تقارير وتحليلات
الحكومة الكويتية ترصد 1.5 مليار دولار لإنقاذ الشركات المتعثرة بسبب أزمة الوباء...
الاقتصاد الكويتي رهين الضبابية في ظل تباين الآراء حول خطة التحفيز
تباينت آراء المحللين الكويتيين حول خطة التحفيز الاقتصادي، التي أعلنت عنها الحكومة مؤخرا، وتشمل في جزء كبير منها القطاع الخاص، الذي عانى نتيجة أسابيع من الإغلاق في ظل المخاوف من انتشار فايروس كورونا.
ورغم أن الخطوة يمكن أن تعطي زخما جديدا للنشاط الاقتصادي من أجل تخفيف قلق المؤسسات الدولية بشأن استقرار البلد الخليجي النفطي في ظل تراجع أسعار الخام، لكن البطء في التنفيذ والجدل السياسي القائم في عدة ملفات يعقد المهمة.
وتسبب انتشار الفايروس وما تبعه من إجراءات احترازية صارمة توقفت معها الحياة في معظم بلدان العالم، في خسائر اقتصادية فادحة للقطاعات الاقتصادية العامة والخاصة.
وواجه القطاع الخاص تحديات كبيرة، خاصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ما دفع بعض البلدان، خاصة الخليجية إلى محاولة مساعدة أرباب هذه الأعمال لإخراجهم من الأزمة الاقتصادية الطاحنة.
ولذلك أقرت الكويت خطة تحفيز لدعم القطاعات الاقتصادية من بينها تخصيص البنك المركزي نحو 1.5 مليار دولار من التسهيلات للمشاريع الصغيرة، التي تأثرت أعمالها نتيجة الإغلاق.
ووافق مجلس الوزراء على مشروع قانون للتمويل الميسر المقدم من اللجنة، ضمن برنامج دعم وضمان التمويل للوحدات الاقتصادية المتضررة من أزمة كورونا الحالية.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن محافظ المركزي محمد الهاشل، وهو رئيس اللجنة التوجيهية العليا للتحفيز الاقتصادي، قوله خلال العرض المرئي لمجلس الوزراء، إنه “تمت دراسة الحزم التحفيزية في 35 دولة لمواجهة تداعيات أزمة كورونا، حيث تشكل برامج التمويل الميسر وضمان القروض 40 في المئة من تدابير التحفيز”.
وأشار إلى أن هناك ثلاثة عناصر رئيسية لدعم مالي سريع وفاعل للوحدات الاقتصادية وهي توفر السيولة الكافية للتمويل لدى البنوك وأسعار فائدة جذابة والمشاركة في تحمل مخاطر الائتمان لتحفيز البنوك على زيادة التمويل.
وأوضح أن دعم كلفة التمويل الميسر للمشروعات الصغيرة والمتوسطة تصل إلى 4 سنوات وبنسب فائدة منخفضة حتى يتمكن أصحاب هذه الأعمال من العودة سريعا إلى النشاط.
ويبلغ مبلغ التمويلات المتاحة لكل صاحب مشروع في حدود 250 ألف دينار (812.56 مليون دولار) كحد أقصى على أن تكون أوجه الاستخدام في المصاريف الدورية والتعاقدية مثل الرواتب والإيجارات.
وتتلخص الشروط في أجل السداد المحددة في فترة أقصاها أربع سنوات شاملة سنة السماح، وأن تكون الفائدة بواقع سعر الخصم، والمحدد حاليا عند 2.5 في المئة سنويا، مضافا إليه واحد في المئة.
والشريحة المستهدفة هي الشركات التي لا ينطبق عليها تعريف المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وكذلك أوجه الاستخدام في المصارف مثل الرواتب والإيجارات وأجل السداد فترة أقصاها 3 سنوات شاملة سنة سماحا ومعايير الاستحقاق بشأن تضررها من الجائحة.
ولن يستفيد من التمويل أي صاحب شركة غير منتظم في السداد، مع العمل على بلوغ هدف المحافظة على القوى العاملة المحلية والوصول إلى النسب المقررة.
ويرى المحلل الكويتي، مبارك محمد الهاجري، أن خطة التحفيز الاقتصادي تعتبر خطوة إيجابية لانتشال القطاع الخاص “من شبح الانهيار”.
ونسبت وكالة سبوتنيك الروسية للأنباء للهاجري قوله إن “القطاع الخاص لاسيما المشاريع الصغيرة والمتوسطة تأثرت نتيجة إغلاق الأنشطة التجارية والتوقف القسري وفرض حظر التجوال الشامل ضمن الإجراءات الاحترازية التي قامت بها الحكومة لمنع فايروس كورونا”.
وأوضح أن قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة كان من ضمن المتضررين من توقف النشاط الاقتصادي في البلد، حيث تراكمت عليه الديون بسبب الإيجارات ورواتب العاملين لديه.
وأشار إلى أن الغالبية العظمى تفتقد السيولة النقدية للعودة إلى مزاولة الأنشطة التجارية وذلك خلال مراحل رفع الحظر الشامل والعودة إلى الحياة اليومية بشكل تدريجي.
وتأثرت الكويت مثل باقي الدول الخليجية التي تعتمد موازناتها بنسبة كبيرة على تصدير النفط، بشلل الاقتصاد العالمي وتوقف المصانع في آسيا التي تعد السوق الرئيسية للنفط الخليجي.
وتشكل صادرات الخام نحو 90 في المئة من إيرادات الموازنة، يصل الإنفاق فيها العام المالي الحالي، الذي بدأ في أبريل الماضي، نحو 22.5 مليار دينار (74 مليار دولار) مع توقعات بعجز يصل إلى 30 مليار دولار.
لكن ذلك العجز مرشح الآن للتضاعف، بسبب استناد الموازنة إلى سعر 55 دولارا للبرميل الواحد بينما الترجيحات تصب في بقائه متأرجحا بين 30 و40 دولارا، مع تصدير نحو 2.7 مليون برميل، بعد انهيار الأسعار وخطط خفض الإنتاج في إطار اتفاق تحالف أوبك+.
ويقول عبدالعزيز الشبيب أستاذ قانون الاقتصاد الكويتي إن فايروس كورونا أثّر بشكل بالغ على الاقتصاد العالمي، والكويت جزء منه.
وأضاف لسبوتنيك أن “هذا التأثير الاقتصادي دفع الحكومة إلى إصدار بعض القرارات بشأن معالجة الآثار الاقتصادية لجائحة كورونا”.
وأشار إلى أن القرارات الاقتصادية التي تصدر لا يجب أن تكون شعبوية وتأتي لعلاج حالات بعينها، كما حدث في مرسوم رقم 86 لسنة 2020 بشأن معالجة الآثار الاقتصادية لجائحة كورونا.
وأكد أن دول الخليج العربي بشكل عام والكويت خاصة من البلدان الجاذبة للعمالة والإغلاق أثّر على الجميع أرباب الأعمال والعمال والمجتمع بأسره، وتحاول الحكومة إيجاد حلول وسطية.
وأحالت الحكومة مؤخرا إلى اللجنة المالية البرلمانية مشروع قانون مثير للجدل لمعالجة آثار الوباء على سوق العمل، خلال فترة التدابير الاحترازية، التي تتخذها الدولة وينتهي العمل بأحكامه بانتهاء التدابير المتخذة لمواجهة الجائحة.
ويجيز القانون للوزير المختص بالعمل الموافقة لأصحاب الأعمال والشركات بسبب التدابير الاحترازية، التي تتخذها الدولة للوقاية من كورونا وترتب على ذلك توقف النشاط كليا أو جزئيا، منح العمالة إجازة خاصة بأجر مخفض لا يقل عن الحد الأدنى للأجور، وذلك خلال المدة التي يقرها مجلس الوزراء كفترة توقف للنشاط.
كما يتيح لأصحاب العمل الاتفاق مع العمالة لديهم على تخفيض الأجر طوال فترة توقف النشاط بحد أقصى 50 في المئة، على أن يتم مراعاة ساعات العمل الفعلية مقابل الأجر المدفوع، ودون المساس بالحد الأدنى للأجور.
وفي هذا البند سوف تحتسب كل مستحقات العمالة على أساس الأجر المستحق لهم قبل تخفيضه وتكون ضمن مدة الخدمة، ويصرف الدعم المقرر عبر برنامج الدعم وكذلك بدل البطالة للمخاطبين بأحكامهما وذلك لضمان الحماية للعمالة المحلية.
وتقول الحكومة إن مشروع القانون يستهدف إعادة التوازن لعلاقات العمل في القطاع الخاص في ظل الظروف الراهنة، ومراعاة طبيعة الظرف الاستثنائي الحالي ليكون سريانه مؤقتا، ولسد الفجوة التشريعية المتعلقة بمعالجة آثار هذه الجائحة.
ويؤكد اقتصاديون أن القرار يعتبر سلاحا ذا حدين، ففي الوقت الذي قد يساهم في تقليل حجم المصروفات وتقليل الخسائر المالية، سوف يسبب خسائر لجميع العاملين خاصة ذوي الدخول المحدودة والمتوسطة.
ولم تتخلّص الكويت حتى في رؤيتها 2035 التي أعلنتها منذ سنوات من اعتمادها على عوائد النفط في تمويل الوظائف الحكومية، حيث يعمل أكثر من 75 في المئة من المواطنين الكويتيين في القطاع العام، إضافة إلى الإعانات الحكومية الباذخة لقائمة طويلة من الخدمات والسلع.
ولم تظهر حتى الآن أي آثار تذكر لبرنامج الإصلاحات الكويتي، الذي طرح لأول مرة في 2010، والذي يسعى إلى تنويع الاقتصاد، وتقليل الاعتماد على عوائد الريع النفطي، وتقليص الإنفاق الحكومي ودور القطاع العام في توظيف المواطنين.