شؤون العرب والخليج

أحزاب المعارضة المصرية عاجزة عن إدارة خلافاتها الداخلية

صراع أجنحة يضعف أحزاب المعارضة

القاهرة

نكأت مواقف إيجابية تبنتها أحزاب معارضة مصرية من المشاركة في الحوار الوطني مع الحكومة جروحا مع بروز قوى متحفظة عليه فيها، انعكست في شكل استقالات حدثت داخل بعض أحزاب الحركة المدنية الديمقراطية التي تضم سبعة أحزاب، ما يشير إلى صعوبة صمود الرافضين والمتحفظين أمام منعطفات حوار لم تبدأ جلساته النقاشية في الحديث عن ملف الإصلاح السياسي في مصر.

وعقدت الحركة المدنية اجتماعا الثلاثاء، وهو الثالث في غضون أسبوعين، للتباحث حول قرار استقالة أحمد الطنطاوي رئيس حزب تيار الكرامة (الناصري)، وإقناع خالد داوود القيادي بالحزب الدستوري بالتراجع عن استقالته عقب خسارته الجمعة في انتخابات جرت على رئاسة الحزب أمام الإعلامية جميلة إسماعيل.

وبدلا من أن تنشغل الحركة بترتيب أوراقها التي ستطرحها في جلسات الحوار، انغمست في البحث عن حلول للمشكلات التي أفرزتها عملية التوجه إليه دون التمسك بضمانات أعلنتها من قبل، وتحاول تفكيك القنابل الموقوتة داخلها مع ظهور مؤشرات حول إمكانية تشكيل تحالف مواز للمعارضة أكثر توافقا في الحوار مع الحكومة.

وتواجه الحركة المدنية مأزقا يتعلق بقدرتها على الاستجابة لضغوط دوائر حكومية عديدة تسعى لنجاح الحوار ولديها رغبة في أن تكون حاضرة بلا شروط مسبقة تتعلق بالإفراج عن المحبوسين وتمثيلها في الأمانة العامة للحوار وكيفية إدارته في أثناء الجلسات المقبلة، في وقت يصعد فيه تيار متشدد بغية الانسحاب من الحوار إذا لم يتم توفير الضمانات التي وضعتها الحركة المدنية منذ الدعوة إليه.

وأدت استقالة عدد من أعضاء في حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، وهو أحد أحزاب الحركة المدنية أيضا، إلى تلويح رئيسه أحمد بهاءالدين شعبان بالانسحاب من الحوار، ما يشي بأن الحزب لم يخض نقاشات داخلية قبل الموافقة على المشاركة.

ويبرهن ذلك على وجود جيل من السياسيين اعتاد الانسحاب بدلا من المواجهة وبناء رؤى لحجم الحزب وقدرته على التأثير وتحديد قيمة المكاسب التي يمكن تحقيقها.

وأثار إعلان داوود استقالته من حزب الدستور، قبل وبعد الرجوع عنها، تساؤلات عديدة حول مغزى الاستقالات أو التلويح بها، لأن الانتخابات على رئاسة الحزب التي خسرها داوود لم تشبها مشكلات إجرائية.

واستطاعت إسماعيل التي فازت برئاسة حزب الدستور حسم المعركة لصالحها بنتيجة مريحة، في حين أن الحزب لا يضم سوى 600 عضو بعد عشر سنوات من تأسيسه على يد نائب الرئيس المصري السابق محمد البرادعي.

وتُعبر تجربة حزب الدستور المتذبذبة عن واقع مرير تعيشه المعارضة التي اعتادت إهمال قواعد الحزب وعدم تطوير قدراتها أو فتح أطر جيدة للحوار في ما بينها.

ودرجت الحكومة على دعوة أحزاب المعارضة لإقامة حوارات جادة معها، وحينما يتحقق ذلك تجد هذه الأحزاب نفسها غير مستعدة لأن بنيتها السياسية مهترئة.

ويُحمل معارضون الحكومة مسؤولية ضعف هياكلهم وفشلهم في بناء قواعد شعبية بسبب التضييق الحاصل في الفضاء العام، لكن يصعب تجاهل وجود أزمات على مستوى الأفكار داخل الأحزاب ذاتها التي لم تقدم رؤية تجذب لها الناس.

وقالت المحللة السياسية والقيادية بحزب التجمع اليساري أمينة النقاش إن الفضاء العام يفتقد القدرة على إثارة النقاشات بجدية وموضوعية، ما ينعكس على الأحزاب، ويجعل الناس أمام شعارات براقة تتحدث فيها القيادات عن حرية الرأي والتعبير وحقوق الإنسان وعند أول اختبار تظهر عدم القدرة على إدارة الحوار الداخلي.

وأضافت في تصريح لـ”العرب” أن التجربة الحزبية في مصر غير مستقرة، وهناك أكثر من مئة حزب أغلبها لا يملك برامج واضحة أو معالم محددة للقضايا التي يدافع عنها، باستثناء الأحزاب الدينية التي تلتف جميعا حول مرجعية تنظيم الإخوان.

ويعد توالي الاستقالات في أحزاب المعارضة مسألة منطقية وسوف تظل الرغبة في توظيف المنصب الحزبي للحصول على مكانة مجتمعية طاغية لكثير من القيادات.

وأوضحت النقاش أن جزءا من الأحزاب المحسوبة على التيار المدني ترى أن المعارضة تعني توجيه انتقادات مباشرة للرئيس عبدالفتاح السيسي والمطالبة بإبعاده عن السلطة دون أن يحظى ذلك بتوافق أو دراسة دقيقة للظروف التي تعيشها مصر، وهذه أصوات تصنع شكلا شعبويا على منصات التواصل بلا قيمة على أرض الواقع.

وتواجه المعارضة انتقادات عديدة، لأنها أمام فرصة لطرح المشكلات الحقيقية التي يواجهها المجتمع والنقاش مع السلطة حول إمكانية حلها، إلى جانب توافر وضعية ملائمة للوصول إلى مشتركات وطنية يمكن على أساسها تصويب أخطاء الماضي.

ولدى هؤلاء قناعة تحوي رغبة لقلب الطاولة وتخريب الحوار قبل انطلاقه، وهو شكل من أشكال الكفر بالعمل الديمقراطي ودعوة غير مباشرة للعنف والفوضى.

ويكمن المأزق الحقيقي للحركة المدنية في أن عملها خلال الاجتماعات الأولى لتأسيسها تضمن الدفاع عن قناعات جماعات الإسلام السياسي، وتتمثل المعضلة الحقيقية في وجود شخصيات لها تواصل خفي مع عناصر إخوانية تحاول الضغط لإشراكها في الحوار، ويبقى الرهان على الأصوات العاقلة التي تسعى لتأمين عملية المشاركة بعيدا عن الانجراف نحو رغبات التيار المعارض.

وأكد القيادي السابق بالحركة المدنية، مساعد وزير الخارجية المصرية سابقا معصوم مرزوق، أن مشكلة الأحزاب تتمثل في عدم قدرتها على إدارة الاختلاف داخلها، وفي حال كانت هناك رؤى مختلفة وجرى طرحها بشكل ديمقراطي يتحول الاختلاف إلى ظاهرة صحية، وخروج شخص ما أو مجموعة أشخاص عن الإجماع الحزبي يبدو أمرا سلبيا لكن لا يجب تحوله إلى أزمة كبرى ولا ينبغي توجيه الاتهامات إليه بالخيانة.

ولفت في تصريح لـ”العرب” إلى أن الاستقالة يمكن التعامل معها باعتبارها موقفا سياسيا يجب احترامه طالما ظلت النوايا سليمة وعلينا أن نتفهم أسبابها، فالواقع يشير إلى أن الحوار الوطني بحاجة للمزيد من الجدية من الحكومة والمعارضة، والأوضاع الراهنة تجعل هناك ضرورة ملحة لوضع أسس جديدة للتعامل معها الفترة المقبلة.

وبرهنت جملة من القرارات المتضاربة بشأن تعامل حزب تيار الكرامة مع استقالة أحمد الطنطاوي على أن هناك تيارين متعارضين داخل الحزب، أحدهما يحاول إثناءه عن قراره، وآخر يذهب باتجاه إمكانية قبول استقالته.

وقرر اجتماع الهيئة العليا لحزب الكرامة السبت الماضي تشكيل لجنة تحضيرية للمؤتمر العام من المكتب السياسي للحزب لعرض استقالة الطنطاوي عليه، وقرر تشكيل لجنة للحوار معه بشأن خطابه الذي وجهه للهيئة العليا.

وكالة أنباء تابعة لحرس النظام الإيراني تدعو إلى تكرار مجزرة عام 1988


تصاعد حرب العصابات داخل النظام الإيراني وسط الأزمات: حملة لإقالة بزشکیان


وكالة الأنباء الفرنسية: 159 نائباً فرنسياً يدعون إلى “بديل ديمقراطي” في إيران


إضراب عن الطعام في 47 سجنًا في إيران: حملة “لا للإعدام” تتواصل للأسبوع السادس والسبعين