تقارير وتحليلات
الأزمة الليبية
هل نجحت تركيا بتوريط لناتو في ليبيا
عبرت اليونان عن غضبها من تصريحات الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ التي اعتبر فيها أن "حكومة فايز السراج الحكومة الشرعية، ولا يتعامل الناتو مع غيرها".
واعتبرت أثينا ان هذا التصريح يكشف عن وجود مخطط تركي لتوريط حلف شمال الأطلسي في ليبيا لمساندة الميليشيات الإسلامية حليفة أنقرة واستهداف الجيش الذي لعب دورا مهما في تحييد الإرهاب في بنغازي ودرنة.
وردت اليونان بحدة على الأنباء التي أشارت إلى أن الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ أشار إلى فصيل الإخوان المسلمين بقيادة فايز السراج، باعتباره الحكومة الشرعية لليبيا.
وذكّر المتحدث باسم وزارة الخارجية اليونانية ألكسندروس ينيماتاس “الناتو” بأنه لم يتم اتخاذ مثل هذا القرار من قبل الدول الأعضاء فيه، حيث “يجب أن توافق الدول الأعضاء على قرارات السياسة الخارجية للناتو بالإجماع”. وشدد ينيماتاس على أن اعتراف ستولتنبرغ بحكومة الإخوان المسلمين في ليبيا “من الواضح أنه لا يعكس مواقف الحلف”.
ويتوقع أن تلتحق عدة دول، وفي مقدمتها فرنسا، خلال الفترة القادمة باليونان بإعلان رفضها لتدخل الناتو لدعم الميليشيات الليبية، وهو ما يعيق خطة أنقرة باعتبار أن التدخل يحتاج إلى موافقة كل الدول الأعضاء.
ومن المعروف أن فرنسا تدعم الجيش الليبي في حربه على الإرهاب وكانت من أبرز الدول التي انتقدت إرسال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للإرهابيين من إدلب السورية إلى طرابلس.
واقتربت اليونان مؤخرا من البرلمان والجيش الليبيَّيْن في بنغازي ردا على توقيع حكومة الوفاق لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع تركيا. ويحذر مراقبون من اتخاذ خطوة التدخل في ليبيا من قبل الناتو دون موافقة الدول المعارضة.
وكان ستولتنبرغ أعلن الخميس في مقابلة مع صحيفة “لاريبوبليكا” الإيطالية استعداد الناتو لدعم الحكومة الليبية برئاسة فايز السراج. وشدّد ستولتنبرغ على أنه لا يمكن وضع حكومة السراج، المعترف بها دوليا، وخليفة حفتر، في كفة واحدة.
واعتُبرت تلك التصريحات تلويحا من الناتو بالتدخل لدعم الميليشيات في طرابلس، وازدادت حدة تلك التوقعات مع الاتصالات التي أجراها ستولتنبرغ مع فايز السراج والرئيس أردوغان.
وتعول أنقرة لإنجاح خطة توريط الناتو في ليبيا على الدعم الأميركي الذي تحظى به في تدخلها العسكري في ليبيا والذي ينظر إليه أيضا كأداة أميركية لمواجهة النفوذ الروسي. ومعروف أن واشنطن تسيطر على القرار داخل حلف شمال الأطلسي من خلال ممارسة الضغوط على الدول الرافضة للقرار التي لا تجد في نهاية المطاف سوى الاستسلام أمام دولة في حجم الولايات المتحدة.
وتدعم تركيا بالسلاح والمقاتلين والمرتزقة السوريين، من بينهم متشددون من جبهة النصرة وداعش، ميليشيات حكومة الوفاق ولم يواجه تدخلها أي معارضة من قبل الولايات المتحدة وهو ما اعتبر دعما غير مباشر.
وتبنت الخارجية الأميركية خلال الفترة الأخيرة خطاب تركيا وحكومة السراج حيث اتهمت روسيا بتأجيج الصراع من خلال إرسال مرتزقة “فاغنر” للقتال في صفوف الجيش، وهو ما نفته موسكو مرارا.
ويعزو مراقبون انخراط واشنطن في حملة تركيا والإسلاميين إلى تضخيم الدور الروسي في ليبيا بهدف الضغط على الدول الأعضاء في الناتو الرافضة للتدخل لصالح الميليشيات الإسلامية. وانضم ستولتنبرغ السبت إلى هذه الحملة، حيث أعرب عن قلقه من تواجد مرتزقة شركة “فاغنر” الروسية في صفوف الجيش.
وتعد روسيا أحد أبرز حلفاء الجيش الليبي منذ 2014 وعرقلت الكثير من القرارات داخل مجلس الأمن التي كانت تسعى لإدانة الجيش، لكن لم يثبت إلى حد الآن انخراطها في الصراع بشكل مباشر.
وبالإضافة إلى ورقة التدخل الروسي تلعب تركيا والولايات المتحدة على الورقة الحقوقية لممارسة المزيد من الضغوط على الأطراف الرافضة لتدخل الناتو، حيث تشن أطراف داخلية وخارجية حملة تهدف إلى إدانة الجيش باستهداف المدنيين.
ورغم نفي الجيش المتكرر لاستهداف مواقع مدنية وتأكيد حرصه على سلامة المدنيين، وهو الأمر الذي يرى مراقبون أنه كان عاملا رئيسيا في عرقلة سيطرته على العاصمة ومنح الإسلاميين فرصة لترتيب صفوفهم، إلا أن بعثة الأمم المتحدة التي ترأسها حاليا الأميركية ستيفاني ويليامز لم تتوان في اتهام الجيش.
وأثارت ويليامز الاستغراب بعد توجيهها الاتهامات للجيش، إذ أن إثبات مثل هذه الاتهامات يحتاج إلى فتح تحقيق خاص، وخاصة أن تورط ميليشيات حكومة الوفاق في استهداف المدنيين أمر غير مستبعد بهدف تشويه صورة الجيش وتأليب الرأي العام المحلي والدولي ضده.