شؤون العرب والخليج
الأردن يراهن على الاستثمار العربي لتحفيز القطاع المصرفي
سقف الطموح مرتفع، أليس كذلك؟
يسعى القطاع المصرفي الأردني إلى تعزيز مستويات الاستثمار الداخلي والخارجي، خاصة وأن هناك العديد من المبادرات لجذب المزيد من الاستثمارات الإقليمية إلى السوق الآخذة في النمو.
ويعتبر القطاع أن التعاون مع أصحاب المؤسسات المالية العربية والمستثمرين من المنطقة، سواء بالاستحواذات أو الاندماجات أو شراء حصص في بنوك حكومية أو خاصة، سيتيح تطوير الخدمات ويمنح حرية أكبر في نقل وتحويل والأموال ويحسن النمو.
وأظهرت بيانات بورصة عمّان أن للبنوك الأردنية المدرجة دورا قياديا وحيويا في تعزيز السوق المالية عبر استحواذها على حصة كبيرة تصل إلى 48 في المئة بالمتوسط خلال الفترة من 2018 و2021، بينما تقاسمت بقية القطاعات النسبة المتبقية.
ويعد العائد على حقوق المساهمين في القطاع ضمن المستويات المقبولة والملائمة، والتي تقول أوساط مالية محلية إنها تعكس حصافة القطاع لتحقيق التوازن المثالي بين تحقيق الأرباح وتلبية احتياجات الزبائن.
وتشير الإحصائيات إلى أن معدل العائد على حقوق المساهمين وصل إلى 8 في المئة نهاية العام الماضي، وهو عائد ملائم مقارنة مع القطاعات الاقتصادية الأخرى.
ويؤكد مدير عام جمعية البنوك الأردنية ماهر المحروق في تصريحات أوردتها وكالة الأنباء الأردنية الرسمية أن العلاقة بين المستثمرين العرب والقطاع المصرفي قوية وإيجابية.
وأوضح أنها تتميز بالتشارك وتبادل المنافع والفوائد بين الطرفين، إضافة إلى استقرارها ومتانتها رغم الظروف الاقتصادية والسياسية التي شهدها العالم خلال جائحة كورونا وما بعدها.
وقال إن “ملكية العرب في القطاع المصرفي تدلل على ثقة المستثمرين في القطاع، وحجم الاستثمار العربي في القطاع المصرفي الأردني”.
وبحسب مركز الإيداع بلغ حجم الأوراق المالية المملوكة للعرب بالبنوك المدرجة في سوق عمّان المالية نحو 1270 ورقة، وصل قيمتها الإجمالية إلى 3.57 مليار دينار (قرابة 5 مليارات دولار) في بداية شهر أكتوبر الحالي.
وتبلغ نسبة ملكية العرب في القطاع المصرفي نحو 64 في المئة من إجمالي ملكية العرب في القطاعات الاقتصادية كافة، ما يدلل على تركيز المستثمرين على القطاع المصرفي واهتمامهم به.
وأشار المحروق إلى أن تسجيل القطاع مجموعة من الاندماجات والاستحواذات خلال العقدين الأخيرين يعد قيمة مضافة للاستثمار العربي في هذا المجال، ما ساهم في إيجاد كيانات مصرفية كبيرة وأكثر قوة وصلابة وذات قواعد رأسمالية قوية.
ويرجح خبراء أن يشهد القطاع في الفترة المقبلة موجة أخرى من عمليات الشراء لإدارة التحديات الاقتصادية التي فرضتها التحولات، ومن أهمها التحول الرقمي وأزمة الجائحة والحرب في أوكرانيا ثم عودة التوترات في الشرق الأوسط.
ويحتل القطاع المصرفي الأردني المرتبة الـ13 على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من ناحية حجم الأصول، حيث يستحوذ على نحو اثنين في المئة من إجمالي موجودات القطاع المصرفي العربي.
وفي العام الماضي دخلت ثلاثة بنوك محلية ضمن لائحة أكبر ألف مصرف في العالم، وهي على الترتيب البنك العربي وبنك الإسكان للتجارة والتمويل وبنك الأردن.
وساهمت الاستثمارات العربية في توسع آفاق القطاع المصرفي الأردني، الذي يشغل حوالي 21 ألف موظف، حيث انعكس ذلك على حجم فروع البنوك محليا وخارجيا. ويصل عدد فروع البنوك في السوق المحلية إلى 944 فرعا ومكتبا، كما بلغ عددها في الخارج 195 وخمسة مكاتب تمثيل و23 مكتبا ووحدتي أفشور.
وأشار مدير جمعية البنوك إلى أنه نظرا لتطور القطاع وتصنيفه من قبل العديد من المؤسسات الدولية بأنه “سليم وآمن”، استطاع الانطلاق نحو الدول العربية والاستثمار في القطاعات المصرفية العربية والعمل في أسواقها.
وأبرز الدول التي يمتلك القطاع المصرفي الأردني فروعا أو استثمارات فيها، العراق والجزائر والسعودية ولبنان. وتشير بيانات اتحاد المصارف العربية إلى أن عدد البنوك العاملة في البلاد يبلغ 25 مصرفا، تشمل 16 مصرفا محليا أردنيا، وتنقسم إلى 13 مصرفا تجاريا وثلاثة مصارف إسلامية وتسعة مصارف أجنبية تشمل ثمانية تجارية ومصرفا إسلاميا واحدا.
ويرى المحروق أن للقطاع المصرفي دورا مهما في جذب وتعزيز مستويات الاستثمار الأجنبي والعربي، من خلال توفير الخدمات المالية الملائمة للمستثمرين.
ويعتقد أن ما يوفره قانون الاستثمار الجديد من سهولة نقل الأموال وتحويل العملات وفق الضوابط القانونية يبدو مغريا للمستثمرين، إضافة إلى توسع دور القطاع في تمويل مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص والمشاريع الاستثمارية الكبرى.
وبحسب بيانات جمعية البنوك الأردنية فإن القطاع صاحب النصيب الأكبر من الاستثمارات المستفيدة من قانون الاستثمار بحجم بلغ 904 ملايين دولار، بنسبة تصل إلى نحو 58.3 في المئة من إجمالي الاستثمارات المسجلة.
ووصل حجم التسهيلات الممنوحة للقطاع الصناعي إلى قرابة 5.1 مليار دولار، أي 12 في المئة من حجم التسهيلات الائتمانية الممنوحة من قبل البنوك في العام الماضي.
التسهيلات الائتمانية الممنوحة من البنوك نمت بحوالي 7.2 ضعف لترتفع من حوالي 6.34 مليار دولار إلى قرابة 45.44 مليار دولار
ويقول المحروق إن تلك الأرقام تقدم تصورا عن حجم استفادة الاستثمارات في القطاع الصناعي من التسهيلات الائتمانية المتأتية من القطاع المصرفي.
ولفت إلى أن تطور القطاع يتضح من خلال النظر في تطور مؤشراته الاقتصادية، ما يسهم في دفع عجلة التنمية وتحقيق معدلات النمو المستدام.
وتضاعف إجمالي موجودات البنوك بحوالي خمسة مرات ليرتفع من 18 مليار دولار في عام 2000 إلى 89.4 مليار دولار مع نهاية العام الماضي.
كما نمت التسهيلات الائتمانية الممنوحة من البنوك بحوالي 7.2 ضعف لترتفع من حوالي 6.34 مليار دولار إلى قرابة 45.44 مليار دولار.
وفضلا عن ذلك ارتفعت الودائع بأكثر من خمسة أضعاف لتزيد من نحو 11.46 مليار دولار إلى حوالي 58.7 مليار دولار خلال الفترة المذكورة.
ويستهدف القطاع خلال المرحلة المقبلة المواءمة مع متطلبات المستثمرين الباحثين عن المشاريع المستدامة عبر تطوير سياسات الاستثمار البيئي، وترقية البرامج التمويلية الخضراء لجميع القطاعات الاقتصادية.
ومن المتوقع أن تسهم البنوك المحلية بشكل مباشر في التحول إلى الاقتصاد الأخضر والدائري، ويعزز السعي نحو جذب استثمارات جديدة إلى البلاد أسوة بما تفعله دول الخليج العربي ومصر والمغرب.