تقارير وتحليلات
بعد تصاعد مخاوف أردوغان من محاولة جنرالات الجيش التركي الإطاحة به..
مخلب النمر.. حرب تركية بشعة تُنكل بالأكراد شمال العراق
أثارت عملية "مخلب النمر" التركية ضد الأكراد في شمال العراق شكوكاً واسعة حول أهدافها وأسبابها، وكشفت التقارير الصحافية، أن العملية التركية تحمل بطياتها أبعاداً سياسية يطمح من خلالها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتثبيت كرسي حكمه في أنقرة، بعد تصاعد مخاوفه من محاولة جنرالات الجيش التركي الإطاحة به.
العملية التركية التي انطلقت يوم أمس الأربعاء، في منطقة "حفتنين"، داخل إقليم كردستان شمال العراق، تستهدف حزب العمال الكردستاني حسب مزاعم أنقرة، إلا أن اليوم الأول للهجوم التركي أثبت أن "مخلب النمر" ليست إلا استهدافاً جديداً للمدنيين الأكراد ولمخيمات اللجوء في شمال العراق.
يؤكد رئيس مركز "جاوي كورد" للتنمية السياسية، مشغل الكولوسي، أن "هذه ليست المرة الأولى التي يشن فيها جيش الاحتلال التركي الهجمات على الأمة الكردية، ويعتدي على السيادة العراقية على حد سواء"، مضيفاً "لكن ما يميز هذا الهجوم العشوائي، هو استهداف مبرمج لمخيمات اللاجئين الكرد". وقال الكولوسي في تصريح لوكالة أنباء "هاوار" الكردية، إن "هذا الاستهداف بحد ذاته جريمة حرب، خصوصاً أن المخيمات وكما هو معلوم، تأوي النساء والأطفال العزل".
استهداف المدنيين
ووثقت التقارير الحقوقية، قصف القوات التركية 81 موقعاً في شمال العراق خلال عملية "مخلب النسر" التي سبقت "مخلب النمر" بأيام، وأكدت التقارير أن القصف التركي استهدف مناطق "مخمور، وسنجار، وقنديل، وزاب وزاكورك"، كما استهدفت الغارات مخيماً للاجئين الأكراد على بعد 60 كيلومتراً من أربيل ويقطنه 15000 مدني، إضافة إلى استهداف مستشفى "سردشت" في "شنكال"، وشاركت في الغارات 60 طائرة حربية تركية.
وقال رئيس "مؤسسة ماعت" للسلام والتنمية أيمن عقيل، إنه "يجب على السلطات التركية التوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، الأمر الذي يهدد السلم والأمن الإقليمي والعالمي، وأضاف أن "القانون الدولي يمنع الدول من التدخل في الشؤون الداخلية لبعضها البعض واستخدام القوة، وبهذا، يجب إخضاع الدول التي تهدد السلم والأمن العالميين أولاً للعقوبات الاقتصادية والدبلوماسية والعقوبات العسكرية اللاحقة إذا لزم الأمر".
جرائم حرب
وأكد عقيل، أن "الحكومة التركية تواصل التعدي على كل هذه المبادئ. وإنها ترتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. ويجب اتخاذ موقف ضد جرائم الدولة التركية في سوريا والعراق وليبيا"، وفقاً لما ذكرته صحيفة "زمان" أمس الأربعاء.
وكالة أنباء "بلومبرغ" قالت في تقرير لها، إن "تركيا تواصل عدوانها في المنطقة، وهذه المرة أعلنت عن عملية مخلب-النمر في شمال العراق، بحجة القضاء على المسلحين الأكراد". وأضافت الوكالة، أن غزو تركيا لشمال العراق سيثير الجدل مرة جديدة عن طموحات وأهداف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في المنطقة، بعد احتلاله سوريا وليبيا. وأشار التقرير إلى أن صراع أنقرة مع الأكراد كلف ميزانية تركيا أكثر من 400 مليار دولار منذ عام 1984، وأسفر عن مقتل عشرات الآلاف، كما لطخت الحرب سجل البلاد في مجال حقوق الإنسان.
طموحات أردوغان السياسية
يسعى أردوغان لتحقيق طموحات سياسية وتوسيع نفوذه وتدعيم حكمه في تركيا في ظل التوتر السائد ضده في البلاد وتراجع شعبية حزبه وتوالي خسائره السياسية، وأكد الباحث السياسي عادل بكوان لوكالة الأنباء الفرنسية أمس الأربعاء، أنه "وفي سياق سياسي متوتر بالنسبة لحزب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يعتبر العراق أحد الأسس التي يعيد فيها تأكيد القوة التركية". ويوضح بكوان أن أنقرة "ملتزمة بشدة في سوريا وليبيا، وترغب في أن تكون كذلك في اليمن. وخطتها هي تقديم نفسها كقوة أساسية في تسوية النزاعات في الشرق الأوسط، والعراق جزء من ذلك".
ويضيف المحلل السياسي، أنه "وأكثر من أي وقت مضى، تميل أربيل اليوم إلى قبول أي تسوية مع تركيا، منفذها الوحيد إلى البحر لتصدير براميلها من النفط، والممول السخي الذي أقرضها 5 مليارات دولار لدفع رواتب الموظفين في العام 2014. ولم تدفع السلطات الكردية من أشهر عدة حتى اليوم، رواتب موظفيها، تزامناً مع توقف مفاوضاتها مع بغداد".
هواجس الرئيس
ما زال الانقلاب العسكري الفاشل في يوليو (تموز) 2016، يقلق الرئيس التركي أردوغان، فبعد ذلك التاريخ بدأ أردوغان يتخبط مع تزايد هواجسه وخوفه من أن يطرده الجيش من السلطة، ويؤكد الكاتب في صحيفة "اندبندنت" أحمد أبو دوح في مقال له أمس الأربعاء، أن "حملات التطهير الهائل في صفوف الجيش التركي بعد محاولة الانقلاب كانت تهدف إلى إعادة تمركز الجيش في الحياة السياسية، وذلك كان يمثل تهديداً للرئاسة، وجرى تمشيطه بالفعل من جميع أتباع الداعية فتح الله غولن". وأكد التقرير أن الهدف الرئيس للرئيس التركي هو إعادة تشكيل الجيش التركي وفق مصالح أردوغان، ففي السنوات الأخيرة سمح الرئيس التركي لحلفاء حزب العدالة والتنمية تحت قيادة أردوغان بتشديد قبضتهم على المناصب العسكرية الحرجة.
ولفتت أبو دوح، إلى أن "التطهير لم يكن عملية تهميش الضباط ذوي الميول السياسية المختلفة فحسب، بل كان محاولة أسلمة الجيش أيضاً"، موضحاً أن خوف أردوغان تسبب في تشكيل التوسع التركي في الخارج، ويظهر هذا التدخل التركي في الأزمة الليبية عبر إرسالها ميليشيات مسلحة للقتال إلى جانب حكومة الوفاق.