شؤون العرب والخليج

فك الارتباط اللغوي بين الجزائر وفرنسا لا يغفل السجالات السياسية

توجهات جديدة بإدراج اللغة الإنجليزية في التعليم الابتدائي

الجزائر

برّر وزيرا التربية والاتصال في الحكومة الجزائرية قرار فرض البرنامج التعليمي الوطني على المدارس التعليمية الخاصة، واعتبراه قرارا سياديا ينهي حالة من الانفلات في المنظومة التربوية، فاعتماد تلك المدارس لبرنامج تعليمي فرنسي طيلة عقود يتنافى مع أبجديات السيادة الوطنية، الأمر الذي يحيل المسألة على مناخ فك الارتباط اللغوي السائد بين الجزائر وفرنسا في خضم تجاذبات سياسية بين البلدين ألقت بظلالها على مكانة اللغة الفرنسية في الجزائر.

وأدرج وزير الاتصال الجزائري محمد لعقاب مسألة فرض الحكومة للبرنامج التعليمي الرسمي على المدارس والمؤسسات التعليمية الخاصة في خانة ما أسماه بـ”سيادة الدولة”، و”إعادة الانسجام والتكامل داخل المنظومة التعليمية في البلاد بعد عقود من الانفلات”، في إشارة إلى تنفيذ تلك المؤسسات لبرنامج تعليمي فرنسي، بدعوى تقديم خدمة بيداغوجية راقية، واتهامها للمدرسة الحكومية بالتخلف وعدم مواكبة الأنماط الحديثة.

وقال لعقاب إن “أولياء التلاميذ ومسؤولي بعض المؤسسات يقولون إن الدولة فاجأتهم بهذا القرار، أقول لهم، نعم أنتم فاجأتم الدولة وباغتّموها، والدولة الآن فاجأتكم وباغتتكم، والآن ما عليكم إلا أن تشتغلوا بطريقة قانونية”.

وتساءل الوزير “هذه برامج أجنبية في مدارس جزائرية هل يسمح لنا في بلدان أجنبية بتدريس البرامج الجزائرية بدون وجود اتفاقية؟ لا، لا يسمح بذلك”.

وأضاف “الذي حدث أن الدولة خلال سنوات مضت فقدت هيبتها واستغلوا هذه الظروف وباغتوا الدولة وقاموا بتدريس برامج أجنبية، حاليا الدولة تسترجع هيبتها تدريجيا وباغتتهم بدورها وألزمتهم بالعمل بطريقة قانونية”.

وأوضح المتحدث أنه “أُعطيت للقضية أبعاد أخرى وقراءات خاطئة وكأننا نستهدف لغة. أبدا، نحن نطبق القانون، خاصة وأن القانون التوجيهي للتربية الوطنية الصادر في 2008 وقبله قانون 2005، يفرض على المدارس الخاصة تدريس البرنامج التعليمي الجزائري”.

وكانت رسالة الوزير موجهة للدوائر والنخب الفرنسية، والتي تواليها في الجزائر في إطار ما يعرف بـ”لوبيات الفرانكفونية”، والتي أثارت لغطا سياسيا وإعلاميا حول تراجع اللغة الفرنسية في الجزائر تحت تأثير توجهات سياسية تدفع باتجاه فك الارتباط اللغوي والثقافي بين الشعبين والبلدين.

وأظهرت الجزائر في السنوات الأخيرة نوايا حقيقية للاستغناء عن الفرنسية كلغة أجنبية أولى في البلاد، حيث شرعت مختلف الدوائر الحكومية بدءا من الوزارات وصولا إلى أبسط المؤسسات في استعمال العربية كلغة إدارية في معاملاتها، كما تم بداية من الموسم الدراسي الحالي إدراج اللغة الإنجليزية في التعليم الابتدائي، والتحضير لتعميمها في التعليم العالي، الأمر الذي اعتبرته تلك الدوائر حملة منظمة على الموروث الفرنسي في الجزائر.

ويبدو أن التوجهات التعليمية المذكورة استفادت كثيرا من العلاقات الدبلوماسية المتذبذبة والأزمات السياسية غير المعلنة بين الجزائر وفرنسا، وسمحت للقائمين عليها بالعمل خارج الضغوطات الممكنة في وقت كانت العلاقات طبيعية بين الطرفين، حيث يبدي الفرنسيون منذ عقود تمسكا بالجذور الثقافية واللغوية في الجزائر.

ولإبعاد التأويلات السياسية التي يتم تداولها في بعض الدوائر الفرنسية، صرح وزير التربية الجزائري عبدالحكيم بلعابد بأن “قرار السلطات منع تدريس المناهج الفرنسية في المدارس الخاصة لا يستهدف اللغة، وإنما هو تطبيق للقانون الذي يفرض تدريس المناهج الجزائرية دون سواها”.

وأضاف “في بلادنا توجد 680 مدرسة خاصة وهي تخضع للقوانين، وكلها تأمر بتطبيق البرنامج التربوي الوطني دون سواه، والبرنامج الوطني هو هوية المجتمع وكل ما يحمله من قيم”.

ولفت إلى أن “المدارس الخاصة كانت تتعامل مع السفارة الفرنسية من خلال وكالة التعليم الفرنسي في الخارج التابعة للحكومة، وقد تم وقف هذا التعاون، وأن هناك مجموعة من المدارس انخرطت في علامة بيداغوجية غير مرخصة في مؤسساتنا”.

وتفاجأت كوادر بيداغوجية وإدارية وأولياء التلاميذ في بداية الدخول المدرسي بمنع ازدواجية المناهج في المدارس الخاصة التي كانت تعتمد المناهج الفرنسية إلى جانب المناهج الجزائرية الإجبارية، خاصة أن السلطات لم تعلن ذلك عبر وسائل الإعلام وإنما اكتفت بإبلاغ أصحاب المدارس.

ويرى هؤلاء أن “إلزام المدارس الخاصة بتدريس المنهاج الوطني سيربك التلاميذ، خاصة في المرحلة الثانوية؛ فالانتقال من طريقة تدريس فرنسية 100 في المئة إلى برنامج وطني باللغة العربية يحتاج إلى وقت للتأقلم من ستة أشهر إلى سنة”.

ويشكل السجال اللغوي القائم حول فرض المنهاج التعليمي الوطني في المدارس الخاصة حلقة جديدة من صراع ثقافي وأيديولوجي في الجزائر بين أنصار الهوية الوطنية المعروفين بـ”المعرّبين”، وبين أنصار التيار الفرانكفوني الموالي لفرنسا، والداعم لتبعية لغوية وثقافية بين الجزائر وفرنسا.

ويرى هؤلاء أن “إدخال الإنجليزية في الابتدائي ثم منع تدريس البرامج الفرنسية في المدارس الخاصة هما نتيجة للخلافات السياسية بين الجزائر وباريس التي برزت من خلال التأجيل المتكرر لزيارة الرئيس عبدالمجيد تبون إلى فرنسا”.

بينما يرى خصومهم أن “اللغة الفرنسية لم تعد لغة علم وتكنولوجيا، وأن الإنجليزية هي المفتاح الأساسي لأي عصرنة بما في ذلك في فرنسا، كما أن الجزائر لا بد أن تتحرر من الهيمنة التي فرضت على منظومتها التعليمية والإدارية، احتراما لهوية وثوابت الشعب، وانفتاحا على لغة العصر”.

ويرى الأكاديمي والنقابي مزيان مريان أن “الحكومات السابقة أخطأت بغض الطرف عن اعتماد بعض المدارس الخاصة للمنهاج الفرنسي، وأن ما ليس قانونيا كاد أن يصبح قانونيا بحكم الأمر الواقع، رغم وجود دفتر شروط يوقع عليه أصحاب المدارس الخاصة، وينص صراحة على أن التدريس يكون حصرا للمنهاج التعليمي الوطني”.

وقال “الهدف من التدريس بالمنهاج الفرنسي هو تمكين التلاميذ من اجتياز شهادة البكالوريا الفرنسية، التي تمكنهم من الالتحاق بالجامعات الفرنسية مباشرة، ودون المرور عبر اختبارات ومسار المركز الثقافي الفرنسي، وأن الجزائريين في السابق كانوا ينتقلون إلى تونس لاجتياز البكالوريا الفرنسية، وأن المدارس الخاصة الجزائرية عملت على هذه النقطة”.

وتابع “هذه المدارس غالطت السلطات عندما زعمت أنها تعتمد منهاجا مزدوجا يجمع البرنامج الوطني بالفرنسي، لأن هذا غير ممكن بيداغوجيا.. كانت تتحايل على المفتشين بهذه الطريقة، غير أنها اعتمدت حصرا البرنامج الفرنسي في تدريس جميع المواد”.

وكالة أنباء تابعة لحرس النظام الإيراني تدعو إلى تكرار مجزرة عام 1988


تصاعد حرب العصابات داخل النظام الإيراني وسط الأزمات: حملة لإقالة بزشکیان


وكالة الأنباء الفرنسية: 159 نائباً فرنسياً يدعون إلى “بديل ديمقراطي” في إيران


إضراب عن الطعام في 47 سجنًا في إيران: حملة “لا للإعدام” تتواصل للأسبوع السادس والسبعين