شؤون العرب والخليج

صحف..

لم يبق للاجئين الفلسطينيين في لبنان ما يخسرونه

"أرشيفية"

موسكو

يعيش اللاجئون الفلسطينيون في لبنان ظروفا اقتصادية صعبة للغاية، ما يجعلهم يبحثون عن فرص لحياة أفضل في الضفة الشمالية للبحر المتوسط، لكنهم يواجهون مخاطر عبور البحر.

وحاول اللاجئ الفلسطيني الذي يعيش في لبنان ناصر الطبراني الهجرة مرتين عن طريق البحر بحثا عن حياة أفضل في أوروبا. لكنه فشل بعد أن عطّل الحرس البحري مساره. وقال إنه سيحاول القيام بذلك مرة أخرى متى أتيحت له الفرصة لأن الحياة في لبنان الذي ضربته الأزمة أصبحت مستحيلة بالنسبة إلى معظم الفلسطينيين الموجودين هناك.

وقال الأب البالغ من العمر 60 عاما إنه اقترض ما مجموعه 7 آلاف دولار لمحاولة مغادرة لبنان، وهو غارق في ديون لا يمكنه سدادها. وتابع من كشكه لبيع الخضروات في أحد الأزقة المزدحمة بمخيم برج البراجنة للاجئين في بيروت “ما زال أطفالي صغارا وضاع مستقبلهم. لقد دُمّرت عائلتي ومعظم الأسر. لا يمكننا العيش في لبنان بعد الآن”.


ولم يؤد الانهيار الاقتصادي غير المسبوق في لبنان إلى الإضرار باللبنانيين فحسب، بل تضرر أيضا اللاجئون الفلسطينيون الذين عاشوا في هذا البلد الشرق أوسطي منذ إنشاء إسرائيل في 1948. كما أثّرت الأزمة على أولئك الذين فروا من الحرب الأهلية التي اندلعت في سوريا سنة 2011.

وقالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) “إن الفلسطينيين غرقوا في براثن الفقر، وأصبح الكثير منهم يكافحون للعيش بأقل من دولارين في اليوم. ويخاطر آخرون بحياتهم بحثا عن مستقبل أفضل في الخارج بمحاولة عبور البحر المتوسط بطريقة خطيرة”.

وقالت الأونروا إن 93 في المئة من كافة لاجئي فلسطين في لبنان فقراء. ويعيش حوالي 210 آلاف لاجئ من فلسطين في لبنان (180 ألف لاجئ فلسطيني من لبنان إضافة إلى 30 ألف لاجئ فلسطيني من سوريا) داخل 12 مخيما رسميا للاجئين أو خارج المخيمات، وفي ظروف معيشية مكتظة.

وتأسس مخيم برج البراجنة عام 1948 في ضاحية بيروت الجنوبية، ويعيش فيه 50 ألف نسمة في 2 كيلومتر مربع، ومنذ ذلك التاريخ حتى اليوم يعاني سكانه من فقر وإهمال كبيرين.

وعلى الرغم من أن معظم اللاجئين الذين يعيشون في المخيمات ولدوا وتعلموا في لبنان، فإنهم لا يستطيعون العمل في أي نقابة مهنية خارج المخيم لعدم تمتعهم بحقوق المواطنة.

ويُذكر أن الأونروا لم تسجّل عشرات الآلاف من الأشخاص الآخرين الذين يُعتقد أنهم يعيشون في لبنان. وتناشد الوكالة الحصول بشكل عاجل على 13 مليون دولار من المساعدات حتى تتمكن من تقديم يد العون التي تشتد الحاجة إليها في مثل هذه الظروف. وسيذهب بعض الأموال مباشرة إلى العائلات الفلسطينية وسيمكن البعض الآخر الأونروا من الاستمرار في إدارة خدمات الرعاية الصحية الأولية وإبقاء المدارس التي تديرها الوكالة مفتوحة حتى نهاية العام الجاري.

وقالت القائمة بأعمال مكتب إعلام الأونروا في لبنان هدى سمرا إن اللاجئين “وصلوا إلى الحضيض في لبنان”، ووصفت الوضع بالكارثي. وأضافت أن “الناس أصبحوا على حافة اليأس وليس لديهم ما يخسرونه بعد الآن”.

وغرق قارب يحمل العشرات من المهاجرين اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين قبالة السواحل السورية في الشهر الماضي، مما أسفر عن مقتل أكثر من 100 شخص من بينهم 25 فلسطينيا. وارتفع عدد الفلسطينيين الذين يحاولون مغادرة لبنان منذ أكتوبر 2019 بعد اندلاع الأزمة الاقتصادية الناتجة عن عقود من الفساد وسوء الإدارة.

وأفقدت الأزمة العملة نحو 90 في المئة من قيمتها بينما خسر عشرات الآلاف من الناس وظائفهم مما سبب زيادة حادة في أعداد العاطلين عن العمل. كما تضاعف معدل الجريمة حيث أجبِر بعض الناس على السرقة لشراء الطعام.

الأزمة الاقتصادية لم تلحق الضرر باللبنانيين فحسب، بل تضرر منها اللاجئون الفلسطينيون الذين عاشوا طويلا في لبنان

وعانى اللاجئون الفلسطينيون منذ فترة طويلة من التمييز في لبنان وفقا للأونروا، حيث مُنعوا من ممارسة 39 مهنة، بما في ذلك مجالات الطب العام وطب الأسنان والصيدلة والعلاج الوظيفي والقانون.

وقالت سمرا إنه على الرغم من أن الأونروا لا تملك الأرقام الدقيقة عن الفلسطينيين الذين يحاولون مغادرة لبنان عن طريق البحر، إلا أنها تدرك أن الأعداد تواصل الارتفاع.

وصرّحت بأن هذا “يوضح مستوى اليأس؛ فلا أحد سيقبل بإلقاء نفسه وعائلته في البحر إذا كانت لديه خيارات أخرى”.

وقالت الأونروا إن متوسط تكلفة السلة الغذائية في لبنان ارتفع ستة أضعاف في العام الماضي.ومثّل هذا إحدى أعلى الزيادات في العالم. كما أن كلفة المياه والوقود والكهرباء والغاز والنقل والرعاية الصحية ارتفعت من ثلاث إلى خمس مرات. وأصبحت الأدوية غير متوفرة بشكل متزايد في السوق والعائلات غير قادرة على تحمل تكاليفها منذ رفع الدعم الحكومي خلال العام الماضي.

وقال الطبراني مشيرا إلى حياته ما قبل الانهيار “كنا نتدبر أمرنا لكننا الآن (صرنا) تحت الخط”. وكان يكسب قبل الأزمة حوالي 35 دولارا في اليوم، لكنه يجني الآن جزءا صغيرا من ذلك. ولا تستطيع عائلته أن توفّر هذه الأيام إلا وجبتين فقط في اليوم بدلا من ثلاث، ولم تتناول اللحوم الحمراء منذ أشهر.

وعلى الرغم من الأزمة المحتدمة قاومت الطبقة السياسية في لبنان (التي حكمت منذ نهاية الحرب الأهلية من 1975 إلى 1990) الإصلاحات التي طالب بها المجتمع الدولي والتي يمكن أن تساعد على تأمين مليارات الدولارات في شكل قروض واستثمارات.


وقال بيان الأونروا “لقد حان الوقت لاتخاذ خطوات فعلية. علينا أن نتحمل المسؤولية الجماعية، وأن نمد إلى لبنان يد العون للمساعدة في سحب الناس من على حافة الهاوية”.

ويعاني اللاجئون السوريون كذلك من وضع مأساوي وسط مخاوف من إعادتهم إلى بلادهم بشكل قسري، حيث قال الرئيس اللبناني ميشال عون إن بلاده ستعمل على “إعادة النازحين السوريين إلى بلدهم”.

وقد أثارت الخطة اللبنانية لإعادة اللاجئين السوريين قسرا مخاوف من تعرضهم لانتهاكات جسيمة عند عودتهم إلى بلادهم.

وفي الشهر الجاري دعت منظمة العفو الدولية السلطات اللبنانية إلى وقف تنفيذ خطة لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم بشكل غير طوعي.

إضراب عن الطعام في 47 سجنًا في إيران: حملة “لا للإعدام” تتواصل للأسبوع السادس والسبعين


مريم رجوي لـ”النهار”: لا للحرب ولا للمهادنة مع النظام الايراني… وإعادة بناء قدراته العسكرية رهن بعاملين


إرث النظام الإيراني بين الحروب والهيمنة الرجعية: الحل الثالث طريق الشعب نحو التحرر


تركيز الاستخبارات الإيرانية في أوروبا على معارضي النظام: تقرير هامبورغ يكشف عن استهداف مجاهدي خلق والمقاومة الإيرانية