شؤون العرب والخليج

"التيار الثالث"..

ورقة إخوانية جديدة للضغط على النظام المصري

"أرشيفية"

الرياض

أخرجت جماعة الإخوان، الموضوعة على قوائم الإرهاب في مصر، من جعبتها ورقة جديدة تناور بها وتضغط من خلالها على النظام المصري بعد تجاهله دعوات قادة فيها للمصالحة والمشاركة في الحوار الوطني الجاري.

وعلى عادتها في المراوحة بين خطابات التهدئة والتنازلات وخطابات التحريض والتهديد بالعنف، ظهرت في المشهد أخيرًا جبهة تيار التغيير أو ما يُعرف بـ”الكماليون”، نسبة إلى قائد اللجان النوعية المسلحة الراحل محمد كمال، مع تراجع جبهتي إبراهيم منير ومحمود حسين خطوة إلى الوراء.

شرع هذا الجناح، المعروف بـ”التيار الثالث” السبت في عقد مؤتمره بإسطنبول، في إشارة تحوي العديد من الدلالات السياسية حول الزمان والمكان، بما يوحي بأن العلاقة بين القاهرة وأنقرة مقبلة على فترة جديدة من السخونة بشأن الجدل القائم حول الإخوان.

◙ تيار "الكماليون" يحتاج إلى إعادة إنتاج نفسه بعيدًا عن نهج العنف الصريح السابق بعد فترة انزواء، على ألا يتخلى عن خط العداء

واختار المؤتمر انعقاده تحت شعار “على عهد الشهيد” بهدف إطلاق نشاط التيار الجديد والإعلان عن خطه وموقفه من الأحداث والمستجدات في المنطقة ومصر، عبر إصدار ما يسمى بـ”الوثيقة السياسية”.

يشير هذا التطور إلى محاولة للعودة إلى مشهد شهر يناير عام 2015 عندما دشنت الجماعة مسارًا مغايرًا يتبنى قيادة المواجهات العنيفة والمسلحة ضد النظام المصري تحت لافتة “التمرد الثوري”، وتحشيد الجماهير وتشكيل خلايا مسلحة هدفها إزالة ما وصفوه بـ”الانقلاب العسكري” بالقوة.

يبرهن ذلك أن من يقود “تيار التغيير” حاليًا هم أنفسهم من تصدروا مشهد أحداث العنف الذي تبنته جماعة الإخوان الفترة الماضية، وفي مقدمتهم محمد منتصر المتحدث الرسمي السابق باسم الجماعة، ومعهم نزيه علي وجمال عبدالستار وعمرو دراج ويحيى حامد.

يراهن قادة هذا التيار على استمالة قيادات وعناصر من داخل جبهتي لندن وإسطنبول المتنازعتين على ضوء فشلهما في إيجاد حلول للأزمات المستعصية للجماعة ، ويعولون على جاذبية دعوات استعادة القيادة للشباب وتبني سلوك أكثر حدة حيال الأوضاع في مصر للتشويش على أجواء الحوار الوطني الحالي بهدف سحب البساط من تحت القيادات التي عجزت عن إنقاذ الجماعة وشبابها بخطاب مرن والتنازل والمصالحة.

ويقول مراقبون إنه من الصعب في ظل المتغيرات التي طرأت على الحالة المصرية خلال السنوات الماضية العودة الصريحة إلى المنهج الذي تبناه “الكماليون” منذ بداية نشاطهم بعد أن أعطاهم مرشد الجماعة الضوء الأخضر، والمتمثلة في تثوير الجماهير الغاضبة، وتشكيل خلايا عنف سرية لتنفيذ العديد من العمليات الإرهابية، على غرار حركة “حسم” و”لواء الثورة.”


◙ صعود تيار "الكماليون" للواجهة يشير إلى وجود جبهة ثالثة تدخل حلبة الصراع على قيادة الإخوان، ما يزيد الجماعة تشظيًا

وينطوي التطور الجديد على مخطط لتغيير التوازنات داخل الجماعة، فتيار العنف الذي شكل اللجان النوعية المسلحة وانطفأ بريقه بعد هزيمته الساحقة يجري استدعاؤه لتقوية إحدى الجبهتين المتنازعتين (جبهتي لندن وإسطنبول) على حساب الأخرى.

وتجمع كل من جبهة إبراهيم منير (جبهة لندن) وتيار التغيير مصلحة مشتركة في تهميش وإقصاء مجموعة محمود حسين (جبهة إسطنبول) بالنظر أولًا للصراع المحتدم المعروف بينهما.

علاوة على رغبة الانتقام لدى “الكماليون” من محمود حسين الذي حرمهم في تركيا من الدعم المادي ورفع الحماية الأمنية عن بعض العناصر، ما تسبب في وقوعهم بقبضة الأمن المصري.

ويرجح المراقبون وجود تحالف وتنسيق غير معلن بين مجموعة إبراهيم منير وقادة تيار التغيير، حيث لا ترقى الإمكانيات البشرية والمادية للأخير لطرح نفسه كبديل عن أطراف الجماعة الأخرى، كما أن مجموعة لندن في حاجة إلى طي ورقة دعوات المصالحة والدفع بورقة استعادة روح الثورات وإعلان رفض التعامل مع الدولة المصرية والتلويح بالخيارات الخشنة.

ومن المتوقع عجز “التيار الثالث” عن التحرك على هذا المستوى دون إطلاق ضوء أخضر من داعمين له رأوا ضرورة دمج المسارات بهدف رفع الحرج عن مجموعة منير الراغبة في التغطية على فشل محاولات حلها للأزمة عبر طرح مبادرات الصلح.

ويحتاج التيار المعروف بـ”الكماليون” لإعادة إنتاج نفسه في المشهد بعيدًا عن نهج العنف الصريح السابق بعد فترة انزواء، على ألا يتخلى عن خط إعلان العداء للدولة المصرية وخطط تعطيل مسيرتها.

وتسير الجهود الحالية باتجاه إعادة الهيكلة داخل الجماعة عبر المزج بين تصورين وطريقتي تعاط بقصد غسل سمعة الأجنحة المسلحة ومنح جبهة منير أدوات مضافة تضغط بها على النظام المصري.

ويعتبر تيار “الكماليون” نفسه هو التيار الأكثر إخلاصا لأدبيات آباء الجماعة وقادتها الأوائل ولتعاليم حسن البنا وسيد قطب.

وقبلت غالبية الأجنحة داخل الإخوان في مصر أو خارجها بتصدر “الكماليون” من قبل، وبعد أن فشلوا في تحقيق تقدم عبر استخدام القوة وباتوا ورقة محروقة وعبئًا على الجماعة أُجبروا على التوقف لدرجة قيام القيادي محمود عزت بإرشاد الأجهزة الأمنية عن مكان اختباء محمد كمال عبر رسالة مجهولة المصدر.

صعود تيار "الكماليون" للواجهة يشير إلى وجود جبهة ثالثة تدخل حلبة الصراع على قيادة الإخوان، ما يزيد الجماعة تشظيًا

وبمرور الوقت انتقل الصراع على القيادة بعد أن كان محصورًا بين “الكماليون” وعزت إلى حرب تكسير عظام بين جبهتي لندن وإسطنبول.

ويشير صعود تيار “الكماليون” للواجهة إلى وجود جبهة ثالثة تدخل حلبة الصراع على قيادة الإخوان، ما يزيد الجماعة تشظيًا، بينما ينطوي الحدث على تدبير منسق لخلق ترابط يصرف النظر عن الصراعات ويمكّن داعمي الجماعة من توظيفه في المناورات مع النظام المصري.

وتغض أنقرة الطرف عن هذا النشاط للتيار الكمالي المعروف بتاريخه المسلح لتفهمها ضرورة إيجاد فعالية لورقة جماعة الإخوان، حيث تراجعت قيمتها بيد المسؤولين مع فقدان تأثيرها في الواقع المصري.

وتتركز تصورات الجماعة وداعميها بشأن المرحلة المقبلة حول ضرورة إيجاد وسيلة لدمجها في المشهد المصري كخطوة لا بديل عنها لإنقاذها وإعادة بنائها تدريجيًا واستعادة نشاطها في المنطقة العربية.

ويتطلب هذا توحيد الجماعة وإنهاء الانقسامات وابتكار طرق تؤدي إلى تفعيل المصالحة المجمدة، وحل مشكلات المحبوسين والهاربين.

ويوحي الإعلان عن “التيار الثالث” أن قيادة الجماعة على استعداد للعودة إلى السلمية وطي صفحة العنف عبر إظهار جناحها المسلح والجبهة التي أشرفت على نشاط لجانها النوعية كتيار يطرح وثيقة سياسية، في محاولة تبدو أخيرة لابتكار صيغة تكفل لحاقها بالانخراط ضمن فاعليات الحوار الوطني، وقد تمهد لتحقيق مصالحة مع النظام المصري.

محاولة مفضوحة لتبرير الحملة القمعية القادمة لنظام الملالي


نار الثورة تشتعل في وجه جحيم السجون: انتفاضة الشعب الإيراني تتصاعد ضد القمع الوحشي


المعارضة الإيرانية بين نضج التنظيم وقرب الانفجار؛ والمجلس الوطني للمقاومة ومجاهدو خلق في مواجهة نظام يحتضر


من هو الخصم الحقيقي الذي يهدد نظام ولاية الفقيه في إيران؟