شؤون العرب والخليج
السعودية تستعد لتشغيل أول قطار هيدروجيني في الشرق الأوسط
نحو تبني تقنيات النقل المستدامة
أعلنت الخطوط الحديدية السعودية (سار) الأحد إطلاق تجارب القطار الهيدروجيني في البلاد لتسبق بذلك كافة الدول العربية في استخدام الوقود النظيف في وسائل النقل ضمن جهود مسح البصمة الكربونية.
وتزامن الإعلان مع تأكيد وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان أن "التشغيل التجريبي لأول قطار يعمل بالهيدروجين في منطقة الشرق الأوسط سيبدأ الأسبوع المقبل".
وقال الوزير في كلمته أثناء أسبوع المناخ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المنعقد في الرياض “نأمل أن يكون لدينا في الأشهر القليلة المقبلة أول قطار يعمل بالهيدروجين في الشرق الأوسط".
ووقعت "سار" اتفاقية مع شركة ألستوم الفرنسية بهدف إجراء التجارب التشغيلية والدراسات اللازمة للعمل على تجهيز هذا النوع من القطارات ليتلاءم مع بيئة السعودية وأجوائها تمهيدا لدخولها الخدمة مستقبلاً.
وأكدت الشركة الحكومية في بيان أوردته وكالة الأنباء السعودية أن إطلاق التجارب سيكون في أكتوبر الحالي، لكن لم تحدد الموعد بالضبط.
وأشارت إلى أن “تشغيل القطارات الهيدروجينية يعد الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما يبرز التزام المملكة ومبادرتها نحو تبني تقنيات النقل المستدامة".
ونقلت وكالة الأنباء السعودية عن وزير النقل والخدمات اللوجستية صالح الجاسر قوله إن “الخطوة تأتي ضمن مستهدفات الإستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية، وخطط التحول إلى منظومة نقل أكثر استدامة تعتمد أحدث التقنيات الذكية”.
وأكد الجاسر الذي يرأس مجلس إدارة “سار” أن الشركة ملتزمة بدورها في تحقيق مبادرة السعودية الخضراء المنبثقة من رؤية 2030، والتي تتضمن زيادة اعتماد الطاقة النظيفة، وخفض الانبعاثات الكربونية وحماية البيئة.
وبدأت التجارب المعتمدة لهذا النوع من القطارات في العام 2018 بألمانيا، واستمرت حتى عام 2020، ليبدأ التشغيل التجاري بشكل محدود لنقل الركاب في العام الماضي.
واعتبر الرئيس التنفيذي لشركة “سار” بشار المالك أن القطار الهيدروجيني من أهم الابتكارات الحديثة في مجال النقل المستدام وذلك عبر توليد الطاقة اللازمة لتشغيل وحركة القطارات دون أي انبعاثات كربونية.
وقال إن “القطار الهيدروجيني يتمتع بمجموعة من الفوائد التي تجعله خيارا جذّابا للطاقة المستدامة، بالإضافة إلى ما يتميز به من خصائص لها أثر إيجابي على البيئة والاقتصاد ومستقبل الأجيال القادمة”.
ومن المتوقع أن يعزز تطوير شبكة سكك الحديد وتنظيفها البنية التحتية في البلد الخليجي ويؤدي إلى دعم مناخ الأعمال وتسهيل تدفق الاستثمارات الأجنبية وإنعاش الكثير من القطاعات الصناعية والتجارية وصولا إلى السياحة وصناعة الترفيه.
وتهدف الخطط التوسعية خلال السنوات المقبلة إلى زيادة أطوال سكك الحديد بما يتجاوز 8 آلاف كيلومتر إضافية لتحقيق الربط المحلي والإقليمي.
وسيضاعف تطوير الشبكة قدرات النقل عبر القطارات للركاب والشحن وتبني التكنولوجيا الحديثة والحلول التقنية المتقدمة التي ستسهم في خفض الأثر البيئي للنقل عبر القطارات.
ويتوقع المسؤولون أن يزيد مد خطوط الشبكة من تنافسية المنتجات المحلية ورفع كفاءة سلاسل الإمدادات على نحو ينسجم مع خطط “رؤية 2030”.
ولدى أكبر اقتصاد عربي ثلاث شبكات من السكك الحديد قائمة حاليا تمتد على أطوال تتجاوز 5500 كيلومترا، وهي تشمل قطار الشرق وقطار الشمال وقطار الحرمين السريع.
وتظهر البيانات الحكومية أنها استطاعت نقل أكثر من 33 مليون مسافر، وأكثر من 70 مليون طن من المعادن والبضائع خلال الأعوام العشر الماضية.
ويعني ذلك أن البنية التحتية للقطارات تمكنت من إزاحة أكثر من 6 ملايين رحلة بالشاحنات، مما انعكس على خفض عدد الحوادث على الطرقات وتقليل عدد الوفيات بما يفوق الخمسين في المئة خلال السنوات الخمس الماضية.
وكانت السعودية قد أعلنت في 2018 أنها دخلت في مشروع ضخم لبناء شبكة السكك الحديد مع جارتها الإمارات والتي ستربط المدن والموانئ والمراكز الصناعية في إطار رؤية إستراتيجية تواكب التطورات المتسارعة وتبني الاقتصاد على أسس مستدامة.
وتتنافس السعودية والإمارات، أول وثالث أكبر منتجي النفط والغاز في منظمة أوبك، على أن تصبحا مصدرين للهيدروجين النظيف، حيث تخطط الدولتان الخليجيتان لزيادة الطاقة الإنتاجية للنفط التي تريدان أن تتشابك مع علامة تجارية للطاقة النظيفة.
ويقول مختصون في القطاع إنه نظرا إلى أن الحكومات والصناعات تبحث عن بدائل أقل تلويثا، فإن السعودية أكبر مصدر للنفط الخام في العالم لا تريد التخلي عن أعمال الهيدروجين المزدهرة لصالح الصين أو أوروبا أو أستراليا وفقدان مصدر دخل ضخم محتمل.
ولذلك تحث الرياض الخطى لبناء مصنع ضخم بقيمة خمسة مليارات دولار، وهو مدعوم بالكامل بالشمس والرياح، وسيكون من بين أكبر منتجي الهيدروجين الأخضر في العالم عندما يُفتتح في مدينة نيوم المخطَّط لها في عام 2025.
وسيكون المشروع نقطة محورية في رحلة نيوم لتصبح الوجهة الأهم دوليا في تقديم الحلول البديلة بطريقة تجذب المستثمرين وأفضل العقول من كل العالم لتسريع التطور البشري.
ويجري إنتاج الهيدروجين النظيف باستخدام الطاقة البديلة بدلا من الوقود الأحفوري، وتبلغ الكلفة الحالية لإنتاج كيلوغرام واحد منه أقل بقليل من 5 دولارات، وفقا للوكالة الدولية للطاقة المتجددة.