شؤون العرب والخليج
أردوغان قريبًا في بغداد.. عودة مشروطة!
"أرشيفية"
تناقلت وسائل إعلام عراقية بعضها قريب من الحكومة العراقية أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيزور العراق الأسبوع المقبل في زيارة رسمية هي الأولى له للعراق منذ سنين طويلة وسيلتقي في خلالها الرئاسات العراقية الثلاث والقيادات السياسية أيضاً .
تأتي الزيارة في خضم أزمة مائية يعاني منها العراق لم تشهدها سابقاً "بلاد ما بين النهرين" حيث تحولت الأراضي الى صحراء بسبب الجفاف بعد تقليل حصة العراق من مياه دجلة والفرات وينبعان من تركيا، وكذلك تراجع نسبة تساقط الأمطار في السنوات الاخيرة بسبب التغير المناخي، مما زاد من معاناة هذا البلد و اضمحلال مساحاته الخضراء وقلة أراضيه الزراعية وبالتالي الضرر البيئي والصحي على المواطن العراقي .
ويتوقع مراقبون، أن يفاتح رئيس الحكومة محمد شيّاع السوداني نظيره التركي بموضوع إيقاف مشروع سد الجزرة أو الجزيرة، الذي يمثل خطراً على العراق، ويقع هذا السد والذي من المتوقع أن ينتج الطاقة الكهربائية، في ولاية شرناق جنوب شرق تركيا .
زيارة بعد إنهاك العراق!
من المعروف عن براغماتية الساسة "المحترفين" أو سياسة الدول الكبرى، أنها دوماً تنفذ أجنداتها بعد سنوات من العمل ولا تستعجل النتائج على الإطلاق، فمنذ سنوات والعراق يعاني من أزمة مياه بسبب تقليل تركيا إطلاقات مياه دجلة والفرات، وكانت حجة تركيا أن العراق لا يملك سياسة مائية حقيقية "يستحق على إثرها، إطلاق حصة مياه كاملة له" ، فتركيا كانت دوماً تطالب بتبطين الأنهر، أو إقامة بحيرات أو سدود تمنع وصول مياه النهرين العظيمين للخليج العربي أو التقليل منه على الأقل، حتى لا تذهب المياه العذبة سُدى في البحر المالح !
وعلى الرغم من اتفاقيات عدة للدول المتشاطئة منها اتفاقية رامسار عام 1971 للحفاظ على المناطق الرطبة وعشرات الجولات من المفاوضات واللقاءات بين الجانبين العراقي والتركي إلا أن تركيا استخدمت ملف المياه مع العراق أداة ضغط على العراق سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا .
النفط مقابل المياه!
منذ تسعينات القرن الماضي ونحن نسمع ونقرأ مصطلح (النفط مقابل المياه)، وأن ما بعد عام 2000 هو بداية حروب المياه أو صراعات المياه، وهذا ما حدث فعلًا في صراع إثيوبيا ومصر بعد بناء سد النهضة الإثيوبي، وبداية الصراع الآن بين طالبان وإيران حول نهر ينبع في أفغانستان ويصب في ايران قامت طالبان بقطعه وقطع ايران كذلك لروافد تنبع في أراضيها وتصب في العراق .
ويبدو أن تركيا تهدف عبر تقليل الاطلاقات المائية الضغط على العراق لتقديم تنازلات (نفطية) لتركيا، منها مقايضة المياه بالنفط، وتفضيل تركيا بمرور النفط العراقي من خلال أراضيها و موانئها، وكذلك ربما حتى إسقاط مبلغ الغرامة 1.4 مليار دولار والذي أقرته محكمة التحكيم التجاري الدولي على خلفية بيع نفط إقليم كردستان عبر ميناء جيهان التركي، وبالتالي حتى عودة تصدير نفط اقليم كردستان من دون معارضة من حكومة بغداد!
و يرى مراقبون، أن من ضمن الأجندات التركية الأخرى عبر الضغط بملف المياه، هو زيادة التصدير التجاري التركي للعراق، وإجبار العراق على تفضيل تركيا كمصدر ويكون أكبر شريك تجاري، فالاقتصاد التركي يعاني والليرة التركية أيضاً تعاني وتحتاج هذه الدولة رئة تتنفس من خلالها، ولا يوجد أفضل من العراق المُجبر على ذلك والذي يحتاج فعلاً للاستيراد كونه بلد قد مات فيه القطاع الخاص ( الزراعي والصناعي وحتى التجاري )!
ويتوقع مراقبون كذلك، أن على أجندة الرئيس التركي، محاربة حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، والذي يشكل تهديداً دائماً لمصالح تركيا، و يهدف أردوغان لدور عراقي في مساعدة تركيا في هذه الحرب المستمرة منذ سنوات عدة رغم القبض على عبد الله أوجلان زعيم هذا الحزب منذ سنوات طويلة!