تقارير وتحليلات
إخوان اليمن..
كيوبوست: كشفتها تسجيلات القذافي..تاريخ من العلاقات التخريبية
قيادات من حزب الإصلاح اليمني – أرشيف
يعمل حزب الإصلاح في اليمن، منذ تأسيسه في عام 1990، على موازنة مصالح أعضائه القبلية والسياسية؛ وهي موازنة محفوفة بالمخاطر فرضتها طبيعة الحزب المرتكزة على تحالف بين العناصر القبلية والدينية، ويغذِّي هذا التحالف التحفظ الديني لدى القبائل في شمال اليمن من جانب، وتطرُّف رجال الدين المرتبطين بجماعة الإخوان المسلمين من جانب آخر.
ولكن المزج بين الاعتدال والتطرُّف والمصالح القبلية والطموحات السياسية يزداد ترهلاً بمرور الزمن واختلاف الأجيال، ويزيد من تباينات أعضاء الحزب في تفسيراتهم الدينية وتحالفاتهم، وهو اختلاف يقود اليمن بلا هوادة إلى مصير غامض ومُخيف.
تم تأسيس حزب الإصلاح من قِبل زعيم قبائل حاشد اليمنية الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، ومؤسس ذراع جماعة الإخوان المسلمين في اليمن الشيخ عبدالمجيد الزنداني.. وآخرين.
لقبائل حاشد تاريخ طويل في دعم مَن يُطلق عليهم “السادة الأشراف”؛ وهم أسلاف الحوثيين، وقد كان ذلك التأييد القبلي لهم بفضل مكانتهم الدينية والاجتماعية، ومن أجل تحقيق دعوتهم إلى الخلافة الإسلامية والحفاظ على الدين بزعمهم. ومن جانب آخر، يسعى الإخوان المسلمون لتطبيق الشريعة الإسلامية تحت خلافة إسلامية عالمية واحدة، ولقد جذب الهدف المشترك بين زعيم قبلي وآخر ديني ملايين الأشخاص في شمال اليمن باختلافاتهم الفكرية ومصالحهم القبلية.
ومن بين جميع زعماء الحزب، فإن أبناء مؤسس الحزب وأقارب العائلة -حتى البعيدين كعلي محسن الأحمر- هم الأكثر جدلاً؛ ويرجع ذلك إلى تشابك علاقاتهم، وعلاقات أتباعهم، مع السعودية وقطر وتركيا، بل وحتى، كما تكشف التسريبات أكثر من مرة، مع معمر القذافي الذي عُرِف بتوجهه المناهض للسعودية.
اختلاف الولاءات والتحالفات
مع بداية الأزمة اليمنية في عام 2009، وفي حوار بين الزعيم الشاب في حزب الإصلاح حميد الأحمر، والسفير الأمريكي في اليمن، وصف حميد الجنرالَ علي محسن الأحمر، وهو من أبرز مؤسسي حزب الإصلاح أيضاً، بأنه الرجل الخطأ لخلافة الرئيس علي صالح، معقباً: “لا ينبغي السماح له بقيادة البلاد”. وأضاف حميد “زعيم اليمن القادم يجب أن يكون مدنياً وليس شخصية عسكرية”.
يُقيم علي محسن في السعودية، ويشغل نائب الرئيس اليمني حالياً، وقد تم تعيينه في هذا المنصب رغم صِلاته المشبوهة؛ أملاً في مساعدة علاقاته ونفوذه القبلي في هزيمة المتمردين الحوثيين. وفي المقابل، يُقيم حميد الأحمر في تركيا، ويتلقى دعماً مالياً سخياً من قطر منذ اندلاع الثورة في 2011؛ لإفشال الجهود السعودية الرامية إلى إيجاد حل للأزمة اليمنية.
حميد الأحمر ليس الوحيد الذي يتلقى الدعم من أطراف مناهضة للسعودية والتحالف العربي، فشقيقه حسين هو الآخر كان قد عُرِف بتلقيه مبالغ مالية ضخمة من الزعيم الليبي معمر القذافي منذ ما قبل الأزمة؛ لخلق المشكلات لحكومتَي اليمن والسعودية، حسب مارك براند، مؤلف كتاب القبائل والسياسات في اليمن. وقد أشار تسجيل حديث مُسرَّب لمعمر القذافي، إلى اجتماعه بأبناء “الأحمر” الذين أعلنوا تمردهم على المملكة العربية السعودية، على حد تعبير القذافي.
لطالما عُرف عن القذافي دعمه للإرهاب، ومناهضته للسعودية والمَلكية، وقد أشارت تحقيقات أمريكية إلى تورطه في مؤامرة لاغتيال ولي العهد السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وزعزعة استقرار المملكة في عام 2003، وفقاً لتصريحات من اثنين من المشاركين في المؤامرة، حسب صحيفة “النيويورك تايمز” الأمريكية.
ولكن حسين الأحمر لم يكتفِ بعلاقاته التخريبية مع القذافي؛ بل أنشأ علاقات تخريبية أخرى مع قطر، حيث كشف تسجيل صوتي جرى بين حسين الأحمر وضابط قطري في عام 2011، عن تعاون بين الطرفين من أجل إفشال المبادرة الخليجية، ودفع اليمن نحو الحرب الأهلية من خلال تصعيد الاحتجاجات في الشارع اليمني وإقناع الحوثيين برفض المبادرة. وقد أشار الضابط القطري إلى الزعيم الحوثي في الحوار بـ”صاحبنا”، ووصف رفض المبادرة بأنها “فرصة ذهبية” للحوثيين.
المزيد من النار على الزيت
اختلاف الولاءات والمصالح بين إخوان اليمن المتمثلين في حزب الإصلاح، يشمل كل الأعضاء تقريباً، ولا يقتصر على عائلة آل الأحمر، والتي ارتبط والدهم الشيخ عبدالله، بعلاقات تاريخية وثيقة بالمملكة. فتوكل كرمان، الزعيمة البارزة في الحزب، تهاجم هي الأخرى بعنف السعودية؛ بل وتهاجم أيضاً عائلة الأحمر ذاتها. وقد دعت، في تغريدة لها في عام 2016، إلى ثورة ضد مَن وصفتهم بـ”عيال الشيخ عبدالله الأحمر”. تعيش كرمان في تركيا وتدير منها قناتها التليفزيونية “بلقيس” المدعومة قطرياً.
يخلق التباين والتنافس بين أعضاء حزب الإصلاح اليمني صراعاً محموماً على الأرض في اليمن بين الوكلاء. وفي هذا الصدد على سبيل المثال، أشارت معلومات استخباراتية إلى أن محاولات تمكين تركيا من جزيرة سقطرى مؤخراً كانت تتم بمساعدة من حميد الأحمر، ولإفشال هذا المخطط أشار مراقبون إلى أن طريقة سيطرة المجلس الانتقالي على الجزيرة توحي بعملية تسليم يقف خلفها علي محسن الأحمر؛ لتفويت الفرصة على خصمه الشاب الذي يشاركه الحزب ذاته، لكن ليس بالضرورة المصالح والأفكار والتحالفات ذاتها. وبغض النظر عن مدى صحة هذه الادعاءات أو دقتها، فإن ما لا يدعو إلى الشك هو أن العلاقات التخريبية لحزب الإصلاح مع خصوم تاريخيين ومتطرفين ستستمر في أداء دور المُفسد، ليس في الصراع الحالي في اليمن فحسب؛ بل حتى في ما بعد مرحلة الصراع أيضاً، وسيبقى الشعب اليمني دائماً مَن يدفع الثمن.