات طويلة عبر المسار الدبلوماسي فقط ولم ترفقه بخطوات عملية في صميم الانتقادات.

ولجأت مؤخرا إلى تقريب وجهات النظر مع شخصيات بارزة في ملف حقوق الإنسان ورؤساء منظمات أهلية محلية للوصول إلى صيغة يمكن التوافق عليها، حيث يكون لكل طرف حقوقه ومسؤولياته وأفرزت النقاشات تغيرات نسبية في رؤية الحكومة المصرية.

وعلمت “العرب” أن مسؤولي الجمعيات الأهلية أبلغوا الحكومة بأن معيار جديتها وحسن نواياها الحقيقي في الملف الأهلي يكون بالتنفيذ والإجراءات الواقعية وليس بمجرد إصدار تشريعات عصرية، وذلك إذا أرادت وقف الأنظمة الغربية التي تتخذ من حقوق الإنسان وسيلة للتدخل في الشؤون المحلية، وهو ما أقنع أجهزة مصرية رفيعة بالعمل على تغيير الانطباعات الدولية في مجال حقوق الإنسان.

ويوصف هذا الانفتاح بـ”الضوء الأخضر” الذي منحته الحكومة للجمعيات الأهلية بخصوص تنمية الديمقراطية وحقوق الإنسان وأنها صارت مقتنعة بأن جزءا من قوة الدولة يستمد من مرونتها مع المجتمع المدني، والنظام الهش هو الذي يخشى التطرق إلى الحقوق والحريات، ويصعب إطلاق جمهورية جديدة مع استمرار المضايقات.

وحال وصلت القاهرة إلى هذه المرحلة من التطور الإيجابي، قد تتوقف زوابع المجتمع المدني ضدها، وتسهل مهمتها في التحرك بدون قيود، وتقدم نفسها كشريك إقليمي قوي وفاعل ومحوري في المنطقة.

ويشير حقوقيون إلى أن التنفيذ الحرفي لقانون الجمعيات الأهلية بالسماح للمنظمات بالتنمية في الحريات وحقوق الإنسان يؤكد أن هناك أرضية خصبة يمكن البناء عليها للثقة بين المؤسسات الحقوقية والحكومة، وإن كانت الخطوة تأخرت لكنها تعزز وجود حسن نوايا مدفوعة برؤية سياسية قائمة على التمسك باستقلال القرار المصري.

وكشف الحقوقي البارز نجاد البرعي لـ”العرب” أن هناك تغييرات ملموسة في تعامل الحكومة مع الجمعيات الأهلية، وتم رصد تطورات واضحة في هذا الملف، أهمها الإفراجات المتكررة، والتغير الحاصل في الخطاب الرسمي ودعوة منظمات للمشاركة بفاعلية في المجال الأهلي والإنساني، متوقعا حدوث المزيد من الإصلاحات مع التحسن المتصاعد في الأوضاع الأمنية والاستقرار السياسي.

ويرتبط التوقيت الراهن بسعي الحكومة لحشد الرأي العام خلفها مع تراكم التحديات سواء أكان من الجمهور العادي أو المنظمات الأهلية، بعدما تأكدت أن غالبية المؤسسات الحقوقية تديرها شخصيات وطنية تمكنت من التفرقة بين دعاة الفوضى ومن يرغبون في إصلاح أوضاع حقوق الإنسان دون إخلال بالأمن القومي.

قرار البرلمان الأوروبي؛ تشديد العزلة على “رأس الأفعى”


15 عملية ضد نظام الملالي: شباب الانتفاضة يضرمون النار في مقرات قوات حرس النظام الإيراني في طهران وعدة مدن إيرانية مهمة


هندوستان نيوز ناين: تقديم خميني باعتباره أكثر الأشخاص شرًا في الكتب المدرسية


مريم رجوي تدعو الأمم المتحدة للتدخل الفوري لإنقاذ سجناء سياسيين من الإعدام في إيران