شؤون العرب والخليج

«حزب الله» وحلفاؤه يتمسكون بالورقة البيضاء

برلمان لبنان يفشل للمرة الثالثة في انتخاب رئيس جديد للجمهورية

لن يحصل أي تغيير

بيروت

 أخفق البرلمان اللبناني للمرة الثالثة الخميس في انتخاب رئيس جديد، مما جعل البلاد أقرب إلى شبح حدوث فراغ في أعلى منصب مسيحي في الحكومة وأزمة أوسع في شرعية الدولة.

واقترع 55 نائبا بورقة بيضاء، بينهم النواب التابعون لكتلة حزب الله، فيما اتهم النائب رازي الحاج حزب الله بالبحث عن مرشح “يملي عليه أوامره”.

وأكد الحاج “ضرورة احترام الدستور، والبعض يضع كل جهوده لتأليف حكومة”، لافتا إلى أن “تمديد الفراغ بدل انتخاب الرئيس والتوافقات العريضة تاريخيا أديا إلى الانهيار الحاصل اليوم”.

وأشار إلى أن “هناك قوى تريد مسارا سياسيا إنقاذيا، وهناك قوى تريد أن تبقى بالعقلية والذهنية نفسها بإدارة الدولة”، مشددا على “أننا لا نطلب من الجميع انتخاب مرشحنا النائب ميشال معوض، ولكن أقله فليكون هناك مرشح لهم”.

ولفت إلى “أننا في تواصل مستمر مع كل المعارضة، واليوم الممانعة تعطّل النصاب إن لم نقبل بمرشحها”، مضيفا “حزب الله يريد مرشحا يملي عليه أوامره، فهذا الطرح لا يتوافق مع قناعاتنا”.

وحظي النائب ميشال معوض، المدعوم من القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع وكتل أخرى بينها كتلة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، بـ42 صوتا، في حين يحتاج إلى 86 صوتا للفوز من الجولة الأولى. وكان ميشال معوض ابن الرئيس اللبناني السابق رينيه معوض حصل على 36 صوتا في الجلسة الأولى لانتخاب رئيس في الثالث عشر من أكتوبر.

ويؤشر فشل البرلمان الذي يضم 128 نائبا، في التوافق على مرشح حتى الآن، على أن العملية الانتخابية قد تستغرق وقتا طويلا، ما يزيد من تعقيدات الوضع في البلاد الغارقة في أزمة مالية خانقة، وحيث نادرا ما تُحترم المهل الدستورية المحددة.

وحسب الدستور، فإن الانتخابات الرئاسية تستوجب حضور ثلثي أعضاء البرلمان البالغ عددهم 128 نائبا، أما الانتخاب فيجب أن يتم بأصوات ثلثي الأعضاء في الدورة الأولى وبالنصف زائد واحد، أي 65 نائبا، في الدورات التالية. وفي ظل الانقسام في البرلمان وعدم قدرة فريق واحد على حيازة الأكثرية، فإن من الصعب على أي حزب أن يفرض خياره.

وقال النائب سامي الجميّل رئيس حزب الكتائب “لا نزال نعمل على توحيد صفوف المعارضة حول اسم واحد، لكننا نواجه صعوبات، ونأمل رص الصفوف في الأيام المقبلة مع اقتراب الاستحقاق في الحادي والثلاثين من الشهر”.

وقال النائب عن حزب الله حسن فضل الله “إلى الآن لا يوجد توافق، ولا يوجد حوار شامل بين الكتل المختلفة أصلا… ولذلك ستتكرر المشاهد التي نراها، وأعتقد أن الجلسات ستتكثّف في الأيام العشرة الأخيرة”.

وتعارض كتل رئيسية بينها حزب الله، القوة السياسية والعسكرية الأبرز، دعم ترشيح معوض وتصفه بأنه مرشح “تحد”. ويعرف عن معوض قربه من الأميركيين.

ويؤكد متابعون أن انتخاب الرئيس اللبناني بيد حزب الله، إذ إن استطلاعات الرأي والتوقعات تشير إلى أنه لن يحصل أي تغيير جذري في المعادلة السياسية.

وبناء على ذلك سيكون حزب الله الفيصل في انتخاب الرئيس، بناء على خارطة التحالفات التي تخدم مصالحه وأجنداته الداخلية والخارجية.

ويملك حزب الله وحلفاؤه عامل قوّة من خلال رئاسة الجمهورية المحسوبة عليه، وهو غير مستعدّ لخسارة هذا المكسب، لاسيما في ظلّ تأزّم العلاقة مع العديد من المكوّنات المسيحية نتيجة التحريض عليه سياسيا وإعلاميّا، لذلك هو غير مستعدّ للتنازل عن هذا المكسب لأيّ طرف آخر بهدف إبقاء الخطوط مفتوحة وإعادة الأمور إلى طبيعتها.

ولم يحدد حزب الله خياره الرئاسي إلى حد الآن، إلا أنه وضع على لسان رئيس كتلته النيابية محمد رعد مواصفات لمرشحه.

وأكد رعد الأحد “إننا نريد رئيسا للجمهورية يحقق مصلحة البلاد ولديه ‘رِكب’ ولا يأمره الأميركي فيطيع، بل يطيع المصلحة الوطنية”، مشددا على أنّ “هناك صفة يجب أن تكون في رئيس الجمهورية القادم ونحن معنيون بالتفكير بها ونضعها على الطاولة، هي رئيس جمهورية يقرّ ويحترم ويعترف بدور المقاومة في حماية السيادة الوطنية”.

وأمام حزب الله، الذي أثبتت المعطيات أنّه تراجع نوعا ما في الانتخابات، مرشّحان هما رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، وبما أنّ الثاني لن يصل بسهولة فإنّ الاتفاق على تسمية فرنجيّة هو الأقرب إلى الواقع لسببين: أولهما أنّه من فريق 8 آذار وما يرافق ذلك من كسر جليد مع باسيل وعودة الأمور إلى طبيعتها شيئا فشيئا.

وثانيهما قبوله من كافة الأطراف بما فيها جزء من المسيحيين باستثناء الطامحين إلى رئاسة الجمهوريّة، وعلاقته المميزة مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، ومع العديد من المرجعيّات الكنسيّة على أنواعها.

وحدّد رئيس مجلس النواب نبيه بري موعدا للجلسة المقبلة في الرابع والعشرين من أكتوبر الجاري. ولم تعقد الجلسة الماضية في التاسع والعشرين من سبتمبر بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني.

وحضّت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا الجمعة خلال زيارة إلى بيروت في الرابع عشر من أكتوبر المسؤولين اللبنانيين على تجنّب الفراغ الرئاسي والإسراع في انتخاب خلف للرئيس ميشال عون.

وقالت كولونا “يجب احترام الاستحقاق الدستوري، إنها حاجة ماسّة للبنان”، مشددة على أن “لبنان لم يعد يستطيع أن يتحمل الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة”.

وانتُخب عون رئيسا في 2016 بعد شغور رئاسي استمر أكثر من عامين، بسبب فشل النواب في التوافق على مرشّح.

وتنتهي ولاية الرئيس ميشال عون في الحادي والثلاثين من أكتوبر الجاري، بينما لا تزال الانقسامات عميقة بين الكتل السياسية بشأن تشكيل الحكومة الجديدة.

وسبق أن شغر منصب الرئيس عدة مرات منذ الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990. وتوقعا لفراغ آخر كثف السياسيون جهودهم للاتفاق على حكومة جديدة برئاسة رئيس الوزراء السني المكلف نجيب ميقاتي، الذي يشغل حاليا منصب رئيس حكومة تصريف الأعمال، إذ يمكن أن تنتقل السلطات الرئاسية إلى الحكومة الجديدة.

ويشهد لبنان منذ العام 2019 انهيارا اقتصاديا صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم، خسرت معه العملة المحلية نحو 95 في المئة من قيمتها في السوق السوداء، وبات أكثر من 80 في المئة من سكانه تحت خط الفقر.

إرث النظام الإيراني بين الحروب والهيمنة الرجعية: الحل الثالث طريق الشعب نحو التحرر


تركيز الاستخبارات الإيرانية في أوروبا على معارضي النظام: تقرير هامبورغ يكشف عن استهداف مجاهدي خلق والمقاومة الإيرانية


"آلية الزناد: مفتاح الأزمة النهائية في مواجهة النظام الإيراني"


مأزق النظام الإيراني بين شبح العقوبات وضرورة التغيير: قراءة في معضلة "آلية الزناد"