شؤون العرب والخليج

قضايا لبنان والعراق وفلسطين بريادة سعوديّة

"أرشيفية"

بيروت

لن يسلم لبنان أو العراق من التداعيات الاقليميّة على وقع ارتفاع منسوب التطبيع بين المملكة السعوديّة وإسرائيل. وذلك لأنّ المملكة تتمسّك بالقضيّة العربيّة الأم، أي  القضيّة الفلسطينيّة، ولأنّها ترفض أيّ تدخلات في أمن الدّول وتدعو إلى أن تمارَسَ الاستقلاليّة والسيادة في الحكم في إطار جوّ من الحرّيّة التي بدأت بتطبيقها داخل الدّولة السعوديّة التي باتت تنعم برؤية شابّة تتماشى مع التطوّرات المجتمعيّة التي تعصف العالم. لكن هل يعني فشل المحاولات الدّوليّة في إنضاج تسوية لحلّ القضايا اللبنانيّة والعراقيّة والفلسطينيّة سيؤدّي إلى تقدّم المبادرات الاقليميّة بريادة المملكة العربيّة السعوديّة؟


لبنان محطّ اهتمام عربيّ وإقليميّ في  كنف الخماسيّة


برغم كلّ  ما يحدث في لبنان من اضطرابات متنقّلة إلا انّ÷ يبقى محطّ اهتمام عربيّ لأنّه يشكّل واجهة جيواستراتيجيّة لهذا العالم على المتوسّط من جهة، ولأنّ الوجود الإيراني فيه، المتمثّل بسيطرة منظّمة حزب الله وعملائها على السلطة منذ العام 2008 يشكّل مصدر قلقل إلى العالم العربي أجمع؛ وذلك لأنّه قد يتحوّل إلى بوّابة لولوج العمق  العربي الحيوي ولا سيّما أنّ الايراني عرف كيفيّة استغلال القضيّة العربيّة المركزيّة، أي قضيّة فلسطين، ليحكم وجوده الاستراتيجي  في شرق  المتوسّط. وفي هذا السياق استمزجت جسور  عربيّة رأي  الباحث  والكاتب  السياسي  السعودي  الدّكتور  سامي  المرشد الذي يرى بأنّ "المملكة العربيّة السعوديّة ما زالت تولي لبنان وشعبه أهميّة؛ وهي تحضنه ولن تغيّر بهذه الاستراتيجية ولن تكلّ أو تملّ؛ لكنّ المسألة تختلف بحسب  المراحل داخل لبنان وفي الإقليم والتحوّلات السياسيّة الجيواستراتيجيّة الدّوليّة." وهذا برأيه  ما يمكن أن توصف به سياسة المملكة تجاه لبنان في مرحلة ما. 

ويؤكّد المرشد في  حديثه لجسور  أنّ "المملكة تقف  مع السياديين في لبنان بالتحديد، ومع استعادة سيادة الدّولة اللبنانيّة، وتسليم السلاح غير الشرعي لسلطة الدّولة. فهذا موقف حازم لا يتزعزع." وفي هذا السياق يستذكر الدّكتور سامي المرشد كيف وقفت المملكة بوجه دول العالم كلّه كي  لا يفرَض رئيس على لبنان موالٍ لحزب إيران. فهي  تريد أن يكون القرار اللبناني لبنانيًّا بحتًا. وذلك " ليستعيد اللبنانيون قدرتهم على ممارسة حياتهم السياسيّة وفق دستورهم، دستور الطائف على أسس سليمة من دون أي تدخّل سلبي من أيّ دولة أجنبيّة. فهي  تعمل بهذا الاتّجاه."

 أمّا بالنسبة إلى قضيّة الطلب من رعاياها بمغادرة لبنان فيثبّت المرشد في تصريحه أنّ هذه "مسألة قديمة لم تستجدّ على أثر أيّ حدث أمنيّ في لبنان. لكنّ بعض السعوديّين يأتون إلى لبنان عن طرف دول ثالثة." ويحذّر المرشد من "خطر قد يحدث بسبب مأزوميّة الحزب المسلّح ومَن معه؛ فهم محشورون في الزاوية بعد أن كشفت السياسة اللبنانية وشجاعة السياديين والاعلام العربي وإعلام المملكة العربيّة السعوديّة بالتحديد بأنّ كلّ حجج هذا الحزب بالمقاومة هي حجج واهية، وأنّ هدفه الرئيس هو السيطرة على لبنان واستخدامه كساحة لتنفيذ مشاريع إيران في المنطقة. وما حدث في مخيّم عين الحلوة أو الكحّالة أو في أماكن أخرى يثبّت صوابيّة رأي  المملكة." وأمل المرشد ألا تتطوّر هذه الأحداث. وأن يستطيع اللبنانيون بدعم من المملكة ومن اللجنة الخماسيّة التي فرضت حتّى على دولة كبرى كفرنسا بألا يكون لها مبادرة من خارج الخماسيّة، وتعمل من ضمنها  إلى جانب الولايات المتّحدة ومصر وقطر إضافة إلى المملكة. وكانت قراراتها واضحة لصالح أمن لبنان وإنقاذ شعبه من هذه النكسة السياسية والاقتصادية التي طالته.


الحديث عن التطبيع لا يعني  التخلّي عن فلسطين أبدًا


يكثر الحديث عن ارتفاع منسوب التطبيع السعودي الاسرائيلي. فيما يبقى التخوّف الأكبر من التنازل عن القضية الفلسطينية. لكنّ عدم التنازل  عن القضيّة الأمّ هو شرط سعوديّ جوهريّ لأيّ عمليّة تطبيع ممكنة، كما أنّ شرط السعودية هو استعادة مسار أوسلو وإعلان دولة فلسطين اليوم قبل الغد. ويفيد الدّكتور سامي  المرشد  في  حديثه لـ"جسور"  حول  هذا الموضوع بأنّ " السعوديّة كدولة ليس لديها عداوة مع الشعب اليهودي. وإقامة علاقات طبيعيّة مع دولة إسرائيل هو احتمال قائم في أيّ لحظة لكن بشرط أن تقبل دولة الاحتلال الإسرائيلي وتوافق على المبادرة العربية: الأرض مقابل السلام التي تمّ اعتمادها في بيروت في  العام 2002.  وتنفيذ القرارات الدوليّة التي تلزم إسرائيل بالانسحاب من الأراضي  الفلسطينيّة المحتلّة وإقامة الدّولة الفلسطينيّة على حدود العام 1967 وعاصمتها القدس  الشرقيّة."ويؤكّد المرشد أنّ هذا موقف مبدئي بالنسبة إلى المملكة. ولا يمكن أن تتنازل  عنه. فهي  مستمرّة بدعم هذه القضيّة ولن تخضع لأيّ ضغوط. 

أمّا بالنسبة إلى الدّور الاميركي كوسيط دولي  وكدولة عظمى تقود العالم اليوم يؤكّد المرشد على ضرورة أن تقوم أميركا بالضغط على إسرائيل لتقبل بإنصاف الشعب الفلسطيني لإنهاء هذه القضيّة التي استغلّها العالم ودول كثيرة لزعزعة أمن واستقرار العالم، لما في ذلك من مصلحة بالنسبة إلى الأمن القومي  العالمي  الذي يعتبر أمن منطقة الشرق  الأوسط، وبالتحديد فلسطين مدخلاً لزعزعته."  

وهذا ما يراه المرشد " شمّاعة لإيران وتركيا وغيرهما في فترات مختلفة؛ كذلك للمنظمات الارهابيّة التي تدّعي  الجهاد. فبالنسبة إليه  "حلّ هذه القضيّة بإنصاف  الفلسطينيين وإرجاع الحقوق لأصحابها، وهذا مطلب عربيّ وسعوديّ شرعيّ. ولا يمكن لأحد أن ينكر ذلك. فالمملكة ثابتة في مواقفها وتأمل أن تستطيع الولايات المتّحدة وربيبتها إسرائيل أن يعودا إلى الواقع وقبولهما بإقامة دولة فلسطينيّة."  ويجزم المرشد " في هذه الحالة فقط يكون هنالك علاقات طبيعيّة مع إسرائيل ولا شيء سيمنع من ذلك بعد تحقّق هذا الشرط."

أمّا في الموضوع العراقي، فلا يخفى على أحد أّن ميليشيات ايران باتت تحكِمُ سيطرتها أكثر فأكثر حتى لم يعد هنالك مَن يعارضها. فهنا نسأل الدّكتور سامي  المرشد، الخبير السعودي  في  العلاقات والسياسات الدّوليّة عن السبيل للتحرير من سلطة إيران في ظل تدهور اقتصادي لا يبشر بالخير فيجيب بأنّ "المملكة بدأت منذ فترة بدعم العراق بالوسائل كافّة. فهي فتحت المنافذ التي كانت مغلقة، وقدمت استثمارات؛ كذلك تمّ تحقيق عمليّة الربط الكهربائي عن طريق المملكة، كما شجّعت القطاع الخاص السعودي للقيام بشراكات مع قطاع رجال الأعمال العراقي. فهذه من أهمّ الأولويات التي تعمل عليها السعوديّة كدولة رائدة في  جوارها." 

ويرى المرشد أنّه "في الجانب الآخر حصل تأخير من عملاء إيران وميليشياتها المسيطرة على بعض أجزاء الاقتصاد والسياسة العراقيين. فالجمهورية الإسلامية في إيران سعت دائمًا عبر عملائها في العراق إلى عرقلة محاولات المملكة الحثيثة لدعم العراق؛ ولكن بالرغم من ذلك لا زالت المملكة مصرّة على دعم العراق عبر لجنة تنسيق وزارية مشتركة بين البلدين تجتمع بانتظام للتباحث في كيفية العمل على دعم الدولة والمؤسسات في العراق."  وهذا ما يعتبره المرشد "من أهم ركائز السياسة الاقليميّة في المنطقة للملكة. " 


ويختم الدكتور سامي  المرشد حديثه في سياق القضايا الثلاث التي باتت مركزيّة في  العالم العربي في ظلّ التحوّلات الجيوسياسيّة وفي تبدّلات الميزان الجيوستراتيجي  في  المنطقة مؤكّدًا أنّ " التواجد السياسي والاقتصادي وحتى الرياضي للملكة في العراق الشقيق قد تمّ ترجمته فعليًّا. والمملكة عازمة على عدم ترك الساحة للجانب الايراني الذي فشل فشلاً ذريعًا في عملية إدارة العراق وأيّ دولة من دول المنطقة التي  تواجد  فيها تواجدًا غير شرعيٍّ عبر ميليشيات خارجة على سلطة الدّساتير الموجودة في  هذه الدّول إن كان في لبنان أو العراق  أو حتّى تدخّله في المباشر  في القضيّة المركزيّة الأم قضيّة دولة فلسطين."

آلاف المعارضين الإيرانيين يطالبون من باريس بموقف دولي حازم حيال طهران


آلاف المعارضين الإيرانيين يطالبون من باريس بموقف دولي ضد طهران


رسالة مظاهرات باريس؛ انتصار البديل الديمقراطي


التظاهرة الكبرى للإيرانيين في باريس: رسالة واضحة لدعم خظة السيدة مريم رجوي لمستقبل إيران