شؤون العرب والخليج

ارتفاع ضغط الدولار.. صداع مزمن يصيب الاقتصاد العراقي

"أرشيفية"

القاهرة

لا يزال الدولار الاميركي يتلاعب بقوت العراقيين على الرغم من مرور أشهر على عشرات الوعود المتكررة من البنك المركزي العراقي والحكومة العراقية بقرب عودة سعره الى الاستقرار النهائي عند السعر الرسمي له.


وحتى الآن، لا توجد أي بوادر لعودة السعر إلى سعره الحقيقي، فسعر الدولار اليوم في السوق الموازي يلامس 1500 دينار للدولار الواحد، في حين أن السعر الرسمي هو 1310 ديناراً للدولار الواحد.
 
بداية الأزمة وسببها
 
بدأت أزمة الدولار بمجرد استلام رئيس الحكومة الحالي محمد شياع السوداني مقاليد السلطة، لأن الحكومة العراقية طبقت مباشرةً اجراءات المنصة الالكترونية لبيع الدولار عبر نافذة بيع العملة في البنك المركزي، وهذه الإجراءات المشددة في البيع، يتفق المراقبون، على أنها "شروط أو أوامر" أميركية سبقت حتى تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، وذلك لوقف تسرب الدولار من العراق الى دول لا تريد أميركا وصول الدولار لها، وأول هذه الدول، هي إيران، ضمن إجراءات لتجفيف احتياطات البنك المركزي الإيراني من الدولار الأميركي حسب خطة بدأها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ونجح فيها بتخفيض احتياطات النقد الأجنبي في إيران من 90 مليار دولار، الى 4 مليار دولار فقط، حسب ما قاله وزير الخارجية الأميركي السابق، "مايك بومبيو" في تصريح شهير لإحدى وسائل الاعلام.
 
ظاهراً، هذه الاجراءات المشددة في البيع هي لصالح المحافظة على الدولار في احتياطات البنك المركزي كذلك، وليس فقط لصالح الولايات المتحدة الاميركية التي لا تريد وصول الدولار لإيران، بتشديد الإجراءات وتقليل بيع الدولار، يعني ذلك تراكمه في الاحتياطي النقدي تدريجياً، فكلما حافظت الدول على كمية عملة صعبة في خزائنها، كان ذلك رصانة لعملة بلادها واقتصادها، ولهذا صرّح السوداني للإعلام العراقي بعد أسابيع قليلة من رئاسته لمجلس الوزراء وتطبيق إجراءات المنصة المشددة ببيع الدولار قائلاً " لماذا نبيع في اليوم الواحد 300 مليون دولار أو 250 مليون او حتى 200 مليون دولار؟" قال ذلك مُستغرباً و مؤكداً في سياق حديثه أنها كانت مبالغ تذهب الى التهريب، ثم يتساءل:" نبيع الآن في اليوم الواحد 30 مليون دولار، ما الذي نقص من مواد في السوق؟"، ومن ثم يؤكد للعراقيين في ذات اللقاء ضرورة عدم اقتناء الدولار، واقتناء الدينار العراقي لأنه الاقوى حسب وصفه .
 
أرقام صادمة
 
توقع الكثيرون بعد هذا التصريح، أن مبيعات البنك المركزي ستقل إلى 10‎%‎ أو 20‎%‎ أو حتى 30‎%‎ مما كانت عليه سابقاً، وأن سعر الدولار سيشهد انخفاضاً متلاحقاً، وذلك عطفاً على كلام رئيس الوزراء، غير ان الحقيقة، أن البنك المركزي لم تقل مبيعاته عن 200 مليون دولار يومياً، منذ أشهر، بل وتصل مبيعاته حتى الى 300 مليون دولار يومياً، والطامة الكبرى هنا أن البيع هو على سعر 1310 دينار للدولار الواحد والسوق الموازي هو بسعر 1480 الى 1500 ديناراً للدولار الواحد، أي أن هناك فجوة سعرية يخسرها الاقتصاد العراقي والدولة العراقية، وتستفيد منها المصارف الأهلية التي تشتري الدولار، تصل هذه الفجوة لقرابة 150 أو 200 دينار في الدولار الواحد لصالحها كأرباح وهذا ما يشكل تخلخلاً اقتصادياً في السوق أولاً من حيث عدم تقارب السعر الرسمي من الموازي،وما يسبب ذلك من غلاء المعيشة للمواطن العراقي، وكذلك تثير الشكوك حول هذه الفائدة الربحية التي تذهب لصالح هذه المصارف والتي يُقال عنها إنها مصارف حزبية أو أنها تتبع متنفذين.


وبمجرد حساب بسيط، فإن بيع مليار دولار أسبوعياً بما أن البيع يومياً هو 200 مليون دولار على أقل تقدير، فالفرق خلال أسبوع واحد هو 180 مليار دينار، أي أكثر من 700 مليار دينار شهرياً تخسرها الدولة وبالمقابل تربحها هذه المصارف التي زاد الحديث عن شُبهة تبعيتها لأحزاب متنفذة أو شخوص متنفذين!
 
وعود الحكومة وتحذيرات الخبراء
 
مع تعاظم الوعود بخفض سعر الدولار دون جدوى، بقيّ وعدٌ حكوميٍ آخر وهو انخفاض سعر الدولار بمجرد إقرار الموازنة ودخولها حيز التنفيذ، بيدْ أن الخبراء يؤكدون أن لا علاقة بإقرار الموازنة وخفض السعر، و في تصريحٍ خصت به جسور، قالت الخبيرة المالية د.سلام سميسم : " ليست هنالك علاقة بين إقرار الموازنة وخفض سعر الدولار، فهذه القضية تخص السياسة النقدية، وتخص ما يمكن أن يتصرف به البنك المركزي العراقي،وتضيف سميسم، إن موازنة الثلاث سنوات شديدة البذخ، تعني المزيد من الإنفاق وبالتالي المزيد من الاستيرادات وزيادة الطلب على الدولار مما سيرفع سعره أكثر وزيادة التضخم النقدي".


بعد المبيعات الهائلة للدولار الآن، والتي تماثل المبيعات السابقة قبل حكومة السوداني والتي تطيّر منها السوداني أي مبيعات الدولار في الحكومات السابقة، ووصفها بالتهريب وتخريب الاقتصاد، يتسائل الان الكثير من العراقيون الاسئلة التالية : لماذا يرتفع سعر الدولار منذ أشهر إن كانت المبيعات من الدولار ذاتها مثل السابق وربما أكثر ؟ ما الذي اختلف كي يرتفع سعر الدولار، ولصالح من هذا الارتفاع والفرق بين السعر الحقيقي والموازي ؟ ولماذا حافظت الحكومة السابقة على سعر الدولار الحقيقي ولم يكن هناك سعرٌ موازي إلا بهامش فرق مقبول و بسيط ؟


وهذا الأمر يشمل جميع الحكومات السابقة التي حافظت على السعر الحقيقي، فيما عدا حكومة عادل عبد المهدي والتي ارتفع فيها السعر الموازي في أواخر أيام سلطته، عندما كان السعر الحقيقي 1180 ووصل السعر في السوق الموازي الى 1300 دينار وذلك لأسباب عدة بينها طبع المزيد من العملة الوطنية بالتزامن مع انخفاض الاحتياطي النقدي من الدولار في وقتها، مما سبّب بتضخم كان واضحاً للعيان كما هو اليوم واضحاً للعيان ارتفاع سعر الدولار برغم ان البنك المركزي يبيعهُ يومياً بكميات كبيرة، مع الاستمرار بطبع الدينار مستقبلاً والذي سيكون المخرج الوحيد الحكومة،من أجل تسديد مصاريف الدولة من رواتب الموظفين وباقي الالتزامات، خصوصاً ان دخلت الموازنة حيز التنفيذ، وهذا ما ينذر بتضخم أكبر، نتيجة زيادة الكتلة النقدية على احتياطات البنك المركزي من الدولار، مما يعني ارتفاع سعر الدولار وغلاء أسعار السلع أكثر وهذا الامر بالذات أعقد من مزاد العملة نفسه!
 
الخلاصة، إن العراق لا يملك نظاما مصرفيا صحيحا معترفا به عالمياً كي يمارس هو الدور الرئيسي في الحوالات التجارية للشركات، والامر الآخر أن العراق يفتقد لنظام الاتمتة الذي يراقب حركة الدولار ومقارنتها مع البضائع المستوردة حتى لا يكون هناك أي تهريب للدولار. في نظام الاتمتة، ستُمنع الفواتير المزورة ويُمنع التعامل النقدي بالدولار والذي لا يخضع لرقابة، فلماذا خلال عشرون عامًا وأكثر اُهملت قضية الاتمتة ومن الذي تعمد إهمالها ؟!

إيران على أعتاب ثورة رابعة: بركان غضب لا يخمد يؤكد حسين عابديني، معاون مكتب تمثيل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في إنجلترا


نداء من برلين: تغيير النظام الإيراني من الداخل لضمان الأمن العالمي


300حقوقي دولي يطالبون بمنع النظام الإيراني من تكرار مجزرة 1988


مؤتمر في البرلمان البريطاني يُحذر من مذبحة جديدة في إيران ويدعو لمحاسبة نظام الملالي