شؤون العرب والخليج

تحركات احتجاجية واعتصامات تطالب بتسوية ملفات المعلمين النواب

تأخّر حلحلة ملف الأساتذة المتعاقدين يثير جدلا في تونس

لي ذراع بين الحكومة والنقابات

تونس

 لا يزال ملف الأساتذة النواب والمعلمين المتعاقدين يثير الجدل مع انطلاق الموسم الدراسي في تونس، وسط احتجاجات المربين في عدد من المدن، ما يطرح تساؤلات حول كيفية ملاءمة الدولة بين الشغورات المسجّلة وصيغ خلاص رواتب المنتدبين إن تمت تسوية الملف، في وقت يتخلف فيه حوالي ربع عدد تلاميذ البلاد عن الالتحاق بمقاعد الدراسة خصوصا في المناطق الريفية.

وفضلا عن مشكلة الأساتذة النواب التي يمسك الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية في البلاد) بحلحلتها، لأنه تم توظيفهم سابقا عن طريق النقابات، تطفو على السطح مشاكل الخرجين الجدد الذين تم تعيينهم برتبة عون مكلف بالتدريس، دون توضيح الصيغة النهائية لذلك.

ويخوض المعلّمون النواب وخريجو الإجازة التطبيقية في التربية والتعليم المتعاقدون تحركات احتجاجية واعتصامات بمقرات المندوبيات الجهوية للتربية بكامل أنحاء البلاد، رفضا لما اعتبروه سياسة “التسويف والمماطلة” التي تنتهجها وزارة التربية في تسوية ملف انتداب المعلمين النواب وخريجي الإجازة التطبيقية البالغ عددهم حوالي 6135 معلما.

وتسبب ذلك في تخلف حوالي ربع عدد التلاميذ عن الالتحاق بمقاعد الدراسة منذ انطلاق السنة الدراسية الجديدة.

وقدّر كاتب عام الجامعة العامة للتعليم الثانوي لسعد اليعقوبي عدد التلاميذ الذين لم يستأنفوا الدروس كليا أو جزئيا بما بين 400 و500 ألف تلميذ، نتيجة الأزمة التي يعرفها قطاع التعليم الأساسي بسبب عدم التحاق المنتدبين الجدد من خريجي علوم التربية إثر خلاف بين النقابة ووزارة الإشراف حول الصفة المقترحة في عقود التشغيل (عون مكلّف بالتدريس).

وترى نقابات التعليم المدافعة عن الحقوق المهنية للمربين، أن وزارة التربية تنكّرت لمطالب هؤلاء بعد أن تعهدت بانتدابهم رسميا على دفعات، مؤكّدة على تمسّكها بحلحلة الملف بعيدا عن الصيغ القانونية التي تتعارض مع المطالب.

وأفاد توفيق الشابي الكاتب العام المساعد للجامعة العامة للتعليم الأساسي أن “الخريجين الجدد ممن درسوا علوم التربية هم تلاميذ متفوقون في الباكالوريا وبمعدلات جيّدة (فيهم من تحصل على عدد 17 من 20) وكان يمكن أن يختار شعبة الطبّ أو الهندسة، يدرسون لمدة 3 سنوات ويتخرجون للتدريس ويتم انتدابهم مباشرة (متربص سنة أولى ومتربص سنة ثانية)”.

وقال لـ”العرب”، “وزارة التربية تنكرت لهذا القانون في دفعتي 2021 و2022 وأطلقت عليه عون مكلف بالتدريس وهذا يتعارض مع الوظيفة العمومية”، مشيرا إلى أن عددهم يتجاوز 10 آلاف مدرّس وتم الاتفاق على انتدابهم على 3 دفعات، دفعة أولى في 2020 في حدود 40 في المئة ثم دفعة ثانية سنة 2021 في حدود 40 في المئة ودفعة أخيرة في 2022 في حدود 20 في المئة، فضلا عن دفعة أخرى اعترضت وأرادت إلحاقها بهذه العملية”.

وتابع الشابي “الأساتذة والمعلمون النواب هم أيضا من أصحاب الشهادات الجامعية واكتسبوا الخبرة البيداغوجية، تنكرت الوزارة لمطالبهم فقاطعوا التدريس واحتجوا ونظموا أيام غضب”، موضّحا “الوزارة جهزت عقدا منضّرا دون أفق ترسيم وخلاص رواتبهم لا يكون على وزارة التربية بل على وزارة التنمية، لأنه في صورة انتدابهم بصفة رسمية تحسب رواتبهم على كتلة الرواتب في وقت يطالب فيه صندوق النقد الدولي التقليص من كتلة الرواتب في تونس”.

وطالب عضو النقابة “الوزارة بتسوية الملفين (الخريجين الجدد والأساتذة النواب)، لافتا أنهم من خرّيجي الجامعات ومن شعب طلبتها الوزارة وهم مأهّلون للتدريس وأصبحوا من ذوي الخبرة، قائلا “الملف أصبح مشكلة وطنية ووزير التربية قال إنه سيطرح آلية مع الطرف النقابي”.

وسبق أن قال وزير التربية فتحي السلاوتي إن “تسوية وضعية الأساتذة والمعلمين النواب ستتم على مراحل”، مؤكدا أن “الحكومة متمسكة بتنفيذ تعهداتها وتعهدات مختلف الحكومات المتعاقبة وذلك على كل المستويات”.

وأوضح السلاوتي، في تصريح إعلامي على هامش انعقاد الجلسة العامة للبرنامج التشاركي متعدد الفاعلين، “لنكن فاعلين/فاعلات، لأنه أمام الوضع الاقتصادي والمالي الصعب الذي تمر به تونس سيتم انتداب مختلف المدرسين النواب على مراحل باعتبار أنه لا يمكن انتدابهم دفعة واحدة”.

وقال الكاتب العام لجامعة التعليم الأساسي نبيل الهواشي إن “هذا العدد الكبير من التلاميذ الذين لم يلتحقوا بمقاعد الدراسة منذ انطلاق السنة الدراسية الجديدة يجب أن يفهم على أنه دفاع عن المنظومة التربوية في تونس والارتقاء بها انطلاقا من تسوية وضعية الآلاف من المعلمين النواب والقطع مع كل أشكال العمل الهش”.

ويقول مسؤولون سابقون في وزارة التربية إن الاهتمام بالتربية والتعليم ليس من أولويات الحكومات المتعاقبة ولا توجد إرادة سياسية لذلك، معتبرين أن وزير التربية الحالي ليس لديه ما يقدّم في ظلّ تفاقم الأزمة بسبب نهج سياسة تشغيل وتكوين هشّة.

وأكّد وزير التربية السابق ناجي جلول على “ضرورة مراجعة الاتفاقية التي تعطي 15 ساعة عمل للمعلّم في الأسبوع، والترفيع في سعر ساعة العمل، فضلا عن الزيادة في رواتب المدرّسين ودمج النواب مع تكوينهم”.

وأضاف لـ”العرب”، “الدولة تنكرت لهؤلاء وعليها أن تعطيهم حقّهم وتقوم باختياراتها، والتربية ليست حلاّ للتشغيل في تونس”، لافتا إلى أن “الفجوة المعرفية بين تلميذ في تونس وتلميذ في سنغافورة في حدود 5 سنوات، وستتوسع أكثر باعتبار عدم عودة عدد من التلاميذ إلى مقاعد الدراسة إلى حد الآن، وهذا ما يجعل تعليمنا في مراتب متأخرة”.

ووصف مربون وضعية التعليم في تونس بـ”المأساوية”، معتبرين أن المشكلة مادية بالأساس، وسط تأكيد على أن هذا التأخر القائم في عودة عدد كبير من التلاميذ لا يخدم مصلحة أي طرف، وستكون له تداعيات سلبية على المنظومة برمّتها.

وقالت باسمة المنوبي أستاذة تفكير إسلامي إن “الوضعية مأساوية والنسق سريع، كما يوجد ضغط كبير من أجل إنهاء البرنامج، والعملية مرتبطة أساسا بتكوين التلميذ، ولم أر دعما كافيا من الأساتذة لمطالب زملائهم النواب أو المعلمين الجدد”.

وأضافت لـ”العرب”، “المشكلة مادية بالأساس وراتب الأستاذ غير كاف وهناك إقبال كبير على المدارس الخاصة، اليوم لدينا 400 ألف تلميذ متأخرون عن العودة مع احتجاجات واعتصامات وهذا حتما سيؤثر على نسق التعليم في البلاد”.

محاولة مفضوحة لتبرير الحملة القمعية القادمة لنظام الملالي


نار الثورة تشتعل في وجه جحيم السجون: انتفاضة الشعب الإيراني تتصاعد ضد القمع الوحشي


المعارضة الإيرانية بين نضج التنظيم وقرب الانفجار؛ والمجلس الوطني للمقاومة ومجاهدو خلق في مواجهة نظام يحتضر


من هو الخصم الحقيقي الذي يهدد نظام ولاية الفقيه في إيران؟