أخبار

حزب العمال يريد العودة إلى السلطة في بريطانيا على حساب إخفاقات المحافظين

الطريق لا يزال معقدا لكن المؤشرات مشجعة

لندن

يسعى حزب العمال البريطاني للعودة إلى السلطة على حساب إخفاقات غريمه حزب المحافظين الذي يواجه أزمة غلاء معيشة قياسية تراجعت معها بقوة المقدرة الشرائية للبريطانيين إلى جانب الاضطرابات في الخدمات الصحية، وهي ملفات يمكن استثمارها في توجيه الناخبين البريطانيين. وأكّد زعيم حزب العمال البريطاني كير ستارمر الأحد وجوب أن يواصل حزبه، الذي يعد أبرز فصيل معارض في البلاد، التحلي بالواقعية في سعيه للعودة إلى السلطة بعد عقد ونيف خارج الحكم.

وجاء تحذير ستارمر بعد افتتاح نائبته آنجيلا راينر آخر مؤتمر سنوي للحزب قبل الانتخابات العامة المقبلة، مطلقة مجموعة تعهّدات بتعزيز حقوق العمال. وقالت إن حزب العمّال في حال فوزه بالانتخابات سيعرض خلال الأيام المئة الأولى على البرلمان نصا تشريعيا من شأنه تحسين أوضاع العمال، بما في ذلك إلغاء قواعد تتيح لأصحاب العمل الطرد بهدف إعادة التوظيف، وهي ممارسة عادة ما تفضي إلى إعادة موظفين إلى الخدمة بشروط أسوأ.

وقالت راينر في المؤتمر إن "حركتنا لم تكن يوما أكثر اتّحادا وأكثر تركيزا على هدف واحد هو أن نعيد لبريطانيا مستقبلها". ويعقد الحزب مؤتمره الذي يستمر أربعة أيام في شمال غرب إنجلترا، مدفوعا بفوز كبير حققه في الانتخابات المحلية وتفوّقه على حزب المحافظين الحاكم في استطلاعات الرأي. لكن ستارمر شدّد على وجوب عدم اعتبار أي شيء من المسلّمات. وقال في تصريحات نشرتها "ذا أوبسرفر ويكلي"، "لن نصاب بالدوار، لن يكون الأمر بمثابة مهمة منجزة".

وانطوت تصريحاته على إشارة واضحة إلى الاحتفالات السابقة لأوانها التي أطلقها زعيم الحزب السابق نيل كينوك قبل خسارته أمام رئيس الوزراء المحافظ جون ميجور في الانتخابات العامة للعام 1992. وأضاف "لذا لن ترونا نثير الجلبة. لن تروا الأخطاء التي ارتكبتها في السابق أحزاب المعارضة". وينظّم المؤتمر في توقيت تواجه فيه حكومة المحافظين برئاسة ريشي سوناك سلسلة من الأزمات أبرزها ارتفاع التضخم وكلفة المعيشة والإضرابات في قطاعات اقتصادية مختلفة منها الخدمة الصحية الوطنية.

حزب التغيير

أعلن ستارمر خطة بكلفة 1.5 مليار جنيه إسترليني (1.8 مليار دولار) للحد من قوائم الانتظار الطويلة التي يواجهها المتقدمون للحصول على تقديمات الخدمة الصحية، والتي تزايدت بشكل ملحوظ في ظل الإضرابات والتأخير بسبب الجائحة. وسيسعى ستارمر (61 عاما) للمحافظة على الصدارة، بل وتعزيزها، بعد المؤتمر المنعقد في ليفربول علما بأن مؤتمر المحافظين الأسبوع الماضي شهد خلافات داخلية وإلغاء جزء من مشروع سكك حديد للقطارات السريعة.

وقال الجمعة “نحن حزب التغيير في بريطانيا. نحن حزب التغيير في مختلف أنحاء البلاد”، وذلك بعد إشارة سوناك إلى أن حزبه المحافظ هو الوحيد القادر على إحداث التغيير، رغم أنهم في السلطة منذ 13 عاما. وتولى حزب العمال منصب رئاسة الوزراء آخر مرة عام 2010 عندما كان غوردن براون فيه، ويستعد اليوم للعودة إلى السلطة في أعقاب انتخابات عامة ينبغي أن تجري بحلول يناير 2025 كأقصى حد.

ومني حزب العمال في آخر انتخابات على مستوى البلاد عام 2019 بأسوأ هزيمة انتخابية منذ العام 1935 في عهد الزعيم اليساري المتشدد جيريمي كوربن. لكن بعد الهزيمة الكبيرة أمام المحافظين بزعامة بوريس جونسون حينذاك، أعاد ستارمر الدفع قدما بالحزب.

أشاد العضو المخضرم في الحزب بيتر ماندلسون الذي هندس عملية تغيير صورة “العمّال” قبل الفوز الساحق الذي أوصل توني بلير إلى السلطة في العام 1997، بستارمر، معتبرا أنه أعاد الفصيل السياسي إلى المنافسة. وقال إن ستارمر أعاد حزب العمّال إلى “وضعه الطبيعي”. وكشفت استطلاعات مؤخرا أن الفجوة تتقلّص بعدما أعلن سوناك عن سياسات شعبوية تسعى لتحديد الفوارق بين المحافظين الذين يميلون بشكل متزايد إلى اليمين ومعارضيهم.

لكن استطلاعا أجرته صحيفة “أوبزرفر” الأسبوعية في كل دائرة انتخابية على حدة، توقّع فوزا كاسحا للعمال إلا إذا نجح سوناك في تقليص الفجوة. واستطلع التحليل الذي أجرته شركة “سورفيشن” للاستطلاعات بتكليف من مجموعة “38 دغريز” الناشطة آراء أكثر من 11 ألف ناخب قبل وقت قصير من مؤتمر حزب المحافظين.

ويواجه ستارمر الذي كان يشغل منصب المدعي العام سابقا، اتهامات متكررة بمبالغته في الحذر وفشله في توضيح مواقفه بشكل دقيق. واستبعد عددا من الأمور بينها إلغاء رسوم التعليم الجامعي وإعادة بريطانيا إلى الاتحاد الأوروبي. كما تراجع عن زيادة الضرائب وقلّص خطة حزب العمال المرتبطة بالطاقة النظيفة، ما أفسح المجال للمحافظين باتّهامه بتبديل مواقفه حيال عدد من القضايا.

وأكد ستارمر في تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” الأحد أن خطة حكومة سوناك لترحيل مهاجرين إلى رواندا سيتمّ التخلي عنها. وتنظر المحكمة العليا حاليا في قانونية الإجراء قبل اتخاذ قرار بشأنه. ويتوقع منه مراقبون أن يقدّم تفاصيل عن سياسات العمال لدى تحدّثه خلال المؤتمر الثلاثاء.

العودة إلى الوضع الطبيعي

صوّر رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك حزبه المحافظ الحاكم على أنه قوّة التغيير في الانتخابات العامة المقبلة رغم قضائه 13 عاما في السلطة وتزايد مشاعر الاستياء حياله في أوساط الناخبين. وفي خطاب استمر أكثر من ساعة خلال مؤتمر الحزب السنوي الذي عقد في الرابع من أكتوبر الجاري، تعهّد سوناك بأن المحافظين الذين يتّجهون لتكبّد هزيمة في الانتخابات المقبلة وفق استطلاعات الرأي، سيحطّمون القالب الذي شكّل الحكومة على مدى السنوات الثلاثين الأخيرة.

وقال للحاضرين “سنتصرّف بجرأة وبشكل جذري. سنواجه مقاومة وسنكون لها”. وأضاف “سنعطي البلاد ما تحتاجه بشدّة ولكنها حُرمت منه مرّات عديدة”. ويؤذن خطاب سوناك الذي تضمّن إعلانات مهمة مرتبطة بالسياسة بما فيها إلغاء جزء من مشروع لسكة قطارات سريعة، بانطلاق حملة الانتخابات. وخلال المؤتمر الذي بدأ الأحد سعى المحافظون لتحديد الفوارق بينهم وبين حزب العمال المعارض. شمل ذلك إثارة قضايا “الحرب الثقافية” مثل تلك المرتبطة بالبيئة وحقوق المثليين والمتحولين جنسيا.

لكن استطلاعات الرأي الأخيرة تشير إلى أن أمام المحافظين مهمة صعبة إذا كانوا ينوون الفوز بولاية سادسة في السلطة. وأشار استطلاع جديد لشركة “سافانتا” نُشر قبل إلقاء سوناك خطابه إلى تقدّم العمال بعشرين نقطة مئوية، وتأخّر سوناك عن زعيم حزب العمال كير ستارمر في شعبيته على الصعيد الشخصي بـ12 نقطة.

ويتعيّن على سوناك، وزير المال السابق الذي انتخبه أعضاء الحزب كزعيم للمحافظين في أكتوبر الماضي، الدعوة إلى الانتخابات بحلول يناير 2025 على أبعد تقدير. وتسود تساؤلات بشأن موعد سعيه لتأكيد تفويضه من قبل الحزب في أوساط القاعدة الانتخابية الأوسع، فيما يحاول خفض التضخم المرتفع الذي أدى إلى أزمة تكاليف معيشة وإضرابات في عدد من القطاعات.

لكن إقناع الناخبين باختيار المحافظين مجددا سيشكّل مهمة صعبة للغاية، نظرا إلى تململ كثر من أعضاء الحزب الذي ما زال في السلطة منذ 2010 وفترات الاضطرابات التي شهدها عهدا سلفيه ليز تراس وبوريس جونسون. ويمكن لثلاث جولات انتخابات تكميلية وشيكة أن تكشف حجم المهمة المحدقة، إذ يواجه المحافظون خطر خسارة كل منها رغم فوزهم في اثنتين عام 2019.

وبدا أن العديد من أنصار الحزب رحّبوا بخطاب سوناك، إذ قوبل بتصفيق حار فيما وقف البعض تأييدا له. لكن الخبراء يؤكدون بأن الأهم هي المواقف خارج القاعة. وقال الاستاذ المساعد في السياسية العامة والإستراتيجيات في جامعة أنغليا روسكين ريتشارد كار "الحقيقة هي أنه لم تعد لديهم (المحافظون) مساحة" للمناورة. وتابع "في مواجهة معارضة عمالية تبدو أمورها منظمة، تبدو النتيجة الأرجح هزيمة انتخابية كبيرة".

أمسية رمضانية في باريس: شخصيات بارزة تؤكد دعمها للمقاومة الإيرانية


مريم رجوي: لا إكراه في الدين ولا للدين القسري


المقاومة الإيرانية بعد باريس في واشنطن


قرار مجلس النواب الأمريكي رقم 166 يُقدَّم بدعم أكثر من 150 نائبًا – تأييد لمطلب الشعب الإيراني بإقامة جمهورية ديمقراطية