شؤون العرب والخليج
اللبنانيون يخشون من الزج بهم في حرب لا يتحملون تبعاتها
على خط النار
يخشى اللبنانيون من أن يزج بهم حزب الله في مغامرة غير محسوبة ولا يستطيعون تحمل تبعاتها، في ظل التوترات الجارية على الجبهة الجنوبية مع إسرائيل.
واكتفى حزب الله حتى اللحظة بتدخّل محدود في الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة حماس، لكنّ الكثيرين يرون أن الحزب قد يفتح جبهة جديدة في حال شنّت الدولة العبرية هجوما بريا على غزة.
وشدد نواب معارضون في بيان الخميس على أن “استخدام الأراضي اللبنانية وربطها بمصالح إستراتيجية إيرانية مرفوض، وأيّ مغامرة يقوم بها حزب الله أو أيّ فصيل مسلح آخر، لبناني أو غير لبناني، بفتح جبهة الجنوب تحت شعار وحدة الساحات الذي يرفعه محور الممانعة بقيادة إيران مرفوضة رفضا باتا”.
وأوضح النواب في بيانهم أن “هشاشة الوضع في لبنان نتيجة ما يمر به من أزمات سياسية واقتصادية ومالية تحتم على الجميع السعي إلى الحفاظ على سيادة لبنان، ومن هذا المنطلق يشدد نواب قوى المعارضة على ضرورة تحصين الداخل عبر المسارعة إلى انتخاب رئيس للجمهورية يجمع اللبنانيين حول مشروع الدولة، ويمنع الزج بلبنان في حروب من قبل قوى خارجة عن الشرعية ويعيد تكوين السلطة القادرة على مواجهة التحديات”.
وقال رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي في وقت لاحق إن لبنان في عين العاصفة، وإن حكومته تشعر بالقلق الشديد حيال ما يحدث على الحدود الجنوبية.
وتجمع “غرفة عمليات مشتركة” حزب الله وحركة حماس مع حركة الجهاد الإسلامي وفيلق القدس الموكّل بالعمليات الخارجية في الحرس الثوري الإيراني، وفق ما يقول مصدر مقرب من حزب الله وسبق تشكيل هذه الغرفة بأشواط الهجوم في غزة.
وتنسّق هذه الأطراف منذ سنوات تحرّكاتها معاً في إطار “محور المقاومة” الذي يضمّ فصائل فلسطينية وأخرى من لبنان والعراق وسوريا ومجموعات أخرى مناوئة لإسرائيل، تتلقى دعماً بالمال والسلاح من إيران.
ويقول الباحث في مركز مالكوم كير- كارنيغي للشرق الأوسط مهند الحاج علي “في حال حدوث غزو برّي كامل لقطاع غزة، فإن ذلك سيستدعي دخول حزب الله إلى الساحة”.
ويشرح أنه “في حسابات حزب الله لناحية ‘وحدة الساحات’، فإن تعرض أيّ طرف من الأطراف المشاركة في التحالف (محور المقاومة) لهجوم حاسم قد يقضي بشكل كامل” عليه.
ويرى أن هزيمة حماس في أيّ حرب مقبلة “تعني طبعاً هزيمة مبكرة لحزب الله والتحالف الذي ينضوي ضمنه”.
وقال متحدث عسكري إسرائيلي الخميس إن الجيش يستعد لهجوم بري على غزة، لكنه ينتظر “ما ستقرره قيادتنا السياسية”.
وشنّت حماس السبت هجوما غير مسبوق على إسرائيل انطلاقا من غزة. وردت الدولة العبرية بقصف مكثّف على القطاع. وأوقع التصعيد الآلاف من القتلى من الجانبين.
ومنذ الأحد، تردّ إسرائيل على قصف يستهدفها بشكل يومي من جنوب لبنان، بدأه حزب الله بقصف مواقع تابعة لها في منطقة حدودية متنازع عليها.
وتبنّت حركة الجهاد الاسلامي الاثنين عملية تسلّل عبر الحدود، تصدّت لها إسرائيل، وردّت بقصف كثيف أوقع ثلاثة قتلى من عناصر حزب الله. كما تبنّت حماس إطلاق صواريخ الثلاثاء من جنوب لبنان باتجاه إسرائيل.
ورغم تبادل القصف الذي رفع منسوب التوتر عند الحدود، إلا أن تدخّل حزب الله المباشر ما زال محدوداً.
ويقول مصدر دبلوماسي غربي في بيروت لوكالة فرانس برس إنّ إسرائيل وحزب الله ما زالا حتى اللحظة “يلتزمان بقواعد الاشتباك” المعمول بها ضمنياً منذ صيف 2006.
لكنّ المصدر الدبلوماسي يشير إلى “خشية حقيقية من أن يتدهور الوضع في حال توفر عامل محرّك، على غرار هجوم بري في غزة أو مقتل مدنيين من الجانبين”.
ويقول الباحث آرام نيرغيزيان من معهد الدراسات الإستراتيجية والدولية إن “موقف حزب الله منذ عام 2006 كان يركز على الردع أكثر من المواجهة العسكرية”.
ويسيطر حزب الله بحكم الأمر الواقع على جنوب لبنان، رغم انتشار الجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة المؤقتة (يونيفيل). وهو يمتلك، وفق نيرغيزيان، “أكثر فأكثر مجموعة متطورة من القدرات الصاروخية”.
وفي منتصف أغسطس الماضي، قال الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله إن حزبه يستطيع إعادة إسرائيل إلى “العصر الحجري”، رداً على توعّد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت خلال جولة حدودية بإعادة لبنان “إلى العصر الحجري” إذا استفزّ الحزب إسرائيل.
وقال نصرالله حينها إنّ حزبه يحتاج إلى “بضعة صواريخ دقيقة” لتدمير لائحة أهداف عدّدها، خصوصا منها “المطارات المدنية، المطارات العسكرية، قواعد سلاح الجو، محطات توليد الكهرباء وتوزيعها، محطات المياه، مراكز الاتصالات الرئيسية، مجموعة من البنى التحتية، مصافي النفط والبنزين والأمونيا”، إضافة إلى “مفاعل ديمونا” النووي في جنوب الدولة العبرية.
وفي مايو الماضي، أقام حزب الله مناورة أمام وسائل الإعلام في جنوب لبنان، تخللتها محاكاة لهجمات ضد أهداف إسرائيلية ولاقتحام الجدار الحدودي الفاصل، في تكتيك مماثل لما قامت به حماس في هجوم غزة.
وحذرت إسرائيل والولايات المتحدة، التي أرسلت إثر هجوم غزة حاملة الطائرات “يو إس إس جيرالد آر فورد” والسفن الحربية المرافقة لها إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، حزب الله من مغبّة فتح جبهة جديدة مع إسرائيل.