شؤون العرب والخليج
وكالات..
المعركة من أجل آسيا الوسطى.. بدأت للتو!
"أرشيفية"
أضحت دول المنطقة (آسيا الوسطى) براغماتية بشكل علني في اختيار سياستها الخارجية، وبرزت في المشهد زيارة رئيسة سنغافورة حليمة يعقوب، كازاخستان في 22 أيار/مايو الحالي، وهي الأولى إلى آسيا الوسطى في تاريخ الدولة والجزيرة.
وأوضحت اختيارها بحقيقة أنّ كازاخستان هي "زعيمة آسيا الوسطى"، مما يعزز العلاقات معها ويكون له تأثير إيجابي على التعاون في المنطقة ككل.
وقد عقدت ثلاث قمم "الصين - آسيا الوسطى" في مدينة شيآن، "الاتحاد الأوروبي - آسيا الوسطى" وأخرى على مستوى رؤساء الوزراء في ألما آتا ومجموعة السبعة - في هيروشيما، حيث اتفقت دول مجموعة السبع على التعاون مع دول آسيا الوسطى لحل التحديات الإقليمية.
القمم الثلاث
إنّ عقد ثلاث قمم متزامنة تقريبًا علامة بارزة ويشير إلى توازن في السياسة متعددة الاتجاهات لبلدان آسيا الوسطى، وليس التزامًا بقطب واحد وتزامن القمم يوضح طبيعة السياسات من يقدم ماذا ولمن، ومع من يعمل كأولوية. إنّ تخطيط السياسة الخارجية واتخاذ القرار من قبل بلدان آسيا الوسطى أصبح أكثر سرعة وكفاءة، ومن المهم عدم ارتكاب خطأ في موازنة المصالح بين روسيا والصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي فأي خطأ يمكن أن يكون حرجًا. وهذا يعني أنّ إمكانيات هذا النهج متعدد الأوجه ضيقة نوعًا ما يمكنك أن تخطئ وتخضع لعقوبات أحد الطرفين. لا أعتقد أنّ مثل هذا التوازن المتوتر يمكن أن يستمر إلى أجل غير مسمى.
إنّ الاتجاه العام الى القمم الثلاث هو تطوير طرق النقل والخدمات اللوجستية التي تربط بلدان أوروبا والصين في آسيا الوسطى التي باتت اليوم مساحة يمكن من خلالها التعاون بين الدول سواء مع روسيا أو بدونها. لأنّ مجموعة دول الشرق والجنوب الشرقي مصممة على التعاون مع روسيا في آسيا الوسطى، وهي لا تدعم العقوبات ضد روسيا، و لا تتخذ موقفًا معاديًا للغرب بشكل مشروط، من دون التعبير عنه بشكل مباشر.
الممرات البرية خارج نفوذ روسيا
الصين لا تستبعد، العمل مع دول آسيا الوسطى، والتعاون مع روسيا مع الاشارة الى أنّ جمهورية الصين الشعبية ستخصص مبلغًا غير مسبوق يقارب الأربعة مليارات دولار لبلدان آسيا الوسطى لدعم اقتصادات دول المنطقة وتنفيذ مشروع الحزام والطريق، الذي مضى عليه عشر سنوات هذا العام، وهذه المساعدة مجانية. لقد أشار الرئيس الصيني شي جين بينغ، في خطابه الرئيسي في قمة آسيا الوسطى والصين بتاريخ 17 أيار/مايو الحالي، الى إستعداد الصين لمساعدة دول آسيا الوسطى على تعزيز إمكاناتها الدفاعية، ومكافحة الإرهاب بشكل مشترك، وحماية وحدة أراضيها، وتطوير مشاريع البنية التحتية. لذلك ترى روسيا أنها أحد المستفيدين من تعاون آسيا الوسطى مع الصين، لا سيما بالنظر إلى أنّ سلاسل النقل والخدمات اللوجستية مع أوروبا والولايات المتحدة مغلقة أمامها.
لقد ركّزت روسيا على استيراد المنتجات التجارية من الصين ودول آسيا الوسطى وعليه فالعديد من الاتفاقيات التي تمّ توقيعها بصيغة ثنائية ومتعددة الأطراف ستكون مفيدة لروسيا من حيث الانضمام إليها لا سيما في مشاريع النقل واللوجستيات وفي قطاع الطاقة. كما عرض الاتحاد الأوروبي مشاريع مهمة لتطوير النقل في دول آسيا الوسطى متجاوزًا بها روسيا ويبدو أنّه لا يأخذ في الحسبان فتح الآفاق أمام موسكو مرة أخرى.
وخلال المنتدى الاقتصادي الثاني "الاتحاد الأوروبي - آسيا الوسطى" بتاريخ 18-19 أيار/مايو الحالي، الذي عُقد في ألما آتا، تمّت مناقشة إمكانيات طرق النقل واللوجستيات التي تربط بين دول آسيا الوسطى وأوروبا، والتي تغيرت، نتيجة للصراع في أوكرانيا.
تطوير الشراكة مع آسيا الوسطى
من شأن مشاريع تطوير الطرق فتح فرص جديدة أمام دول آسيا الوسطى لتنويع شبكات الاتصال وسبق لممثل الاتحاد الأوروبي لدى أذربيجان كيستوتيس يانكوسكاس أن قال للصحفيين إنّ "الاتحاد الأوروبي غير مهتم بنقل البضائع عبر الدول الخاضعة للعقوبات، لذلك نحن نتحدث عن المسار الذي يمتد بين الاتحاد الأوروبي وآسيا الوسطى". إنّ أفضل طريق لتطويره بالنسبة لروسيا هو "الممر الأوسط"، أو كما يطلق عليه أيضًا طريق النقل الدولي عبر قزوين والذي يمر عبر البلدان الخالية من العقوبات، عبر بحر قزوين، وأذربيجان، جورجيا.
وفي المنتدى، أشار نائب رئيس المفوضية الأوروبية للتجارة والاقتصاد فالديس دومبروفسكيس "السياسي لاتفي"إلى أنّ الاتحاد الأوروبي هو أحد أكبر المستثمرين في آسيا الوسطى. يعتبر الاتحاد الأوروبي نفسه "شريكًا مستقرًا وموثوقًا لآسيا الوسطى". ووفقا له، فإنّ ما يقرب من نصف إجمالي الاستثمار في المنطقة - أكثر من 40 %، يأتي من دول الاتحاد الأوروبي. وقال إنه تمّ استثمار نحو 700 مليون يورو لتنمية الاستثمارات وشقّ الطرق. سيخصص الاتحاد الأوروبي 20 مليون يورو للمشاريع الرقمية التي تربط دول آسيا الوسطى هذا الصيف.
من الواضح أن الغرب يسعى لتحقيق هدف قطع طريق روسيا، وكذلك إيران، عن ممرات النقل على طول خط الشرق والغرب، واهتمامهم أمر مفهوم. أما بالنسبة للصين، فإنّ لها مصلحة عملية بسيطة، حيث تقل احتمالات العبور عبر روسيا لفترة طويلة. لذلك، تسعى الصين، وفقًا لمصالحها الخاصة، إلى تطوير ممر نقل في الاتجاه الغربي، حيث لا تزال العلاقات الاقتصادية مع أوروبا ككل قائمة، ولا توجد علامات واضحة على سياسة عقوبات كبيرة تجاه الصين حتى الآن، كما يعتقد كنيازيف. تسعى دول مثل سنغافورة، التي تسعى لتحقيق مصالحها الخاصّة، إلى التوافق مع الاستراتيجيات الإقليمية الغربية. على سبيل المثال، احتلال بعض المنافذ في اقتصاديات دول المنطقة، ومنع ظهور الشركات الروسية أو الصينية هناك.