هل يقرر العالم التعايش مع فيروس كورونا؟

أدى ارتفاع مفاجئ في الإصابات بفيروس كورونا المستجد، إلى إغلاق الملاهي الليلية مؤقتًا في عاصمة كوريا الجنوبية، سيؤول. فيما شدد لبنان حظر التجول الذي خففه في وقت سابق، بعد أن عادت حالات الإصابة للزيادة في عطلة نهاية الأسبوع، في حين يتساءل القادة الألمان عن العودة إلى الحياة الطبيعية بسرعة كبيرة، حيث تمتلئ حدائق البلاد، ويبدو أن معدل الإصابة بها يتسارع، وهو ما ينذر بدخول المرحلة التالية من جائحة الفيروس التاجي.

ويؤدي استقرار معدلات الإصابات، إلى تخفيف قيود الإغلاق القاسية التي سادت في للأشهر القليلة الماضية، والتي نُفذت لمنع أنظمة الرعاية الصحية من الانهيار، وبدأت تتراجع تدريجيًا، وتتزايد الخسائر الاقتصادية والاجتماعية للعزلة الجماعية كل يوم.

ووفقًا لصحيفة "الغارديان" البريطانية، فإنه تم الترحيب بالأنظمة الأكثر تساهلًا، بما في ذلك في فرنسا والمملكة المتحدة وإسبانيا، لكن المشكلة الأساسية، هي أن الفيروس المعدي لا يزال طليقًا، كلما زاد الاختلاط،  انتشر أكثر.

نتيجة حتمية

وذكرت الصحيفة، أن ان العلماء لم يتفاجأوا بالزيادة في حالات الإصابة في الصين وإيران، وغيرها من الأماكن التي خففت من إغلاقها في الأسابيع الماضية. ونقلت عن إيان جونز، أستاذ علم الفيروسات في جامعة ريدينغ، قوله: "إنه أمر مثير للقلق، ولكنها متوقعة، إنها نتيجة حتمية لعودة الاختلاط الاجتماعي".

في حين قال إيان ماكاي، عالم الفيروسات بجامعة كوينزلاند للصحيفة "إنه جزء من المقايضة، فسيكون هناك الكثير من الأشخاص الذين تظهر عليهم أعراض خفيفة لا نكتشفها، أو بدون أعراض على الإطلاق. لذا، إذا اجتمع الناس مرة أخرى، فسوف يزيد الانتشار".

وقالت "الغارديان" إنه من دون لقاح، يتنبأ علماء الأوبئة بأن الفيروس الفتاك سينتشر أكثر في الأشهر القليلة القادمة، وستظهر بؤر انتشار كالحرائق العشوائية حول التجمعات، مثلما حدث في جنازة فرنسية التي تم لومها على تفشي جديد، أو في مصانع تعبئة اللحوم في ألمانيا والولايات المتحدة، حيث ارتفعت الحالات الأسبوع الماضي. ومن المرجح أن يتم تخفيف القيود المفروضة على الحياة وتشديدها مع انحسار الإصابات الجديدة وتدفقها.

وأوضح جونز للصحيفة، أن "المرحلة الجديد ستكون هي التعايش مع كوفيد-19، فلا أعتقد بفكرة القضاء على الفيروس بالكامل، فسيكون موجودًا على مستوى ما، والسؤال هو أي مستوى، ما هي معدلات الانتشار المقبولة للمجتمع؟ وما هي إستراتيجيات التخفيف التي يمكنك وضعها، لجعل هذه المعدلات عند أدنى مستوى ممكن؟".

وأشار جونز، وفقًا للصحيفة، إلى ضرورة تطبيق الاختبارات المنظمة واسعة الانتشار، واعتماد معدات، مثل الأقنعة كأحد الملحقات القياسية لمغادرة المنزل، والحرص على التباعد الاجتماعي بقدر الإمكان.

ثمن متوقع

ونقلت الصحيفة عن ماكاي قوله: "نريد إعادة الناس إلى العمل، ولكن سيكون هناك ثمن، وفي النهاية هذا الثمن هو الوفيات، لأننا نعلم أنه مع ارتفاع حالات الإصابة، ترتفع الوفيات، وقد تكون هذه الأسابيع الأولى من أكبر تجربة للصحة العامة في العالم، فنحن جميعًا نشاهد ونتعلم من تقدم بعضنا، وتطور كل دولة بالفعل نهج للتعامل مع الأزمة نتعلم منه. إنها تجربة عملاقة، تتكون من الكثير من التجارب الصغيرة في كل بلد وفي كل ولاية".

وأضاف ماكاي: "أن الدول التي تمكنت من تحقيق استقرار معدلات الإصابات، مثل أستراليا ونيوزيلندا، ستوفر على الأرجح البيئات الأكثر سيطرة، وبالتالي أغنى مناطق الاختبار، في أستراليا، سنرى ما إذا كان ذهاب الناس إلى المتاجر في نهاية هذا الأسبوع، سيؤدي إلى ارتفاع في حالات الإصابة، وسيتعلم العالم كله من ذلك".

وذكرت "الغارديان" أن "بعض الصعوبات المنتظرة بدأت في الظهور بشكل واضح، ففي المملكة المتحدة، هناك ارتباك واسع النطاق حول ما تم السماح به بالضبط، وتكافح ألمانيا، التي نجت من أسوأ ويلات الفيروس، في إقناع مواطنيها بالالتزام بالقيود المستمرة".

حتى ينتهي تمامًا

وأعادت الصحيفة ما قاله رئيس كوريا الجنوبية، مون جاي إن، قبل يومين، بعد الإعلان عن الزيادة الجديدة في الحالات  "لا ينتهي الأمر حتى ينتهي تمامًا".

ورأت "الغارديان" أنه "في البلدان التي لا توجد فيها شبكة أمان اجتماعي، ستزداد الضرورة لاستئناف الحياة الاقتصادية، وقد تضغط على الحكومات للوقف التجربة تمامًا، وبدأت جهود الخروج من هذا الوباء في العديد من الأماكن، ولكن من المرجح أن تكون هذه الرحلة طويلة".

وختمت الصحيفة تقريرها بما قاله جونز "إن المرض سيستمر لأجل غير مسمى، حتى يصبح معدل انتقاله ضئيلًا لدرجة اختفاء الفيروس تلقائيًا، أو حتى يمكن وقفه بواسطة لقاح".