شؤون العرب والخليج
وسط القنابل والرصاص..
تهاوي الليرة شبح جديد يطارد النظام السوري
هذا هو الحال في السويداء السورية منذ أيام، مواطنون خرجوا للتظاهر لتلبية مطالب اجتماعية بحتة تتعلق بظروف تدهور الحياة وانهيار العملة المحلية "الليرة"، أهل السويدءا يعيشون في الأغلب على مساعدات المغتربين السوريين في الخارج. أوضاع دفعت سكان المدينة للتضامن فيما بينهم.
تدهور الأوضاع
وسلطت الصحيفة في تقريرها على خروج عشرات المدنيين بحركة احتجاجية في مناطق سيطرة نظام الأسد في محافظة السويداء، بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة، وبدؤوا بالهتاف.. معترضين على واقعهم المعيشي".
الأوضاع الاقتصادية المتأزمة جعلت صحيفة "واشنطن بوست"، تفرد لها تقريرا ميدانيا أشارت فيه إلى أن التدهور الاقتصادي، هو الخطر الأكبر الذي يواجهه النظام السوري وليس الحرب، مع استعادة النظام سيطرته على معظم المدن السورية.
ونوهت الصحيفة إلى أن حوالي 83% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، في شهر آذار/ مارس الماضي .
وبحسب الصحيفة تواجه الليرة السورية تراجعًا كبيرا في قيمتها منذ العام 2019، فيما زادت عملية المضاربة من الأزمة، حيث وصل سعر صرف الدولار الواحد في السوق السوداء إلى 1240 ليرة، ولمواجهة الأزمة تقوم السلطات بحملات أمنية، فأوقفت المئات من التجار، فضلا عن الحملات الإعلامية لتشجيع المواطنين على التعامل بالليرة المحلية.
وكان رأس النظام السوري بشار الأسد، قد أصدر مرسوماً يقضي بتشديد العقوبة على كل من يذيع خبراً أو وقائع "ملفقة"، من شأنها أن تؤثر في سعر صرف الليرة السورية، وقضى المرسوم بتشديد العقوبة على كل من أذاع أو نشر أو أعاد نشر وقائع ملفقة أو مزاعم كاذبة أو وهمية بإحدى الوسائل الإعلانية من كلام وكتابة ورسوم وصور وأفلام وشارات وتصاوير، أو عن طريق شبكة الإنترنت لإحداث التدني أو عدم الاستقرار في أوراق النقد الوطنية أو أسعار صرفها المحددة بالنشرات الرسمية أو لزعزعة الثقة في متانة نقد الدولة وسنداتها وجميع الأسناد ذات العلاقة بالثقة المالية العامة، على حد وصف المرسوم.
وبحسب مرسوم "الأسد" فإن العقوبة تصل إلى "الاعتقال المؤقت وغرامة مالية من مليون إلى خمسة ملايين ليرة سورية (880 - 4400 دولار)، فيما كانت سابقا الحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من مئتين وخمسين ليرة إلى ألف ليرة سورية".
كما يقضي المرسوم التشريعي بمعاقبة كل من يقوم بالتعامل بغير العملة السورية بـ"الأشغال الشاقة المؤقتة لمدة لا تقل عن 7 سنوات والغرامة المالية بما يعادل مثلي قيمة المدفوعات أو المبلغ المتعامل به أو المسدد أو الخدمات أو السلع المعروضة"، وتضمن المرسوم توجيها للمحكمة بالحكم بـ"مصادرة المدفوعات أو المبالغ المتعامل بها أو المعادن الثمينة لصالح مصرف سورية المركزي".
ليرتنا عزتنا
ودفع النظام، أنصاره لإنقاذ الليرة، فاجتاحت الحملة السورية "ليرتنا عزتنا"، والتي أطلق عليها آخرون اسم "بس بليرة"، والتي تهدف إلى دعم الليرة السورية، مواقع التواصل الاجتماعي في محافظات سورية عدة.
وتهدف حملة "ليرتنا عزتنا"، التي أطلقها ناشطون، عبر مواقع التواصل الاجتماعي في سورية، إلى دعم الليرة السورية، التي شهدت، مؤخرا، تدهورا كبيرا في سعر صرفها أمام الدولار، من خلال دعوة التجار لبيع بضائعهم بقيمة ليرة سورية واحدة، شريطة امتلاك المشتري ليرة سورية "معدنية"، في إشارة رمزية لقيمتها.
وشارك العديد من المحلات التجارية في هذه الحملة، التي انطلقت من محافظة حمص، وقاموا بعرض العديد من البضائع والخدمات مقابل ليرة سورية واحدة فقط ولفترة محدودة، ما ساهم بازياد الطلب على على قطع الليرات السورية المعدنية، حيث قام العديد من المواطنين بالبحث عن أماكن شرائها، حتى وإن وصل سعر الليرة الواحدة إلى (500 ليرة).
سخرية النشطاء
إلا أن هذه الحملة أيضا أثارت سخرية واستخفاف الكثير من المواطنين السوريين، مشيرين إلى أنها مجرد مسرحية وهمية، وأن الغلاء الذي تعاني منه البلاد يحتاج إلى حل جذري جدي وليس مجرد حملات على مواقع التواصل الاجتماعي تستمر لفترة قصير فقط، ليعود الوضع من بعدها إلى ما كان عليه سابقا.
ويذهب تقرير "واشنطن بوست" إلى أن الازمة في لبنان سبب مباشر لتدهور الليرة السورية، حيث كان التجار ورجال الأعمال السوريون يوفرون حاجة سوريا من السوق اللبنانية.
قانون قيصر
ووفقا لتقرير "واشنطن بوست"، فإن المشكلة الأخرى التي تواجه الاقتصاد السوري، تتعلق بقانون قيصر الذي أصدرته واشنطن بحق المقربين من نظام الأسد، والنتيجة هي تقليص المعاملات التجارية مع سوريا، مما ينذر بتفاقم أزمة اقتصادية.
وكان الرئيس الأمريكي "ترامب"، وقّع على قانون "قيصر" أواخر العام الماضي، والذي يفرض عقوبات مشددة على نظام الأسد وداعميه فيما تعتزم واشنطن والاتحاد الأوروبي خلال الأيام القادمة، فرض حزمة عقوبات اقتصادية مزدوجة على نظام الأسد.
ويتضمن القانون أيضا فرض عقوبات على كل من يدعم الحكومة السورية في مجالات الطاقة والأعمال والنقل الجوي، وعلى كل جهة أو شخص يتعامل معها أو يوفر لها التمويل، بما في ذلك أجهزة الاستخبارات والأمن السورية والمصرف المركزي السوري، فضلا عن الجهات العسكرية أو المقاولين الذين يتصرفون بالنيابة عن سوريا أو روسيا أو إيران.
وأطلق على القانون اسم "سيزر" وهو اسم حركي ينسب لمصور عسكري سوري انشق عن الحكومة السورية عام 2013، ونشر تسريبات تتضمن ما يفوق 50 ألف صورة لآلاف السجناء الذين قضوا بسبب التعذيب في السجون السورية.
وكان مشروع القانون قد تم تقديمه والتصديق عليه مرتين في مجلس النواب عامي 2016 و2017.