شؤون العرب والخليج

تفريغ مذكرة التفاهم من مضمونها..

عودة ليبيا كأزمة تؤرق مصر واليونان بسبب التوظيف التركي

"أرشيفية"

موسكو

أكد الاجتماع الذي عقده وزير خارجية اليونان نيكوس ديندياس مع نظيره المصري سامح شكري في القاهرة الأحد أن ليبيا عادت كأزمة ساخنة تؤرق دول شرق البحر المتوسط، بعد توقيع حكومة عبدالحميد الدبيبة، المنتهية ولايتها، مع تركيا مذكرة تفاهم جديدة تتعلق بالتنقيب عن الغاز والنفط في الأسبوع الماضي.

وخُصِّص جانب كبير من الاجتماع لتأثيرات هذه الخطوة على التعاون في شرق المتوسط بعد أن هدأت الأمور عقب توقيع أنقرة لمذكرة تفاهم مماثلة مع الحكومة الليبية برئاسة فايز السراج قبل نحو ثلاثة أعوام، اعترضت عليه أيضا القاهرة وأثينا.

وأكد شكري في مؤتمر صحافي مشترك مع ديندياس أن حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس منتهية الولاية “لا يحق لها التوقيع على اتفاقيات دولية”، داعيا الأمم المتحدة إلى اتخاذ موقف واضح منها؛ إذ تم اختيار هذه الحكومة بواسطة آلية وضعتها الأمم المتحدة عبر منتدى الحوار السياسي الليبي لإنجاز خارطة الطريق التي تنتهي بإجراء الانتخابات، ولا يحق لها التوقيع على اتفاقيات أو مذكرات تفاهم.

◙ التنسيق بين اليونان ومصر لم يفتر أو يتأثر سلبا بما أظهرته أنقرة من ليونة تجاه القاهرة

وأوضح ديندياس أن القاهرة وأثينا تتفقان على أن هناك أهدافا إستراتيجية ترتكز على تحقيق الاستقرار في ليبيا وشرق المتوسط، لإفساح الطريق أمام الانتخابات، مشيرا إلى اتخاذ بلاده العديد من الخطوات لدعم الشعب الليبي وتقديم مساعدات حثيثة.

وكشف الوزير اليوناني أن تركيا تمارس العديد من الضغوط على القوى السياسية في ليبيا، مؤكدا أن مذكرة التفاهم تخرق المبادئ الأساسية للقانون الدولي، كما تم شجبها من قبل القانون الليبي. وأشار إلى أن تركيا حصلت منذ ثلاث سنوات على حق التنقيب، وهو ما يهدد الأمن والاستقرار في شرق المتوسط.

واعتبرت اليونان، التي وقعت اتفاقية لترسيم الحدود البحرية مع مصر منذ حوالي عامين، أن ترسيم الحدود البحرية بين تركيا وليبيا ومذكرة التفاهم الخاصة به يخالفان القوانين الدولية وقوانين البحار، وحثت الأمم المتحدة على عدم الاعتراف بذلك.

وتوارت الكثير من مخلفات مذكرة التفاهم الأولى وروافدها مع حكومة السراج عقب تجميد غير معلن لها، وانفتاح تركيا على مصر ورغبتها في تحسين العلاقات معها وعدم استفزازها من بوابة تدخلاتها في ليبيا، غير أن المذكرة الثانية مع حكومة الدبيبة أدت إلى بروز موجة من الغضب بين دول عديدة في شرق المتوسط، يمكن أن تتضاعف إذا شرعت أنقرة في تطبيقها.

وأشار لقاء وزيرَيْ خارجية مصر واليونان الأحد، على خلفية مذكرة التفاهم الثانية، إلى أن التنسيق بين البلدين لم يفتر أو يتأثر سلبا بما أظهرته أنقرة من ليونة تجاه القاهرة أو رعونة حيال أثينا مؤخرا، وأن هموم شرق المتوسط تتطلب التعاون بينهما حتى لا تجد تركيا ثغرة تنفذ منها لتخريب مكاسب حصدها الطرفان من وراء تدشين منتدى شرق المتوسط، ويريدان الحفاظ عليها وتطويرها.


نيكوس ديندياس: تركيا تمارس العديد من الضغوط على القوى السياسية في ليبيا

ومن المرجح أن تتزايد الأهمية الإستراتيجية لمنتدى شرق المتوسط بالتزامن مع بروز عقبات يواجهها تصدير الغاز الروسي إلى أوروبا، وإمكانية أن تدخل دوله، جماعة أو فرادى، في صفقات مع دول غربية لتعويض النقص الحاصل في مصادر الطاقة المصدرة إلى أوروبا.

وأعادت مذكرة تركيا – الدبيبة طرح الأزمة الليبية كمنغص من زاوية اقتصادية أكثر منها سياسية وأمنية، لأن الخطوة استفزت أيضا فرنسا وأعلنت رفضها لها رسميا؛ إذ تمتلك باريس نفوذا اقتصاديا في الأراضي الليبية لا تريد التفريط فيه.

وينطوي ما قامت به تركيا مع حكومة الدبيبة على رسالة لجس نبض القوى المعنية بتمددها في ليبيا ورغبتها في توسيع نفوذها في شرق المتوسط، وبناء على رد الفعل في التعامل معها تحدد خطواتها في شكل التعاون مع ليبيا في ملف غاز المتوسط.

وبادرت مصر واليونان بالتشاور ورفض المذكرة الثانية والإعلان عن لقاء بين وزيريْ خارجية البلدين عقب الإعلان عنها مباشرة، وهذا مؤشّر على أن تركيا لن يُسمح لها بالتحرك بحرية تامة وتوظيف ضعف حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا ورئيسها عبدالحميد لصالح الوصول إلى أهدافها الخفية في شرق المتوسط.

وكشفت مذكرة التفاهم الثانية الحد الذي يمكن أن تصل إليه تركيا في طموحاتها مع غياب التسوية السياسية، وأن تلاعبها بالحكومة المنتهية ولايتها في طرابلس قد يؤدي إلى زيادة حدة المشكلات الإقليمية دون أن يصرفها عن التوترات الداخلية، وهي المشكلات التي منحت أنقرة نفوذا تستغله لتحقيق أهدافها الإقليمية في شرق المتوسط.

ويرى مراقبون أن التنسيق بين مصر واليونان يمكن أن يشمل دولا أخرى منتمية إلى منتدى شرق المتوسط وتنظر إلى التوجهات التركية حيال حكومة الدبيبة على أنها لا تخلو من مساومات كي تضمن أن يكون لها تأثير على خارطة الغاز المقبلة في المنطقة، لأنها تعتقد أن ليبيا ورقة سوف تمكنها من تعظيم مصالحها بالتوازي مع دبلوماسية البوارج الحربية التي تلمّح بها من حين إلى آخر.

لماذا يُعتبر الحل الثالث الإجابة الحقيقية الوحيدة لمسألة إيران؟


المعارضة الإيرانية الإطاحة بنظام الأسد وحزب الله دمر الدرع الخارجي لإيران


إيران بين الأزمة والتغيير: المقاومة الشعبية كطريق نحو المستقبل


تشديد الرقابة المالية في كندا على النظام الإيراني: خطوة استراتيجية نحو العزل المالي الكامل