شؤون العرب والخليج
صحف..
معركة الأمن في مخيم عين الحلوة: بين التحديات والآمال في تحريره من المتشددين
"أرشيفية"
شهد مخيم عين الحلوة في الأيام الأخيرة اشتباكات عنيفة أثارت اهتمام الرأي العام، حيث نشبت مواجهات دامية بين قوات الأمن الوطني الفلسطيني وعناصر حركة "فتح" من جهة، وبين جماعات إسلامية متشددة مثل "الشباب المسلم" و"جند الشام" من جهة أخرى. تأتي هذه الأحداث إثر اغتيال العميد أبو أشرف العرموشي، الذي كان قائدًا للأمن الوطني في المخيم، حيث تعرض لكمين مسلح جنوب حي البساتين في المخيم. امتدت هذه الاشتباكات لمدة خمسة أيام متواصلة، ونتج عنها مأساة إنسانية مؤلمة، إذ تم تسجيل وفاة 12 شخصًا وإصابة أكثر من 60 آخرين.
كما ألحقت هذه الأحداث أضرارًا جسيمة بالمنازل والممتلكات في المخيم ومنطقة "التعمير"، وتقدر الخسائر المالية الجسيمة بأكثر من 15 مليون دولار أمريكي. تفاقمت هذه الوضعية الصعبة بتشريد أكثر من 20 ألف لاجئ، حيث اضطُرّ العديد منهم إلى اللجوء إلى مساجد ومدارس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في مدينة صيدا والمناطق المجاورة.
توقيت مشبوه بالرصاص والدم..
وما يزيد الأمر سوءًا هو القدرة البالغة لهذه المجموعات المتشددة على توسيع نطاق هجماتها لتشمل أماكن خارج إطار المخيم. وهذا يعني أنها قادرة بسهولة على استهداف حواجز الجيش اللبناني المنتشرة على مشارف مخيم عين الحلوة.
وتُمكّن موقعها القريب من نقاط حيوية في المنطقة، مثل حي الطوارئ والتعمير التحتي وجامع الموصلي، منهاجًا تكتيكيًا يشكل تهديدًا محدقًا. ويظل هؤلاء المتشددون، الذين يمتلكون ترساناتهم القوية، في وضعية خطيرة... إذ يجوبون حي الطوارئ بلا قيود ويجتاحون شوارعه ويتجولون على أسطح المنازل، بل ويستغلون حتى العائلات المقيمة في هذا الحي كـ"دروع بشرية" يحتمون بها كي لا يتم التعرض لهم.
اكبر مخيمات اللجوء في لبنان
تأسس مخيم عين الحلوة على أطراف مدينة صيدا في جنوب لبنان في عام 1984 بمبادرة من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وذلك بهدف توفير مأوى لللاجئين الفلسطينيين الذين نزحوا من مناطق شمال فلسطين، تحديدًا من 36 قرية متاخمة للحدود اللبنانية. يتسع المخيم لاستضافة نحو 120 ألف لاجئ، منهم 54 ألفًا مسجلون رسميًا لدى وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
مساحة المخيم تبلغ حوالي كيلومتر مربع واحد، ويتم الوصول إليه من عدة اتجاهات. المداخل، من الشمال: مستديرة الفرن العربي وجامع الموصللي والشارع التحتي. ومن الجنوب: يمكن الوصول من خلال مدخل واحد يقع على طريق قرية ردب السيم. أما من الغرب: مدخل واحد يمر عبر مستديرة الحسبة. جميعها تضررت نتيجة الاشتباكات الأخيرة.
يعيش المخيم حالة من التحدي والضغوط بسبب الكثافة السكانية الكبيرة، حيث يتجاوز عدد سكانه الـ120 ألف نسمة. تعاني شوارعه من الازدحام الشديد، والمنازل فيه متجاورة، قديمة ومتهاوية، ما يزيد من معاناة السكان ويجعلهم عرضة للخطر. ويخضع المخيم لمراقبة مُحكمة من الجيش والأجهزة اللبنانية الأخرى التي ترصد حركة الداخلين والخارجين منه .
المطلوبون بالأسماء
تقود كل المعطيات الأمنية الى ان ما يحصل في مخيم عين الحلوة عمل أمني مدبّر لضرب الاستقرار في لبنان ومخيمات الشتات ضمن صراع دولي لفرض نفوذ لمحاور اقليمية والقضاء على الاعتدال الفلسطيني في لبنان ، وتؤكد المعلومات ان المجموعات الاسلامية المتشددة من فلول تنظيمات تكفيرية ارهابية ، " داعش والنصرة وفتح الإسلام ، وكتائب عبد الله عزام" ، تعمل على مشروع يهدف إلى تغيير وجه السلطة الشرعية داخل المخيم وتحويله إلى بؤرة للإرهاب والتنظيمات المتشددة التي تتحرك تحت غطاء إقليمي لتفجير الوضع الأمني في الداخل اللبناني و لفرض تسوية سياسية معينة وتنفيذ اجندة خارجية على صفيح ساخن و تلحق بالضرر بالقضية الفلسطينية وحق العودة .
مصادر فلسطينية مستقلة موثوقة لّمحت الى ان المجموعات الإرهابية في حي الطوارئ داخل المخيم تملك أسلحة ثقيلة وعبوات ناسفة، ولا يعرف كيف يتم تهريب السلاح لها من خارج المخيم ، ولا يعرف كم عدد الاشخاص المنتسبين لهذه المجموعات المتشددة المطلوبين للقوى الامنية اللبنانية والفلسطينية وللقضاء اللبناني وابرزهم: عمر الناطور، اسامة الشهابي، هيثم الشعبي ، بلال بدر، محمود عزب الملقب حسن فولز، عبد الله شهاب/ خضر قدور وغيرهم، وقد عززت المجموعات المتشددة نقاط تمركزهم مع اعادة انتشار لهم وبقاء القناصين على اسطح المنازل داخل حي الطوارئ في مخيم عين الحلوة .
بالمقابل دعت عدد من السفارات العربية والاجنبية في بيروت رعاياها إلى مغادرة الأراضي اللبنانية بسرعة، محذرة إياهم من عدم الاقتراب من مناطق النزاعات المسلحة و تجنب مناطق الاهتزازات الأمنية. وانعكست الدعوات إرباكا بين السواح العرب والاجانب والمغتربين اللبنانيين بعد التوترات والاشتباكات المسلحة في مخيم عين الحلوة.
سيناريوهات الأحداث الأمنية
كشف أمين سر حركة " فتح " وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان اللواء فتحي أبو العردات لـ "جسور"، أن البيان الذي صدر عن سلسلة اجتماعات عقدت لهيئة العمل الفلسطيني المشترك والهئية تضم كل الفصائل الفلسطينية والقوى الوطنية والاسلامية. وقامت الأطراف المعنية أولاً بإدانة واستنكار الجريمة الشنيعة التي استهدفت قائد الأمن الوطني في مخيم عين الحلوة، العميد أبو أشرف العرموشي، ورفقائه، وكل الضحايا الذين سقطوا في هذه الجريمة البشعة. وقد تضمن البيان دعوة صريحة لوقف فوري وشامل لإطلاق النار.
وتم تشكيل لجنة تحقيق مشتركة تضم ممثلين عن جميع الفصائل الفلسطينية والقوى الوطنية والإسلامية. وقد ترأس هذه اللجنة اللواء معين كعوش من حركة "فتح" ومنظمة التحرير الفلسطينية، واللواء محمود العاجوري قائد القوات الأمنية المشتركة، وأبو حسن كردية ممثل تحالف القوى الفلسطينية، ونصر المقدح ممثل القوى الإسلامية، بالإضافة إلى مقرر اللجنة أبو توفيق مطاوع.
واضاف فتحي أبو العردات أنه قد باشرت اللجنة عملها قبل يومين و "وضعنا كافة المعلومات بتصرف اللجنة التي اصبحت واضحة لدينا كذلك الامر دعت هيئة العمل الفلسطيني المتشرك الى تسليم هؤلاء بعد التحقيق معهم وثم تسليم المجرمين الى الدولة اللبنانية استنادا القرار المتخذ سابقا منذ سنوات بان كل مرتكب جريمة يسلم للدولة اللبنانية وللقضاء اللبناني ، هناك سؤال بعد انتهاء التحقيق والوصول الى نتيجة حول هوية المرتكبين واسمائهم التي أصبحت شبة معروفة كيف يتم جلبهم ؟ وهل سوف يسلمون انفسهم ؟ سؤال مشروع سألة الجميع في الاجتماع .. نحن لدينا في الحقيقة هيئة العمل الفلسطيني المشترك قيادة وإطار فلسطيني موسع ومرجعية في المخيمات . لدينا قوى أمنية مشتركة شكلت كأداة أمنية وعسكرية لتطبيق قرار القيادة السياسية ، طبعا في الفترة الاخيرة هناك تخفيف لبعض الفصائل لحجم القوى وفصيل واحد انسحب منها ، لكن جميع الفصائل مجتمعة قلنا اما ان ننفذ هذا القرار من خلال القوى الامنية المشتركة ويتم دعمها من قبل قوى الامن الوطني لجلب هؤلاء المجرمين واما يوجد طرح اخر ان نتفق بعد انتهاء لجنة التحقيق من عملها ان يكون مزيج من القوى الامنية اما بين الفصائل الفلسطينية حيث جميع الفصائل الفلسطينية تشارك بعمليات الاستدعاء والجلب من دون استثناء وهو تنفيذ لقرار فلسطيني موحد ".
فيما يتعلق بسؤال حول ما إذا كان سيتم الجلب عسكريًا، أجاب أمين سر حركة "فتح" وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، اللواء فتحي أبو العردات، بأن الجلب سيتم بالبداية عن طريق استدعائهم. وإذا تعذر ذلك وامتنعوا عن الامتثال، فسيتم اللجوء إلى جميع الوسائل المتاحة التي تحفظ أمن شعبهم. ومع ذلك، سيتم الأخذ في الاعتبار حفظ أمن الشعب أثناء تنفيذ أي إجراءات.
وأكد أبو العردات أنه على هؤلاء المعنيين أن يمثلوا أمام القضاء اللبناني لضمان تحقيق العدالة واستعادة الأمن والاستقرار في المخيم. يهدف ذلك إلى إعادة الثقة والسلامة للمخيم وضمان عودة آمنة للسكان.
أما بالنسبة لامتلاك هذه المجموعات المتشددة في مخيم عين الحلوة لأسلحة نوعية استخدموها في الاشتباكات ضد حركة "فتح"، فقد أعرب أبو العردات عن أن هذا الموضوع معروف لدى الجهات كلها بصراحة. وهو يؤكد أن هذه المجموعات تمتلك تجهيزات عسكرية ومصادر تمويل، وتملك طرقها الخاصة للحصول على هذه الأسلحة. وإن هذه المسألة تعد مسؤولية كبيرة تشترك فيها الجهات الفلسطينية واللبنانية والإقليمية، إذ أن هؤلاء العناصر لا يشكلون تهديدًا فقط على الشعب الفلسطيني، بل يشكلون تهديدًا على لبنان بأسره.
ومع ذلك، يجب التنبيه إلى خطورة هذه الجماعات الإرهابية، سواء داخل لبنان أو خارجه. وتابع قائلا "لقد تمكنا بالفعل من تحقيق تقدم من خلال تعزيز الأمن وإلغاء بعض الجزر الأمنية في مخيم عين الحلوة. ومع ذلك، يبقى الخطر حاضرًا من اغتيال واستهداف العميد أبو أشرف العرموشي، الذي كان يشكل حلاقة أمان للمخيم. يجب ألا نستسلم لهؤلاء المؤامرين ونبذل كل جهد مشترك لكشف ومواجهة أي مخططات مستقبلية. نحن متابعون هذا الموضوع عن كثب وبوحدة تامة، ونسعى جاهدين لتحقيق هدفنا في حماية أمان شعبنا وضمان الاستقرار في مخيم عين الحلوة والمناطق المحيطة به، وفي صيدا ولبنان بأكمله. سنواصل التعاون مع السلطات اللبنانية على جميع الأصعدة، سواء الرسمية أو السياسية أو الحزبية والشعبية والأمنية.