تقارير وتحليلات

إعادة تأهيل سيف القذافي..

صحيفة أميركية: قصة الروسييْن المعتقلين في ليبيا تظهر محاولات موسكو

سيف الإسلام القذافي

الرياض

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا حول التورط الروسي في ليبيا، وركز فيه الكاتبان ديكلان وولش وأندرو هينغز، على روسيين اثنين اعتقلتهما السلطات في طرابلس بتهم القيام بنشاطات تجسسية.

وقدمت قصة الباحث الإجتماعي ماكسيم شوغيلي ومترجمه في دراما كبيرة على التلفزيون الروسي، صورا ظهر فيها الروسيان بأنهما اختطفا على يد جماعة سادية إسلامية من العاصمة طرابلس، وتعرضا للتعذيب والتجويع ومحاكمات إعدام وهمية. ولكنّ الباحث رفض الاعتراف بكونه جاسوسا روسياً.

ويعلق الكاتبان على أن قصة شوغيلي ومترجمه هي الحكاية الأخيرة من التآمر الأجنبي الذي نشأ وسط الفوضى في ليبيا.

وبدأت مغامرة الرجلين في آذار/ مارس العام الماضي، فيما تصف الجهة التي أرسلتهما بـ”مشروع بحثي” والتي ورطتهما في قضية تجاوزات للتأشيرة والتدخل في الشأن الليبي.

وكجزء من حملة للإفراج عنهما، قامت المؤسسة المجهولة التي أرسلتهما بحملة دعائية، وموّلت فيلما عنهما عرض الشهر الماضي على التلفزيون الروسي. ولكن القصة اتخذت منعطفا جديدا عندما قالت مصادر إخبارية عربية وروسية، إن الرجلين تم نقلهما من الزنزانة قرب مطار طرابلس الدولي إلى تركيا للتحقيق معهما على يد المخابرات التركية.

وأنكر المسؤولون في حكومة الوفاق الوطني التي تعترف بها الأمم المتحدة والتي تعتقل الرجلين تلك التقارير. وقال أحمد بن سالم، المتحدث باسم الجماعة المسلحة التي تدير السجن: “لم يتم نقلهما إلى أي مكان”، لكن لا ينفي هذا مصير الرجلين الذي بات متشابكا بين الدول التي تتنافس للتأثير على ليبيا وتحديدا، روسيا وتركيا.

وتعلق الصحيفة أن حالة الروسييْن تعطي صورة عن التورط الروسي المتعدد الوجوه والمتناقض أحيانا، حيث قام مسؤولون وعدد من الشركات الخاصة بالاسم بتوطيد علاقات مع القوى الروسية المتعددة والمتنافسة، على أمل توثيق العلاقات مع أي طرف ينتصر منهم.

ومن الناحية الرسمية، تعترف روسيا بحكومة الوفاق الوطني، حتى عندما كان المرتزقة من شركة فاغنر يحاصرون العاصمة مع قوات القائد العسكري خليفة حفتر.

وفي نفس الوقت حاول اللاعبون والمقربون السياسيون الروس التعامل مع الأطراف السياسية الأخرى في ليبيا. ويقول فردريك ويهري، المتخصص في ليبيا بوقفية كارنيغي: “وسّع  الروس استثماراتهم”  و”منذ البداية كانوا يعرفون أن حفتر لن ينتصر، ولهذا بحثوا عن رهانات أخرى”، من بينها سيف الإسلام القذافي، نجل الزعيم السابق والمنافس لكل من حكومة الوفاق وحفتر.

وكان شوغيلي قد اعتقل مع مترجمه سمير سيفان في أيار/ مايو العام الماضي، بعدما التقيا سرا مع سيف الإسلام القذافي المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية، ويعتقد أنه مختبئ قريبا من الزنتان التي تبعد 85 ميلا عن العاصمة طرابلس.

ودعمت رحلة الروسيين “المؤسسة الوطنية لحماية القيم” وهي منظمة أنشئت في موسكو “لنشر الأيديولوجية الروسية والقيم” و”حماية المصالح القومية للفدرالية الروسية” وأرسلت شخصا آخر، وهو ألكسندر بروكوفيف، ولكنه هرب من ليبيا بعد اعتقال الرجلين وعاد إلى روسيا.

وبالإضافة لتخصصه في علم الاجتماع، فشوغيلي لاعب سياسي قديم. وكان في مركز الأخبار عام 2002 عندما أكل وثائق حتى لا يطّلع عليها القاضي الذي كان ينظر في خلاف حول انتخابات بلدية بطرسبرغ.

وقبل سفره إلى ليبيا، كان واحدا من فريق اتهم بالتدخل في الانتخابات بمدغشقر. وأدت نشاطاته في ليبيا ولقاءاته مع المسؤولين والرموز السياسية إلى لفت انتباه المخابرات الليبية إليه وإلى مترجمه. وصادر المسؤولون وثائق وحاسوبا شخصيا قالوا إن فيها معلومات عن خطة للتدخل في الانتخابات الليبية. ويقوم شوغيلي بالتنسيق مع سيف الإسلام لتسهيل عودته إلى السلطة في ليبيا.

وينفي مدير المؤسسة التي أرسلت شوغيلي إلى ليبيا هذه الاتهامات. ويقول ألكسندر مالكيفيتش، إن الرجلين لن يتدخلا في انتخابات ليست موجودة أو مقررة أصلا. مع أن الانتخابات الليبية قد أجلت بسبب استمرار القتال، ولكن النقاش حول لم ينته.

وتشير الصحيفة إلى حالة الفوضى التي عاشتها ليبيا منذ عملية الناتو عام 2011 والتي أطاحت بالقذافي، وما تبع ذلك من اقتتال أدى إلى تحول الحرب بين الفصائل إلى حرب بالوكالة نيابة عن القوى الأجنبية.

وظهرت روسيا وتركيا في الأشهر التسعة الماضية كقوتين خارجيتين مؤثرتين، فيما تراجعت الولايات المتحدة عن التدخل، وهي رسميا مع حكومة الوفاق، إلا أن الرئيس دونالد ترامب مال لحفتر.

وتدفق المرتزقة الروس التابعون لشركة فاغنر والذين وصفهم المسؤولون الأمريكيون بـ”ذراع الدولة الروسية” للقتال مع قوات حفتر. وفي الشهر الماضي اتهم البنتاغون الكرملين بإرسال 14 مقاتلة على الأقل إلى قاعدة عسكرية في شرق ليبيا لحماية حفتر.

وكان تدخل تركيا العسكري في كانون الثاني/ يناير سببا في انهيار هجوم حفتر على العاصمة، وأجبره على سحب قواته مئات الأميال إلى الشرق. ولكن الدور الروسي ليس منحصرا في دعم حفتر، بل ووثق رجال الأعمال الروس علاقاتهم مع مناطق الغرب خاصة مصراتة.

وكان فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق ضمن القادة الأفارقة الذين زاروا موسكو في تشرين الأول/ أكتوبر، وشارك في قمة ترأسها الرئيس فلاديمير بوتين، في وقت كان فيه المرتزقة الروس يدكون العاصمة طرابلس.

وهناك من يعتقد داخل المؤسسة الروسية بإمكانية عودة عائلة القذافي، وكان هذا دافعا للاتصال بسيف الإسلام ولقائه مع الروسييْن السجينين الآن.

ويقول كريل سيرمنوف، الخبير بالشأن الليبي في المجلس الروسي للشؤون الدولية، إن رحلة شوغيلي كان جزءا من عملية تأثير قام بها يفغيني بريغوجين، المعروف بطاهي بوتين، والمرتبط بشركة فاغنر. وتتهمه الولايات المتحدة بالتدخل في انتخابات عام 2016 وهو ما ينفيه.

ويقول سيرمنوف إن الجيش الروسي لديه موقف والكرملين له موقف مختلف، ومن يتبع بريغوجين لديهم مواقفهم الخاصة. ويعتقد أن بريغوجين كان وراء تمويل رحلة شوغيلي إلى مدغشقر عام 2018. وبحسب “دوسيه” وهي جماعة بحث في لندن معارضة للكرملين، فهو يدير “أفريك” وهو مركز بحث تموله روسيا ويركز على أفريقيا.

وفي آذار/مارس العام الماضي وقبل رحلته إلى ليبيا، قدم شوغيلي وثائق تظهر أنه “باحث وخبير” في “أفريك”. إلا أن مالكيفتش ينفي علاقات مع بريغوجين. ووضعت الولايات المتحدة مالكيفتش ضمن قائمة العقوبات لدوره في عملية تأثير بناء على طلب من  بريغوجين، ويقول إنه أرسل الروسيين إلى ليبيا لدراسة الكيفية التي تحطمت فيها “تحت علم ما يطلق عليها الديمقراطية” و”تحطمت إلى قطع بشكل سريع” بعد الإطاحة بالعقيد القذافي عام 2011.

والفيلم الذي عُرض، يصور الكيفية التي تم فيها خطف شوغيلي ومترجمه على يد عصابة مسلحة وبتنسيق مع أمريكي شرير اسمه جون. ويقول مسؤول ليبي إن وجود شخصية أمريكية في الفيلم هو إشارة عن المعلومات التي تلقاها الليبيون من المخابرات الأمريكية والتي أدت إلى التحرك ضد شوغيلي.

ويؤكد مالكيفتش أن الفيلم هو نسخة طبق الأصل عما حدث للروسيْين، وأنه يساعد قضيتهما من خلال توعية العالم بما حدث لهما.

وسخر الليبيون الذين اتصلت معهم الصحيفة من الفيلم، وقال مسؤول إنه لم يكن قادرا على متابعته حتى النهاية. وقال بن سالم الذين تدير جماعته المسلحة السجن حيث اعتقل الروسيان، إن الفيلم لا يمثل الواقع، وقدم صورا عن سجن مرتب وسجناء في زي نظيف يعملون في مخبز أو حديقة السجن.

ولكن حنان صلاح، الباحثة الليبية في هيومان رايتس ووتش، قالت إن منظمتها جمعت وثائق بشأن مزاعم إساءة معاملة في السجن نفسه.

وكانت الحكومة الليبية تأمل في استخدام الرجلين كورقة ضغط. وفي شريط مصور مهرب بين مسؤول ليبي ومدير المؤسسة التي أرسلتهما، اقترح المسؤول الليبي أن حكومته مستعدة للإفراج عنهما حالة أوقف بوتين دعمه لحفتر. 

بعد عام فسّر المسؤولون الليبيون الفيلم بأنه يحمل رسالة رفض بل وتهديدا، وفي المشهد النهائي للفيلم يتعرض السجن للهجوم والقصف، ويقتل القائد المحب للتعذيب فيه، ويقوم شوغيلي بحمل بندقية ويحرر سجناء آخرين بمن فيهم مترجمه. ويخرج الرجلان إلى الحرية على خلفية القتل والفوضى والنيران.

شباب الانتفاضة يضرمون النار في مراکز قمعیة للنظام الإيراني


موجة الاحتجاجات تجتاح مدنًا متعددة في إيران


إيران والشرق الأوسط الملتهب!


احتجاجات واسعة النطاق في إيران بسبب الأزمات الاقتصادية