شؤون العرب والخليج

فوضى سياسية في العراق.. محلّلون يحمّلون المسؤولية للحكومة

"أرشيفية"

موسكو

يُعتبر العراق من أكثر البلدان التي تضمّ أكبر عدد من الأحزاب حيث وصل عددها بحسب المفوضية العليا للانتخابات إلى ما يقارب 290 حزبا وهو رقم كبير يرى فيه محلّلون عبر "جسور" أنه حالة سلبية، وأن العبرة لا يمكن أن تكون بكثرة الأحزاب في البلد، وإنما بالحكم الديمقراطي الرصين، وأن كثرة الأحزاب لا تعكس أي حالة ديمقراطية، محمّلين الحكومة "مسؤولية ذلك، ومسؤولية تطبيق القانون من الأحزاب بشكل صحيح".

وأكد متابعون لـ"جسور"، أنّ عددا غير قليل من تلك الأحزاب هي عبارة عن انشقاقات في أحزاب قديمة وأخرى جديدة تأسّست على يد بضعة أشخاص ويفتقر كثير منها لبرامج واضحة، فقضية ارتفاع عدد الأحزاب منذ عام 2011 بعد أول احتجاجات حقيقية شهدها العراق في شباط/ فبراير من ذلك العام، لم تكن مبنية على أسس وجودها على الأرض، بل على رغبات سياسية مستعجلة هدفها الرئيس انتخابي للوصول إلى عضوية البرلمان العراقي أو مجالس المحافظات العراقية، منتقدين ما سموه بحالة "الفوضى والعشوائية" بمنح إجازات التأسيس لأحزاب جديدة، ومطالبين بوضع حدود وضوابط لذلك.

انقسامات وانشقاقات

في قراءة عامة للواقع السياسي العراقي، يبدو واضحا أنّ عشرات من الأحزاب والتيارات السياسية اختفت من المشهد وحلّ بدل عنها كثير، وهي في أغلبها مجرد واجهات للأحزاب الرئيسة في العراق خصوصاً الشيعية والكردية والمتمثلة بحزب الدعوة وتيار الحكمة والتيار الصدري والحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني مع ظهور أحزاب جديدة لا تزال موجودة على الأرض منذ أكثر من أربع سنوات مثل حزب تقدم الذي يتزعمه رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي.

لكن ارتفاع الأعداد أخيراً الذي كشفت عنه مفوضية الانتخابات بنحو أكثر من 290 حزباً، أغلبها غير معروف وهدفها انتخابي وفق ما أكد رئيس مركز التفكير السياسي، إحسان الشمري، لـ "جسور"، ومن ثم تفكّك بعد الانتخابات كما حصل مع التيار المدني العراقي الذي اختفت شخوصه الأساسية من الساحة السياسية العراقية، وتنحت جانباً عن العمل السياسي وأصبحت منشغلة بمواقع التواصل الاجتماعي لتعبّر عن أفكارها عن بعد، ومثال ذلك النائبين السابقين مثال الألوسي وفائق الشيخ علي.

كما أن كثيراً من الأحزاب والتيارات التي ظهرت خلال أكثر من عقد اختفت من الصورة وتراجع دورها بشكل كبير، وأصبحت بحسب الشمري مجرد أحزاب محدودة التأثير كما حصل مع المجلس الإسلامي الأعلى الذي أسسه محمد باقر الحكيم في إيران، إذ أصبح بعد انشقاق الزعيم الشيعي عمار الحكيم وعدد آخر من الشخصيات مجرد حزب محدود التأثير بعد أن كان بداية تشكيل العملية السياسية من أهم الأحزاب المؤثرة في المشهد السياسي العراقي.

وينطبق الأمر نفسه على حركة التغيير التي كانت مؤثرة في إقليم كردستان لسنوات عدة، ليتراجع دورها حالياً بشكل كبير لصالح قوى جديدة في الإقليم مثل الجيل الجديد الذي له حالياً تمثيل في البرلمان العراقي.

320 حزباً

وتوقّع الشمري "أن تصل الأحزاب المشاركة بالانتخابات العراقية إلى أكثر من 320 حزباً سياسياً وهذا يمثل طفرة كبيرة سببها استسهال العمل السياسي وعملية إنشاء الأحزاب، لكونها جزءاً من التعاطي مع برنامج جديد"، مؤكداً "وجود رغبة لبعض المجاميع بخوض التجربة على أساس المشاركة السياسية ووجود توجهات جديدة لدى بعض النخبة في أن يشكلوا أحزاب لإيجاد وزن سياسي لهم".

وأضاف الشمري أن تشكيل هذه الأحزاب لا يعد تحولاً بشكل عام للرأي العام لأن الرأي العام العراقي لا يثق بالرأي الحزبي، بل أن الوضع العام العراقي ينظر إلى هذه الأحزاب بأنها كانت سبباً في تدمير الدولة العراقية، فضلاً عن أنها بحسب الرأي العام العراقي مسؤولة عن الفساد وتدمير العراق بسبب أحكامها على السلطة بالعراق، وهذا لا يعد تحولاً بقدر ما هي رغبات شخصية لشخص أو مجموعة أشخاص.

وتابع الشمري أن 80 في المئة من هذه الأحزاب هي أحزاب ظل ومجرد عناوين لا أكثر، وسرعان ما تختفي بعد كل انتخابات وتنصهر وتظهر من جديد بعد كل انتخابات بعناوين جديدة كما أن هناك عدداً محدوداً جداً يتمثل بحركة أو حركتين تتمتع بفكر وأيدلوجية ثورية تنقلب على الأحزاب التقليدية، مبيناً أن هذه الانقلابات قد تجعلها تحصد مزيداً من الكسب إذا تبنت مشروع معارضة أو عدم التحالف مع الأحزاب التقليدية.

واعتبر وجود هذا العدد الكبير من الأحزاب هو فوضى سياسية أكثر مما يندرج ضمن العمل السياسي، وهي تدفع باتجاه مزيد من الأزمات السياسية والصراع بين شخوص الأحزاب الكبيرة والانقسامات المجتمعية، لافتاً إلى أن المشكلة لا ترتبط بأن هناك رغبة لإثبات الحرية كرد فعل على الأنظمة الشمولية والفردية أو أحادية الحزب بقدر ما الموضوع هو لغرض محاولة للحصول على مكاسب أكثر.

وبيّن رئيس مركز التفكير السياسي، أن كثيراً من الأحزاب التي تشكّلت من عام 2003 إلى الآن لم تنتج ثبات للديمقراطية بالعراق، بل شوهت الديمقراطية وهزت النظام السياسي.

صفقات ومحسوبيات

من جهته، أوضح الخبير الاقتصادي، مازن الأشيقر، أنّ مساعي تأسيس الأحزاب انبثقت حتى وصلت الى أكثر من 280 حزباً في دولة لا يتعدى نفوسها 44 مليون، ما يعادل 150,000 شخص لكل حزب. وللمقارنة بريطانية ذات النفوس حوالي 67 مليون لديها 6 أحزاب رئيسية ما يعادل حوالي 10 مليون شخص لكل حزب، موضحا أنّ ما لم يحدث قبل تشكيل كل هذه الاحزاب هو تثقيف الشعب على سبب تشكيل الاحزاب ووضع أهداف حقيقية لتشكيلها ومبادئ مشتركة تجمع أتباع الحزب الواحد.

ويقول الأشقير: "إذا تفحصّنا الأسماء التي تقف خلف هذه الأحزاب سنرى إسم او اسمين من الذين تقلدوا منصب وزير أو إحدى الرئاسات الثلاثة أو شيخ عشيرة أو رجل أعمال وبالتالي أصبح من الواضح أن معظم هذه الاحزاب تحولت إلى دكاكين للحصول على منصب حكومي او للحصول على مقاولة من الوزارات أو على منحة دراسية"، لافتا إلى أنّ الأمر وصل إلى ظهور رجال أعمال يوفّرون للأحزاب عدد الحضور إلى جلسات الأحزاب مقابل مبلغ معيّن ووجبة غداء لغرض ملئ جميع كراسي القاعات الفارغة التي يستأجروها لعقد اجتماعات الجمعية العامة لأحزابهم. وبالتالي، خاضت هذه الأحزاب الانتخابات ولم يحصل على مقاعد مجلس النواب سوى حوالي 20 حزباً معظمهم من الأحزاب الكبيرة المهيمنة على المناصب الرئيسية للدولة.

ولتعديل مسار الديمقراطية، يعتبر الأشقير أنّ الطريقة الأكثر واقعية هي ألا تحمل أسماء الأحزاب أسماء القوميات او الديانات او الطوائف وأن يكون للحزب أعضاء في جميع المحافظات الثمانية عشر ويكون أيضا للحزب برنامج سياسي واقتصادي مفصّل وليس شعارات فارغة.  وأخيراً، ومن أجل تثبيت الديمقراطية، يجب إضافة مادة الى قانون الانتخابات الذي يخوّل الناخبين عند اكتشاف فساد أو فشل نائبهم بجمع التواقيع لغرض سحب الثقة عن النائب الذي يمثل دائرتهم الانتخابية ليكون دائما تحت أنظار ناخبيه كي يكون أداء النائب في خدمة أبناء دائرته ويبتعد عن الصفقات المالية والمحسوبيات.

خارج الأطر القانونية

وكان البرلمان قد أقرّ القانون رقم 36 لسنة 2015، وهو أول قانون للأحزاب في العراق بعد الاحتلال الأميركي في عام 2003، إلا أن هذا القانون تعرض لانتقادات كبيرة بسبب عدم قدرته على الحد من ارتباط بعض الأحزاب بالخارج، فضلاً عن استمرار غموض مصادر تمويلها. كما يضاف إلى ذلك عدم رغبة قوى سياسية بتأطير عملها السياسي والحزبي بقانون، لأن السنوات السابقة للتصويت على قانون الأحزاب شهدت مساحة مكرسة للعمل الحزبي والسياسي والمشاركة في الانتخابات، من دون مراقبة ومحاسبة من أجل معرفة مصادر التمويل.

وكانت قوى سياسية عراقية، قد بذلت في العامين السابقين جهوداً من أجل التوافق على طرح تعديل جديد لقانون الأحزاب المعمول به في البلاد، وذلك من خلال كتلها السياسية داخل البرلمان، بسبب ما تعتبره "هفوات" داخل القانون تسمح لكثير من الأحزاب باستغلالها، إلا أن هذه الجهود لم تنجح بسبب عدم حصول التوافق.

انضمام عائشة الدبس لعضوية مجلس أمناء هيئة المرأة العربية


نيوزويك: الشعب الإيراني يظل الأمل الأفضل لتغيير النظام


إضراب عن الطعام في 48 سجنًا إيرانيًا احتجاجًا على الإعدامات


نظام الملالي يحاكم الطالب الإيراني النخبة أمير حسين مرادي مكبلاً بالسلاسل