تقارير وتحليلات
رغم تسببها في معاناة الليبيين
حكومة الوفاق تضخ «مليارات الولاء» إلى الاقتصاد التركي
بعيدًا عن كل تصريحات المتعلقة بالانتماء ودعم المظلومين التي اعتاد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تكرارها في كل مرة يتحدث فيها عن أسباب تدخله في ليبيا، كشفت تفاصيل جديدة عن مستوى العلاقات المالية بين حكومة الوفاق الحاكمة في طرابلس وأنقرة، ما يفضح جشع وأطماع «أردوغان» في ليبيا.
ووفقًا لموقع «ليبيا ريفيو» الناطق بالإنجليزية، فقد أودعت حكومة الوفاق حتى الآن 12 مليار دولار أمريكي لدى البنك المركزي التركي، تحت بند دفع فواتير الدعم العسكري للحكومة المسيطرة على طرابلس.
يأتي ذلك بالتزامن مع تحذيرات رفعها محللون في أعقاب إعلان تركيا استعدادها للتدخل العسكري في ليبيا، مطلع العام الجاري، إذ حذّروا من أن الاقتصاد التركي لن يقوى على تحمل تكلفة تحرك الجيش في دولة بعيدة مثل ليبيا. إلا أن «أردوغان» تجاهل كل ذلك وتغاضى عن الوضع الاقتصادي المتدهور لدولته وأقدم على خطته في الدفع بمعدات عسكرية بليبيا.
المال مقابل الحرب
تظهر المعلومات التي كشف عنها «ليبيا ريفيو» أن «أردوغان» تعامل مع جيشه وكأنه مرتزق، يحصل على المال مقابل الحرب، وليس كما زعم أردوغان من أنه جاء لحماية المظلومين، على حد وصفه.
لم يتوقف الأمر عند ذلك، إذ كشفت صحيفة «أحوال» التركية فى نسختها الصادرة باللغة العربية، عن أن الأموال المتدفقة إلى البنوك التركية جاءت بناء على طلبات أنقرة، مشيرة إلى أن الأخيرة طلبت في الأساس 16 مليار دولار تكلفة تدخلها في ليبيا وتعويض خسائر الشركات التركية المتوقفة فى ليبيا منذ 2011 نتيجة الحرب.
تتزامن تلك المعلومات مع محاولات «أردوغان» لتطمين الشعب التركي على اقتصاده الذي يعاني إلى جانب التحركات العسكرية لدولته في الخارج من جائحة كورونا التي تسببت في فقدان توازنه.
وفي تصريحات حديثه له قال «أردوغان» لقناة «تي آر تي» الإخبارية التركية، إن احتياط تركيا من النقد الأجنبي يتجاوز الآن 93 مليون دولار، دون الإشارة إلى دور حكومة الوفاق في دعم الليرة التركية.
وطالما لعب الإسلاميون العرب دورًا في دعم الاقتصاد التركي، بداية من الإخوان فى مصر أو نظرائهم في الدول العربية الأخرى.
وعبر مقالات وحملات مطروحة عبر منابرهم الإعلامية، اعتبروا أن في دعم الاقتصاد التركي ردًا لما وصفوه بـ "جميل" الشعب التركي، ويقصدون به الغطاء السياسي الذي توفره لهم أنقرة.
وكان الصادق الغرياني، مفتي ليبيا المعزول والمقرب من جماعة الإخوان، أحدث من طرح تلك الدعوات، إذ طالب بقصر السلع المستوردة على السوق التركي لتوجيه المبالغ الخارجة من ليبيا إلى الاقتصاد التركي بغرض دعمه.
دعم تركيا والداخل منهار
يتغاضى الداعون لهذه الدعوات ومعهم حكومة الوفاق التي تقدم على إيداع أموال الشعب الليبي لدى البنوك التركية، عن الأزمات الاقتصادية التي يمر بها المواطن الليبي، إذ كشف وزير مالية «حكومة الوفاق» في طرابلس، فرج بومطاري، عن ارتفاع الدين العام إلى 100 مليار دولار بين المنطقة الشرقية والغربية في المصرف المركزي فقط، إضافة إلى الديون العامة على القطاع العام، محذرًا من أن الوضع أصبح كارثيًا ما سينعكس على الاقتصاد الوطني.
ويشرح "بومطاري" الذي كان في 12 يونيو الجاري في زيارة إلى تركيا لبحث كيفية عودة الشركات التركية إلى السوق الليبي لاستكمال المشاريع المتوقفة منذ 2011، تفاصيل الأزمة الاقتصادية الليبية، قائلًا إنه يوجد نحو 2 مليون موظف بالمؤسسات، أى أكثر من 4 أضعاف ما تحتاج إليه البلاد من موظفين، موضحًا أنه عام 2010، كان عدد الموظفين نحو 700 ألف، والآن يوجد نحو مليون و800 ألف موظف، ومن ينتظرون رواتبهم أكثر من 200 ألف.
ويستنكر السياسي الليبي، عبدالمنعم اليسير معاملات «الوفاق» مع أنقرة، قائلًا في تصريح إن الأولى تثبت يومًا بعد يوم أن ولاءها لتركيا وليس للشعب الليبي.
وشدد على أن حكومة الوفاق لو كانت تعمل لمصالح المواطن الليبي، لكانت نظرت إلى راتبه المتأخر بدلًا من الهرولة نحو دعم الاقتصاد التركي، مضيفًا أن أردوغان يتعامل مع نفسه وجيشه وكأنهم مرتزقة يدخلون في أي قضية مقابل المال، مشيرًا إلى أن هذه السياسات باتت مفضوحة ولم يعد ينطلي على الناس التصريحات التي يرددها أردوغان عن الشرف والكرامة.
ولفت إلى أن الشعب الليبي عليه أن يتحرك ضد حكومة الوفاق التي تستنزف موارده عبر دعم مرتبات المرتزقة والعسكريين الأجانب.