شؤون العرب والخليج
صحيفة: كييف والفاتورة الدولية لموسكو
"أرشيفية"
يدافع ممثلو البلدين عن قضيتهم أمام محكمة العدل الدولية، فإذا ما خسرت روسيا القضية أمام أوكرانيا في محكمة العدل الدولية، فسوف تطالب كييف موسكو بتعويض الخسائر المادية الأوكرانية خلال العملية الخاصة. وصرح بذلك الممثل الأوكراني في هذه الهيئة القضائية أنطون كورينيفيتش ولم يذكر مبلغ التعويضات، لكن يتبين من كلامه أنّنا نتحدث عن ما لا يقل عن 411 مليار دولار - أي ما يقرب من نصف الميزانية السنوية للاتحاد الروسي. ومع ذلك، إذا خسرت روسيا القضية، فمن المرجح أنها ستترك ببساطة اختصاص محكمة العدل الدولية.
القضية، التي تنظر فيها حاليًا هذه المحكمة الموجودة في لاهاي، والتي تنظر في ادعاءات الدول ضد بعضها البعض، بدأتها أوكرانيا وتقدمت بطلبها هناك في 26 شباط /فبراير من العام 2022، بعد يومين من بدء العملية الروسية.
وتنص الدعوى الأوكرانية على أنّ كييف تطالب بتفعيل اتفاقية عام 1948 بشأن منع جريمة الإبادة الجماعية، والمعاقبة عليها ضد الاتحاد الروسي. وعلى وجه الخصوص، تسعى أوكرانيا إلى الاعتراف بالعملية الروسية باعتبارها غير قانونية ولا أساس لها من الصحة.
ويحظى موقف كييف في المحكمة بدعم اثنتين وثلاثين دولة ومن بين هذه الدول ستة وعشرون عضوًا في الاتحاد الأوروبي. ومن الاتحاد الأوروبي، رفضت المجر وحدها دعم المطالبة الأوكرانية. والدول الست الأخرى التي دعمت أوكرانيا في المحكمة هي بريطانيا العظمى وكندا ونيوزيلندا وأستراليا وليختنشتاين والنرويج. وبدأ النظر في القضية من حيث موضوعها بتاريخ 18\9\2023. ولم ترفض روسيا المشاركة في العملية وأعلنت موقفها أولاً. وفعلت أوكرانيا الشيء نفسه بتاريخ 19ايلول /سبتمبر 2023 .
إذا تمكنت أوكرانيا من الفوز بالقضية أمام محكمة العدل الدولية، فلن تكتفي بالنصر المعنوي فحسب، بل ستطالب بدفع تعويضات مادية من الاتحاد الروسي. وبحسب محامي القضية من السابق لأوانه الحديث عن مبالغ محددة بالرغم من التلويح بأن "حسابات البنك الدولي ستكون مطلوبة بمبلغ 411 مليار دولار لإصلاح الضرر الذي ألحقته روسيا بأوكرانيا". ربما هذا هو المبلغ الذي تنوي كييف التركيز عليه.
ومن أجل الإصرار على دفع هذه الأموال، يجب على أوكرانيا أن تفوز بالعملية أولاً. لكن الممثل الروسي غينادي كوزمين أوضح موقف روسيا القائم على أنّ الذريعة التي تستخدمها أوكرانيا لإرسال القضايا إلى المحكمة التي تقوم على أساس أنّ الروس يستخدمون الإبادة الجماعية.
وترى روسيا على وجه الخصوص أنّ النظام الحالي المعادي للروس، والنازيين الجدد الذين قد وصلوا إلى السلطة في كييف، والإطاحة العنيفة بالرئيس المنتخب دستوريًا لأوكرانيا في عام 2014". بالرغم من أنّ الرئيس الروسي كان أول من اقترح نشر وحدات حفظ السلام في دونباس، وتجاهلت أوكرانيا هذه المبادرة.
ومن هنا نرى أنّ الحجج الأوكرانية المقدمة هي في الأساس مرآة معاكسة للحجج الروسية. حيث يحاول كلا البلدين إثبات أنّ تهم الإبادة الجماعية الموجهة إليه لا أساس لها من الصحة.
وبطبيعة الحال، لن تقتصر العملية على الخطابات التي يلقيها الجانبان. وسيكون لممثلي كندا وجمهورية التشيك والنمسا وكرواتيا والعديد من الدول الأخرى التي تدعم الدعوى الأوكرانية كلمتهم في المحكمة ومن المتوقع أن يصدر قرار محكمة العدل الدولية في 27 ايلول /سبتمبر 2023 .
فإذا تمكنت أوكرانيا من الفوز بالقضية، فليس حقيقة أن النتائج القانونية ستكون هي تلك التي يعولون عليها في كييف، ستكون الحادثة الأولى في التاريخ الحديث التي تعاقب فيها دولة على جرائمها بغضّ النظر عن مواقف روسيا التي تشير الى أنّ القرار سياسي بامتياز .
وتهدد روسيا بأنّه اذا اتبعت محكمة العدل الدولية مع ذلك خطى كييف والغرب الجماعي، فإنّها سوف تفقد إلى الأبد ثقة روسيا والدول الأخرى بهيئة العدالة التي كانت ذات سلطة ذات يوم ويتعين على روسيا أن تفكر في سيناريو ترك اختصاص محكمة العدل الدولية، وهو في حدّ ذاته ليس مهمة قانونية سهلة. لأنّ هذه إحدى الهيئات الرئيسية للأمم المتحدة، والنظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية جزء لا يتجزأ من ميثاق الأمم المتحدة".